CET 00:00:00 - 21/01/2010

مساحة رأي

بقلم: منير بشاي
نعيش في غابة كبيرة تضم الملايين من مختلف الحيوانات. عندنا الحمار والجحش والوحش وأيضًا الغول. حيوانات كثيرة لا حصر لها منها المستأنس ومنها الوحشي، ومنها من كان يومًا مستأنسًا وظروف البيئة وقسوة الحياة حولته إلى وحشي.

 وفي غابتنا كثير من الذئاب وقليل من الحملان. كل حيوانات الغابة تخشى الذئاب ولا تجرؤ أن تتكلم ضدها. ومن وقت لآخر تسطو الذئاب على الحملان فتفترس ما تفترس وتجرح ما تجرح وتروع ما تروع.

وملك الغابة عندنا أسد عجوز، لا يهمه ما يحدث في غابته، لا تراه ولا تسمع صوته ولا أحد يعلم أين هو. قيل إنه لم يعد قادرًا على مواجهة مشاكل الغابة الكثيرة لكبر سنه فتركهم وشأنهم، فهم الذين خلقوا هذه المشاكل وهم الذين عليهم أن يحلوها بأنفسهم أو يعانوا من نتائجها. وقيل إنه مشغول في موضوع الاعتزال عن منصبه وتوريثه إلى ابنه الشبل الصغير. ولذلك فهو يرى أن الحكمة تقتضى عدم إغضاب الذئاب الطامعة في المنصب إذا بدى أنه يُحاول حماية الحملان من بطش الذئاب.

وأقارب الحملان الذين يعيشون خارج الغابة لا يعجبهم ما يحدث لإخوتهم في الغابة. ومن وقت لآخر يفضحون ما يجري في الغابة ويُطالبون بحماية الحملان. وطبعًا هذا لا يُرضي الذئاب في الغابة، فيتهمونهم بخيانة الغابة التي كانوا يعيشون فيها في يوم من الأيام، أو يتهمونهم بمحاولة تشويه سمعة الغابة أمام الأجانب. مع أن أحدًا لم يُنكر يومًا وجود هذه المشاكل ولكن رأيهم أن الوطنية تقتضي أن لا ننشر "غسيلنا المتسخ" على الأغراب ونتكلم عن المشاكل داخل الغابة فقط، وبصوت خفيف، حتى لا يسمع أحد في الخارج عنها.

البعض "مكدبش خبر" وذهب إلى داخل الغابة ليتكلم عن مشاكل الحملان عسى أن يجد حلاً لها، ولكن بعد مرور سنوات عديدة من الكلام لم يتغير شيء. وما يزال الكلام مستمرًا وفى نفس الوقت ماتزال الذئاب مستمرة تنهش لحم الحملان "عادي جدًا..".

وفي يوم من الأيام أطلق ذئب لئيم إشاعة تقول إن حملاً اعتدى على ذئب.. فثارت في الحال كل الذئاب على كل الحملان: "كيف يجرؤ الحمل الحقير على فعلته الأثيمة؟" مع أن الحمل ظل يؤكد أنه برىء وطالب بتقديم الدليل ضده؟ ولكن منذ متى كان هناك احتياج إلى تقديم الدليل؟ الحمل هو المعتدي.. "خلاص هذا هو القرار".. وإن لم يكن هو فهو أخوه أو أبوه أو عمه.. "يعنى واكلك واكلك".

قامت الذئاب بتجميع فصائلها للقيام بغذوتها الكبرى التي هي "أم الغزوات". وطافوا بحظائر الحملان يروعونهم ويحطمون حظائرهم ومخازن طعامهم ويشعلون فيها النيران.

ولم يكن هذا كافيًا، ففي يوم الحملان المقدس تجرأت الذئاب أن تقتحم موقعهم المقدس لتذبح وتجرح ما استطاعت من الحملان.
وكانت هذه هي القشة التى قصمت ظهر البعير.
بعدها تأكد الحملان الذين يعيشون داخل الغابة وأيضًا أقاربهم خارجها أن سياسة المهادنة والسكوت و"المشى جنب الحيط" لم تأتِ بنتائجها المرجوة. وماذا يمكن أن يحدث أكثر من هذا؟

وتحول كل حمل وديع إلى أسد..

خرجوا في داخل الغابة يصرخون: "موش هنطاطي.. موش هنطاطي.. خلاص بطلنا الصوت الواطي".
أما أقاربهم خارج الغابة فقد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها. ولأول مرة خرج الحملان ومعهم الرعاة في تضامن لم نرَ له نظيرًا في مظاهرات احتجاج وصرخات بكل اللغات وفي كل بقاع الأرض.

واهتزت الغابة واهتز العالم الخارجي كله. وحدثت تحركات داخل الغابة وسمعت أصوات بعضها يدين الذئاب أو يشجب الاعتداءات أو يقدم الاعتذار. ولكن أسد الغابة لم يتكلم حتى الآن، لم يسمع أحد صوته ولا يعرف أحد ما اذا كان موجودًا أم غائبًا. وإن كان البعض يؤكد أنه موجودفقد سمعوا شخيرا يعتقدون أنه شخيره.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق