CET 00:00:00 - 11/01/2010

مساحة رأي

بقلم: إبرام مقار
لم أقابله من قبل ولكني أعرفه جيدًا، كان يعيش في مكان يبعد عني بعشرات الآلاف من الكيلو مترات، ولكني كنت أشعر أنه قريب جدًا لي، الفرق بيننا في العمر عشرات السنوات، فتعلمتُ منه ما لم أتعلمه من أحد آخر، إنه الراحل المهندس عدلي أبادير يوسف الذي أُرسلت آلاف التعزيات من كل أنحاء العالم تأسف لرحيله، والتي توجه المئات من تلاميذه نشطاء الأقباط من جميع دول العالم إلى سويسرا لحضور صلاة الجناز على روحة الطاهرة، والذي كُتبت ومازالت تنشر عشرات المقالات عنه.

وأعرف صديقًا يعيش هنا في كندا وهو ليس معروفًا بين نشطاء الأقباط، إلا أنه اتصل بي ليقول إنه بكي عليه مثل الأطفال عندما سمع خبر رحيله. كل هذا بالرغم من توقع الجميع أن هذا الرحيل سيحدث آجلاً أم عاجلاً.
ولكن السؤال هو لماذا كل هذا الحب؟ الحقيقة أن سبب كل هذا أنه يكفي أن تستمع للمهندس عدلي، لتعرف أن كل قبطي في العالم، وإن كان له من يحبونه، إلا أنَّ هناك شخصًا آخر يُحبه ويشعر به تمامًا في محنته، ويتألم لألمه، فقد دافع عن المضطهدين كأنه مضطهد، فكان يتألم لاختطاف قاصر أو لقبطي حُرم من وظيفة يستحقها كأنه أبيه.

فيكفي أن تستمع للمهندس عدلي أبادير لترى يوحنا المعمدان الذي لم ترَه، ولترى قوة بولس الرسول، وإيمان شهداء القرن الثالث، الذي لم نعِشه، لذلك أعتقد أن أبادير لو لم يكن مهندسًا، لكان مبشرًا، فلديه الكثير من إيمان الرسل وقوتهم، كان مثل الأنبا إبرآم في عطاءه للمحتاجين، ولكنه أعطى عكازًا للكسيح من المرض، وللضعيف الذي انحنى من كثرة الاضطهاد والظلم.
أبادير أسس ما يُسمى بالإعلام القبطي والذي تعلمنا جميعًا على يديه، شعبًا بل وإكليروس، وساهم بموقعة "الأقباط متحدون"، والمؤتمرات القبطية في الخارج، ليس فقط في عالمية القضية القبطية، والتي أصبح العالم أجمع يعرف معاناة الأقباط في وطنهم، ولكن بتغيير مفاهيم الكثير من الأقباط وشعورهم بإخوتهم باقي أعضاء الجسد الواحد، وتحولنا جميعًا من قراء إلى مشاركين، مئات ومئات من جيلي تربوا وتعلموا القضية القبطية وتغيرت حياتهم وتفكيرهم بجهود المهندس عدلي.

رحل أبادير في آخر ساعات من عام 2009، وكأن العام الماضي لم يكتفِ بخمسة وأربعين اعتداءً على الأقباط، ولكن برحيل أبٍ ومرشد ومعلم لهم.
عزاؤنا الوحيد هو الراحة في فردوس النعيم واستقبال الشهداء لكَ، ولا سيما شهداء الكشح وشهداء ديروط وصنبو وشهداء القوصية وشهداء أبي قرقاص، الذين بالتأكيد سيعدون لكَ احتفالاً خاصًا في السماء، لأنكَ أكثر من دافعت عنهم على الأرض.
نم مطمئنًا فقد تركتَ فكرًا وحبًا وإخلاصًا سيُورَّث من جيلٍ إلى جيل، واذكرنا أمام عرش النعمة حتى نلقاكَ، ولن نجد أمام الله العادل أفضل منكَ ليرفع آنين المضطهدين في عصرنا الحالي.. فأنت عشتَ بينهم بل وفي قلبهم.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق