بقلم: محمود الزهيري
ليس هذا وطن، بل ساحات حرب عصابات إجرامية منظمة، متناثرة كوباء طال كل شيء، وطال كل القيم والمعايير الإنسانية والأديان، وانبسط بإجرام متعمد علي روح الإنسان ذاته!!
هؤلاء ليسو مؤمنين بل مجرمين إرتدوا عن عمد ثوب الدين لتحقيق مصالح الدنيا الخاصة بهم وحدهم، فكانوا نوابًا ووكلاءًا عن الله في أرض الله بإرادة المصلحة، لتصير أقوالهم ومأثوراتهم وكأنها أوامر صادرة مباشرة من الله للتنفيذ، بلا مناقشة، وبلا مجادلة، وبلا حوار، فكانت وكأنها عقاقير مخدرة تحرم الناس من جنة الدنيا، لتكون لهؤلاء المجرمين أدعياء الإنابة والوكالة عن الله في أرض الله، وتكون الدنيا نارًا لهم، والجنة مؤجلة لهم للآخرة !!
هؤلاء ليسو مواطنين بل مجرمين إرتدوا ثوب الوطنية وتحدثوا نيابة عن الوطن والمواطن، وهم لصوص الوطن وسارقي وقاتلي المواطنين بالإستبداد والطغيان، والفقر والجوع والمرض، هم تجار الأوطان بدعوى الوطنية!
أيادي مَن تلك الأيادي الآثمة المجرمة، والوجوه القميئة القبيحة، والقلوب السوداء المظلمة بنيران الحقد والغل والكراهية والأنانية المفرطة لحد القتل والتي حولت العيد لمأتم، والفرح لحزن، والسعادة لشقاء، واستبدلت الخوف بالأمان، ولطخت دور العبادة بالدم في يوم العيد بديلاً عن الورد؟!!
كيف يترك مسجل خطر علي الأمان والطمأنينة؟ وليس الأمن، فالأمن يعرفهم، ويوظفهم في أدوار إجرامية تخدم علي المنظومة الأمنية، التي تقوم بدور الخادم لأمن النظام الحاكم، وليس لأمن المجتمع.
إنها أيادي تنتسب لمنتجات أفهام سقيمة وعقول مريضة، اعتقدت حينما تحمل سكينًا أو خنجرًا، أو بندقية أومسدسًا، أن أياديهم هي يد الله التي تقتل، ويد أنبياؤه التي تغتال وتنتقم تارة بالقتل وتارة بالحرق وتارة أخرى بالإتلاف والتبديد، وحينما تدعو ألسنتهم وتبتهل بالدعاء باللعنات والهلاك والتبرئة من المغايرين لهم في الدين، يعتقدون أن لسان الله هو الذي يدعو وألسنة أنبياؤه هي التي تبتهل بأدعية الهلاك لغيرهم في الدين، واسألوا ما تم الإتفاق على تسميته بعقيدة الولاء والبراء!!
اسألوا المقررات الدراسية في التعليم بشقيه الديني / الأزهري والعام، وفتشوا في النصوص والكتب لتجدوا ولتتعرفوا علي اليد القاتلة المجرمة الإرهابية الكافرة بالوطن!
فتشوا عن خطباء المساجد ووعاظها وراجعوا أبواب الفقه والحديث، وكتب التفسير والعقيدة، وأهل الذمة والجزية، والمفاهيم الدينية العتيقة المتوارثة، والتي يتم التعامل مع نصوصها لتنتج لغة القتل والعنف والإرهاب أوالكراهية والازدراء والتحقير على أقل وأبسط تقدير!!
فتشوا عن اللغة الدينية الرسمية التي يتحدث بها رجال الدين من موظفي الدولة، والتي تحمل أكثر من معني في آن واحد، فهي تحمل معاني السلام الإجتماعي وفي ذات الوقت تحمل معاني القتل والإرهاب.
فتشوا في المناسبات التي يتقابل فيها رجال الأديان، مع أن الأديان ليس لها رجال ولا نساء، ولكن الأديان لها مؤمنين وفقط، شاهدوهم وهم يعانقوا بعضهم البعض عناقات حارة، لا تتوافر حتى للأوفياء في الحب والوجد والعشق والغرام، فتشوا عنهم وهم تحت مظلة واحدة تستظلهم بالفساد والإستبداد والطغيان والظلم، وهم لا ينصاعوا لهموم المواطنين، وإنما ينصاعوا لإرضاء هذه السلطة الظالمة المتجبرة وإرضاء مصالحهم.
فتشوا عن أهواء وأغراض ومصالح نظام الإستبداد في توظيفاته السياسية حتى للجماعات الدينية الإرهابية، وتوظيفات هذا النظام لهذه الجماعات ليقوموا بالدور البديل لأمراء الأمن، وتفعيل إستثمارات أمراء الجهاد للتلويح بها للغرب علي أن رحيل هذا النظام سيكون البديل عنه هو المجازر لغير المسلمين، وانتشار جثثهم على سطح النيل!!
فتشوا عن الدورالأمني البديل لدورالقضاء في حل وإنهاء النزاعات الإجرامية التي تنتهي غالبًا بقرارات أمنية، وليس بأحكام قضائية!!
فتشوا عن رجال الكنيسة المصرية، ومدي توافقها الظاهري مع منظومة الطغيان والإستبداد والقتل، والتي تبارك هذه المنظومة وتؤيدها ظاهريًا وتدعوا الأقباط المسيحيين لتأييد هذه المنظومة الطاغية ظاهريًا كذلك، والوقوف خلفها وتأييدها في مواجهة المجتمع المصري، حال كون الكنائس لا تخلو من الأمن والعسس ليس للحفاظ على الكنائس ومرتاديها من المؤمنين، ولكن للتجسس وإملاء الشروط السياسية بلغة أمنية قميئة، والكنيسة المصرية لا تستطيع إلا أن تماري وتجاري..
فتشوا عن دور بعض أقباط المهجر ومدى الموائمات التي يصطنعوها حتى مع النظام الحاكم بدعوى الحوار، وتفعيل المصلحة الوطنية، وزيارة مبارك الأب للولايات المتحدة الأمريكية، ومدى فشل الوقفات الإحتجاجية والتظاهرات حتي في أمريكا بلد الحريات، وإلى أي مدى وصلوا في عدم الإتفاق علي قرار، وكان هذا الفشل راجع لأسباب مردودها إلي الكنيسة المصرية التي يتم التلويح لها بالعصا السياسية الثقيلة على كاهل الكنيسة المصرية، وشعب الكنيسة!!
فتشوا عن أحوالنا، وكيف رضيت القيادات الدينية والنخب والكاريزما والمثقفين، الذين آثر معظمهم الصمت عن تلك الجرائم، وحاربوا طواحين الهواء مع الغرب وأمريكا وإسرائيل، وعملوا على محاربة إتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية بأبعادها المخجلة وشروطها المذلة، وناضلوا من أجل الجدار العازل في فلسطين المحتلة، والجدار الفولاذي في مصر المحتلة من النظام الذي ينسب إلي الوطن مصر، ولم ينفعلوا لفرض إتفاقية للسلام الإجتماعي المصري بين المواطنين المصريين .
فتشوا في أنفسكم وحاكموها، حاكموا الآخر الداخلي، والأنا الغرائزية المصلحية التي ترتفع علي المجتمع وتؤثر ذاتها علي ذات المجتمع!!
فمن القاتل إذًا؟!!
القاتل الحقيقي هو من قدم الأمة الإسلامية أو الأمة العربية على الأمة المصرية.
القاتل الحقيقي هو من أمم الدين ومؤسساته لمصلحة بقائه وظف أتباعه وجعل منهم رجاله وعملائه.
القاتل الحقيقي هو من جعل من الأقباط المسيحين رهينة، يساوم ويفاوض عليها في استمرار منظومة بقاؤه في الإستبداد والفساد والطغيان.
القاتل الحقيقي هو النظام المصري الحاكم بأذرعه الأمنية والدينية على السواء.
فيد من إذًا التي قتلت العيد واغتالت أفراحه في موقعة نجع حمادي، أو غزوة دشنا؟!!
mahmoudelzohery@yahoo.com |