CET 00:00:00 - 26/01/2010

المصري افندي

بقلم: مادلين نادر
"قولنا هنبني وأدي إحنا بنينا السد العالي... يا استعمار بنيناه بإيدينا السد العالي" تغنى بها عبد الحليم حافظ ولم يكن يعلم ما الذي ينتظر السد العالي، ذلك المشروع القومي العملاق في أيامنا هذه، مثلما يحدث لمشروعات كثيرة في مصر تبدأ كبيرة ضخمة وينتهي بها المطاف إلى كوارث أو تبدأ ولا تحقق شيئًا. فمنذ أسبوع كنا نتحدث عن أمجاد السد العالي بمناسبة مرور خمسون عامًا –9 يناير 1960- على انشائه وأنه يستطيع الصمود والعمل بكفاءه لسنوات عديدة مديدة. لكن هطلت الأمطار بشدة وجاءت السيول بعد ذلك بأيام قليلة لتكشف حقيقة الأمر، وأصبحنا نطالع في الصحف اليومية ما أصاب السد من خسائر، فالسيول قد عطلت محطة كهرباء السد، ودمرت 81 برجًا للضغط العالي، ووصلت خسائر خطوط الكهرباء بسبب السيول إلى ٧٠ مليون جنيه. بعد ذلك صرح المسئولون بوزارة الكهرباء للصحف بأن محطة السد العالي تمد حاليًا ٣ محطات محولات لتغذية أسوان، لحين إصلاح خط القاهرة. واعتبروا انهيارات أبراج الضغط العالي وتوقف محطة السد العالي بأنها «كارثة قومية».
حتى المشروع القومي الذي كنا نتغنى به ونتفاخر به أصبح الآن يعاني من كوارث بسبب الإهمال والعمل بمثل "الحذر لا يمنع قدر"، فبالتالي لا حذر أو تخطيط أو حتى صيانة جيدة لدينا. فالسد العالي كان يعد بمثابة معجزة هندسية من معجزات القرن العشرين وواحدًا من أكبر السدود في العالم الذي أقيم لحماية مصر من الفيضانات العالية التي كانت تفيض على البلاد وتُغرق مساحات واسعة فيها، أو تضيع هدرًا في البحر المتوسط. وبدأت فكرة إنشاء السد العالي عند أسوان بما يكفل لمصر تزويدها بتصرف ثابت يسمح بالتوسع الزراعي وحمايتها من الفيضانات العالية، وفي نفس الوقت مدّها بطاقة كهربائية تكون الركيزة الأساسية للتنمية الزراعية والصناعية بعد أبحاث عديدة اختير السد لكونه من النوع الركامي مزودًا بنواة صماء قاطعة للمياه.

وقد كتب جمال حمدان من قبل عن هذا المشروع القومي وقال "كان بناء السد العالي ذروة دراما التاريخ الحضاري المصري برمته وعلى طوله‏‏ وتاريخ الصراع الملحمي بين المصري والنيل‏.‏ فقد وصلت مصر بضبط النيل إلى قمته ببناء السد العالي‏، فتحررت مرة واحدة وإلى الأبد من خطر الفيضان العاجز أو الجامح‏. وانتهت ببنائه تراجيديا الفيضان السنوية"‏.‏
ولكن للأسف ما حدث عبر عن تراجيديا الإهمال المستمر في بلدنا الحبيبة، وكشفت السيول هذا المسلسل سواء بالنسبة للسد العالي أو محافظات أخرى مثل العريش وسيناء، وإذا استمر العمل بعدم الاهتمام واللامبالاة فسيستمر المسلسل التراجيدي وتزداد حلقاته تراجيديا في الأيام المقبلة.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق