عرض / فيولا فهمي يقول سيد القمني أنه عندما احتل الدين قمة سلم الأولويات الاجتماعية بدأت تظهر صراعات المصلحة والمنفعة بين الصحابة ولذلك تم اغتيال عثمان بن عفان وهاجمت السيدة عائشة على بن أبي طالب في الجمل قديماً، وكذلك لم تردع رابطة الإسلام عن غزو العراق للكويت ولا تفجير المتأسلمين للسيارات المفخخة في بلاد المسلمين لقتل المسلمين، وبالرغم من وضوح التاريخ إلى حد الصدمة أحياناً فأن الصدمات لا تفيق أهلنا الراغبون في استعادة الخلافة المقبورة وهم في سبيل ذلك يريدون إقامة المجتمع المسلم قبل إقامة الدولة الإسلامية كما هو في ترتيب أهداف الإخوان المسلمين في مختلف وثائقهم! ومن ثم نجد البشرية تسير نحو المستقبل فتنتج الكهرباء وأجهزة الراحة والمتعة والتشريعات الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمم وحقوق الإنسان، ونحن في المقابل نطالب بالعودة إلى عصر النار وعصر الإمبراطوريات في جنوح ذهاني يشير إلى خلل عميق أصاب العقل المسلم. كما أن حجة المطالبين لعودة الخلافة الإسلامية ينصب في كونها الجامع للمسلمين وسر قوتهم التي احتلوا بها أجزاء من أوربا وأنه بانهيارها وتفككها انهارت الدول المستقلة الوطنية الضعيفة، والحل إذاً هو استعادة القوة باستعادة النظام المنشئ لها والمتفق مع ديننا وتاريخنا وفقهنا ومنطقنا في تقسيم العالم إلى ديار سلم وديار حرب وهو ما يشابه الدعوة الصهيونية التي سبقت قيام إسرائيل. ولكن عندما يكون أعلى الروابط هو الجغرافيا "الوطن" وحدوده ووحدة هذا التراب وعشقه والإيمان به فوق كل معبود ومقدس عندما يكون الوطن هو محراب قدسنا الذي نمارس فيه حب الوطن والجماعة لن يكون هناك مجرد هاجس أو شاغل بتفكيك الأمة المصرية، وذلك لأن الدين لم يكن هو الذي وحّد تلك الدول القديمة العريقة في الحضارة تحت حكم الخلافة الإسلامية وإنما هو الطموح السياسي والمادي في الاحتلال والسلب والنهب وممارسة كل أنواع الظلم وهو الأمر الذي يستحيل معه الاستمرار لأن الإمبراطوريات هي توحيد قسري لأوطان تاريخية لها نظامها المجتمعي والاقتصادي وشكلها الجغرافي وحدودها ولذلك ما تفككت إمبراطورية في التاريخ إلا لتعود الأوطان لشكلها الأول وما قامت إمبراطورية إلا وتفككت لأنها قامت على القهر والشوكة والغلبة ولم يشغلها ربط المجتمع ببعضه بقدر ما شغلها استبعاد الروح والضمير في طاعة مطلقة بتحجبها وراء الدين، ولذلك عندما ينفرط رابط الإمبراطورية التي قامت على القهر تعود الحدود إلى أصلها بمجتمعها وخصائصه وشخصيته. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت | عدد التعليقات: ١ تعليق |