فيما وصفته جامعة كولومبيا الأمريكية بـ العمل الأكثر من ممتاز لإلقاء الضوء علي واقع غير معروف وغير مفهوم بدرجة كافية, واعتبره نقاد آخرون عملا فريدا يقتحم منطقة ظلت محرمة حتي الآن, أصدر كاتبان إسرائيليان كتابا بعنوان الإرهاب اليهودي في إسرائيل ونشرته جامعة كولومبيا الأمريكية العريقة.
والكاتبان هما آمي بدهزور واري بيرليجر وهما أكاديميان متخصصان في قضايا الإرهاب والأمن القومي ولهما عدد من الكتب في هذا المجال.
ووفقا لما كتبه النقاد عن الكتاب, فإن أهميته لا ترجع فقط إلي موضوعه الشائك والمسكوت عنه ولا لكون المؤلفين يهوديين إسرائيليين فقط, ولكن لأنهما استطاعا بعد عشر سنوات كاملة من البحث والدراسة الوصول للمرة الأولي إلي آلاف الوثائق الحكومية الإسرائيلية حول الإرهاب اليهودي علي نحو لم يحدث من قبل وهو ما تعكسه التفاصيل الكثيرة التي يحفل بها الكتاب.
كما جمع الكاتبان خلال هذه الفترة بيانات مهمة من خلال25 مقابلة مع إرهابيين سابقين وسياسيين وزعماء دينيين ومسئولي أمن, وأجريا6 استطلاعات شملت أكثر من4800 شخص في المجتمعات التي احتضنت الإرهابيين.
ويقدم الكتاب وجهة نظر مهمة وجديدة حول العلاقة بين الإرهاب والدين, حيث يري المؤلفان أن الإرهاب من هذه الزاوية ليس حكرا علي المتطرفين الإسلاميين فقط, ويرصدان تماثلا وتوازيا في الحركة بين الخلايا الإرهابية اليهودية ونظيرتها الإسلامية.
والجديد الذي يضيفانه هنا هو أن مجرد العقيدة في حد ذاتها ليس كافيا لخلق نية العنف, وأن الجماعات الإرهابية الدينية تشكل أقل من15% من كل الجماعات الإرهابية التي نشطت في القرن العشرين.
ويطرح المؤلفان ما يعتبرانه نظرية جديدة وهي أن التشدد داخل أي ثقافة تعتبر نفسها مستهدفة أو في وضع دفاعي يتزايد ويقوي إذا اعتبرت الجماعة المنتمية لهذه الثقافة أن هناك تهديدا خارجيا يصوره القادة الروحيون لها باعتباره كارثة وهو ما يولد العنف ليس فقط من جانب اليهود ولكن بين اتباع أي ثقافة أخري ذات فكر شمولي.
ففي صفحات الكتاب ـ الذي تجاهلته تقريبا كل المنظمات اليهودية الأمريكية ـ حدد المؤلفان تعريفا للإرهاب يتكون من4 نقاط أولا استخدام العنف وثانيا وجود دافع سياسي يحفز عليه ثم وجود نية لنشر الخوف لدي الضحايا ومجتمعهم وأخيرا أن يكون الضحايا من المدنيين.
ويشتمل الكتاب علي3 قواعد بيانات تشمل309 هجمات إرهابية يهودية في فلسطين وإسرائيل منذ1932 وحتي2008 سواء ضد الفلسطينيين أو غيرهم وكذلك بيانات مهمة عن224 شخصا تورطوا في هذه الهجمات, وأخيرا وصف كامل وشرح تفصيلي للروابط بين الشبكات الإرهابية اليهودية المختلفة.
كما يقدم الكتاب أيضا رصدا تاريخيا وافيا لأهم العمليات الإرهابية اليهودية حيث يتوغل تاريخيا إلي زمن أسرة هاسمونيان اليهودية التي شن أفرادها من المتطرفين هجمات ضد الحكام الرومان في فلسطين القديمة وهي أول أعمال إرهابية مسجلة في تاريخ البشرية, والكتاب يقدم بالتالي وثيقة إدانة للإرهابيين اليهود إلا أنه لا يفعل ذلك في صورة محاكمة ولكن عبر تحليل أكاديمي وإن كان بصورة تجعله جذابا للقارئ العادي. |