CET 00:00:00 - 12/01/2010

المصري افندي

بقلم: جرجس بشرى
من يتابع بدقة وحيادية الأوضاع التي يعيشها الأقباط في مصر، يُدرك وللوهلة الأولى الاضطهاد الذي تمارسه الحكومة بكل مؤسساتها وأبواقها تجاههم، فهو اضطهاد ديني بحت، فقد ذكرتُ بل وأكدتُ من قبل، ومن على هذا المِنبر الحقوقي الحُر أن الحكومات المصرية المُتتابعة قد عقدت النية على تهميش الوجود المسيحي في مصر، ومقاومة المسيحية نفسها كدين في كل هُدب وصوب، لدرجة مقاومة الأجهزة الأمنية المصرية التي أصبحت بمثابة أجهزة للأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر لبناء بل وترميم الكنائس، ووصل الغباء بهذه الأجهزة إلى قيامها بالقبض على مسيحيين يُصلون ويؤدون شعائرهم الدينية في منازلهم!

 كما وصل الأمر إلى فرض حراسة أمنية على منازلهم، وهو ما يُبرر لنا عدم إصدار القانون الموحد لدور العبادة حتى هذه اللحظة! وهذه السياسات الغبية والممارسات الاضطهادية التي تمارسها الحكومة المصرية بكافة مؤسساتها وأجهزتها المحلية تستند في الأساس إلى نصوص فقهية إسلامية لشيوخ متطرفين ترى أن المسيحيين واليهود كفرة، وأنه يجب قتالهم في كل مكان، وأن الكنائس المسيحية هي بيوت للشرك وللكفر ولا يجب بناؤها، كما أن إفلات المسلمين المعتدين على الأقباط (المسيحيين) في كافة الحوادث الطائفية، إنما يرجع في الأساس إلى آراء  فقهية إسلامية متطرفة تطرفًا شديدًا بعيدة كل البعد عن الإسلام الوسطي المعتدل.
ومن متابعتي للملف القبطي أرى أنه يُدار من الأزهر، ولن أكون مُبالغًا إذا قلتُ إن إدارة هذا الملف متروكة، ومن الجائز أن تكون منظمة المؤتمر الإسلامي بل واتحاد البرلمانات الإسلامية متحكمة فيه!!

أما بالنسبة للجريمة البشعة التي تمت في نجع حمادي مؤخرًا،  فهي نتيجة طبيعية لوجود دولة دينية إسلامية في مصر تدعمها الحكومة المصرية ومؤسسة الرئاسة، ومن السذاجة والهبل أن تخرج علينا الحكومة المصرية من خلال إعلامها المتأسلم لتدعي أن جريمة نجع حمادي جريمة فردية وجنائية بل ووصلت البجاحة لأن تم الربط بين الحادث واغتصاب فتاة مسلمة من قَِبل شاب قبطي!!
 وهذه الأقاويل والادعاءات الباطلة التي أطلقتها الحكومة المصرية عبر أبواقها الإعلامية وتابعيها تدل على سذاجة وغباء هذه الحكومة، للتعتيم على حجم الكارثة والجريمة اللاإنسانية التي حدثت ليلة عيد الميلاد المجيد بحق الأقباط المسالمين العُزل، والتي راح ضحيتها ستة أقباط "مسيحيين" ومسلم واحد، وحوالي عشرون مصابًا بعضهم في حالة حرجة، بعد أن أطلق الجُناة عليهم النار في الشارع وهم خارجين من تأدية شعائرهم الدينية، وأظن (والظن هنا ليس إثمًا) أن الجهاز الأمني المصري المتأسلم لو كان يُريد منع وقوع الحادث لكان في استطاعته أن يمنعه، خاصة وأن نيافة الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي قد أطلق تحذيرات بأن هناك نارًا ما زالت تسري تحت الرماد بعد أحداث فرشوط الإجرامية التي تمت بنفس المحافظة منذ وقتٍ قليل.

أما قول الأمن بأن المجرمين الذين ارتكبوا الجريمة البشعة بنجع حمادي مسجلون خطر، فعادة ما يستعين الأمن بمسجلين خطر ليفلت الجناة الحقيقون من العقوبة، ومعروف عن الجهاز الأمني الكفء أنه لا يترك شيئًا للصدفة سواءًا كانت الصدفة سيئة أو طيبة!!
ومن هنا، فإن هذا الحادث البشع الذي لم نسمع فيه للرئيس حسني مبارك صوتًا أو رسالة تعزية لأسر الضحايا، يُعتبر حادثًا دينيًا بحتًا واستنساخًا لجريمة الكشح البشعة ولكن بصورة وتوقيت مختلفين إلى حد ما!!

إنني أطالب المجتمع الدولي وكافة المنظمات الحقوقية العالمية بالتدخل العاجل وإرسال بعثة تقصي حقائق محايدة في هذا الحادث البشع، لأن إجراءات سير العدالة والتحقيقات في المذابح الحادثة ضد الأقباط  تنتهي بتبرئة الجناة المسلمين وإفلاتهم من العقوبة، والغريب أيضًا أننا لم نسمع للبيت الأبيض صوت إدانة في هذا الحادث، فهو كثيرًا ما يُدين المذابح التي تحدث في غزة وأعمال العنف التي تحدث في اليمن وغيرها من الدول العربية، فلماذا صمت البيت الأبيض؟ وأطالب المحكمة الجنائية الدولية باستصدار مذكرة توقيف بحق محافظ قنا ومدير الأمن، بسبب حادثي فرشوط ونجع حمادي اللذين وقعا في فترات متقاربة، كما أطالب الرئيس مبارك بإقالة السيد اللواء حبيب العادلي بسبب عدم قدرة أجهزته الأمنية على حماية المسيحيين ووقف نزيف الدم القبطي في مصر خلال السنوات الماضية.
 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق