إيلاف - فتحي الشيخ |
25 عوامة فقط من 500 عوامة هي الباقية على النيل في مصر في المنطقة المحصورة بين كوبري امبابة و15 مايو. فقد كانت العوامات في فترات طويلة من القرن الماضي مكانا للنخبة في مصر لدرجة ان أحد رؤساء الوزراء كان يجتمع بافراد وزارته في احد هذه العوامات. وكان ملاك العوامات من طبقة الباشوات وكانت بمثابة بيت صيفي لهم. وكان من سكانها فنانون أيضاً. وكان مكانها أمام منطقة العجوزة وحي الزمالك المقابل له. وتم نقلها في الستينات بقرار من وزير الداخلية، إذ قيل أن وراء هذا القرار أسباب شخصية. ومنذ ذلك التاريخ بدأ عدد العوامات في النيل يقل كل عام عن الذي قبله حتى وصلت الى 25 عوامة مازالت تطفو على سطح النيل كشاهد على عصر مضى تحمل جزءاً من أسراره. كل عوامة تختلف عن الأخرى.. ولكل عوامة شخصيتها ولونها وشبابها أو كهولتها.. ووجوه آدمية تتراءى في نوافذها.. هكذا وصف نجيب محفوظ الأديب المصري الحاصل على جائزة نوبل الذي كان من أبرز عشاق العوامات. وكان يقيم في الدور الثاني من عوامة حسين دياب باشا وعاش فيها لمدة خمسة وعشرين عاما. ولهذا السبب أيضا تبدوا العوامات الموجودة الان وكانها تنتمي لزمن مختلف واشخاص اخرين. يحكي عشري محمود، 56 سنة، حارس احد العوامات قائلا: انها كانت سكن الباشوات والاثرياء و بعض الاجانب حين كانت في منطقة العجوزة. و يفصل بين كل عوامة والاخري ستة امتار وكان هناك صفان بجوار بعض من العوامات. وكان اهلها يشترون ما يلزمهم من خضار وفاكهة عن طريق المراكب التي تمر على العوامات. وكان هناك بعض الفنانين لهم ايضا عوامات مثل فريد الاطراش الذي كانت العوامة الخاصة به مبنية على الطراز العربي. وايضا الفنان محمد الكحلاوي ومنيرة المهدية التي باعت الفيلا الخاصة بها واتت لكي تسكن في العوامة في الستينات. ولكنها تركتها بعد ذلك. وكثير من سكان العوامات ايضا هجروها بعد صدور قرار بنقل العوامات الى المنطقة المحصورة بين كوبري امبابة وكوبري 15 مايو بسبب ان المنطقة شعبية ولا تصلح لسكنهم. كان سبب النقل هو ان وزير الداخلية في ذلك الوقت زكريا محي الدين يمارس رياضة التجديف في النيل كل يوم جمعة وكانت العوامات تضيق مجري النيل في تلك المنطقة لوجود الجزيرة ايضا على الشاطيء الاخر فأصدر قرارا في عام 1966 بنقل جميع العوامات من موقعها في الزمالك والعجوزة الى منطقة امبابة. وقد غضب الكثير من أصحاب العوامات وقرروا الاستغناء عن عواماتهم في ذلك الوقت أما بالبيع أو تركها مهملة. كانت العوامة بطلة في الكثير من الاحداث طوال فترة زمنية في القرن الماضي، منها احداث سياسية او فنية حسب نوعية سكانها من السياسيين والفنانيين، حتي ان منيرة المهدية التي كانت تجلس على عرش الغناء في احد الفترات من القرن الماضي قالت في احد التصريحات الصحفية لو فكر صحفي أن يسترق السمع إلى صالوني في تلك الفترة لاستطاع معرفة أخبار البلد. و لكن أحداً لم يفكر يومها أن مجلس الوزراء ينعقد في عوامتي. وقد اختلف اليوم سكان العوامات غن السابق. يقول محمد عبدالمنعم، 52 سنة، مدير حسابات باحد الشركات، ويسكن عوامة مع عائلته: اشترى والدي هذه العوامة في نهاية الأربعينيات بمبلغ 600 جنيه، وكان مكانها في الزمالك، والعوامات كانت ممتدة على صفحة النيل من كوبري الجلاء حتى الزمالك. وكانت هناك قوانين تحدد المسافة بين العوامة والأخري، و من الأشياء الجميلة التي سمعتها من والدي أن العوامات كانت على صفين وكان الأجانب يطلقون عليها المدينة العائمة، انا ولدت في عوامة وتربيت فيها لهذا لا اتصور ان انتقل منها الى اي مكان اخر. يكفي في الصباح منظر النيل والسهرات مع العائلة امام النيل في الصيف. أما ايفيلينا، 27 عاما، صحفية يونانية تعيش في القاهرة، فتقول في بداية حضوري للقاهرة بحثت عن مكان للسكن فدلني أحد السماسرة على العوامات. وبالفعل اقمت فبها فترة ثم انتقلت للعيش في شقة في المعادي. ولكن احببت الرجوع ثانيا للسكن في عوامة. فمجتمع العوامات له مميزاته وخصوصياته؛ فالجو صاف وممتع والطيور والمياه. كل هذه أشياء تجذبك للسكن في هذا المكان. وأكون سعيدة جدا بالموجات التي تحدثها اللنشات وتؤدي إلي اهتزاز العوامة. ولكن ما يضايقني هو نزول الصيادين أسفل العوامة. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |