CET 10:39:38 - 03/04/2009

مقالات مختارة

بقلم: اسامه انور عكاشة

‮«‬‬أخويا الأمير بزراميط الإيراني بعث لي ودعاني‮»
علي لسان الفاجومي الأكبر عمنا أحمد فؤاد نجم في قصيدته‮ «‬‬الاعتقالية‮» ‬بيان من إذاعة‮ «‬‬شقلبان‮» ‬والتي يسخر فيها بعنف وبطريقة تضحك الثكلي وتفجر الضحك المر من أحداث التحالف المصري الساداتي مع المقام الشاهنشاهي علي عرش الطاووس وكان تحالفاً‮ ‬تحت المظلة الأمريكية التي أرادت أن تجعل أكبر دولتين في الشرق الأوسط مجرد ورقتين من أوراق اللعبة التي تلعبها علي مسرح المنطقة وحينها تبارت الصحف وأجهزة الإعلام المصرية في بيان ما يجمع بين كل من الشعبين المصري والإيراني من أواصر تاريخية تكاد تجعلهما أقرب إلي الأشقاء‮. ‬
وتبادل فخامة الرئيس بطل الحرب والسلام الزيارات مع صاحب الجلالة الإمبراطورية الشاهنشاه آريامهر محمد رضا بهلوي وتبادلا ألقاب الأخوة والصداقة،‮ ‬،‮ ‬وأعلنت الاتفاقيات الاقتصادية التي تزيد من التقارب وبناء المودة بين البلدين علي كل المستويات،‮ ‬حينها أيضاً‮ ‬تسابقات الصحف وأجهزة الإعلام في كيل المديح لصفات ومناقب‮ «‬‬أشقاؤنا الإيرانيون‮» ‬ولم يجرؤ قلم واحد علي إثارة نعرة الفرس الشيعة الذين مازالوا يكنون للعرب سخيمة الحروب القديمة بين جيوش الأكاسرة وجيوش الإسلام المنطلقة من أرض الجزيرة العربية،‮ ‬وحين اندلعت ثورة الإيرانيين بقيادة حجج الإسلام وملالي‮ «‬‬الحوزة‮» ‬في قم برعاية آية الله روح الله الموسوي الخميني كان المرحوم السادات أول من عارضها واتخذ موقفاً‮ ‬مضاداً‮ ‬منها مجاملة للشاه المخلوع الهارب من بلاده وما بقي نعرفه وانتهي بوفاة بهلوي والسادات كل بالشكل الذي يناسب حجمه ودوره التاريخي،‮ ‬فقد مات الشاه السابق بعد جولة بحث فيها عن أي دولة تقبله لاجئاً‮ ‬فجرب منه الجميع حتي تلقاه حبيبه القاهري،‮ ‬حيث أمضي في ضيافته أيامه الأخيرة ثم دفن في مسجد الرفاعي،‮ ‬أما السادات فقد اغتيل وسط جيشه و«‬أولاده‮» ‬في ساحة الاحتفال بذكري انتصاره في أكتوبر وأورثنا ضمن تركته المباركة خلافة مع الجمهورية الإسلامية في إيران‮..
‬وسار علي نهجه الرئيس التالي بعده وتحطمت تماماً‮ ‬كل الجسور التي بنيت بين مصر وإيران أيام شهر العسل بين السادات ورضا بهلوي،‮ ‬وضاعف من تردي الأوضاع بين البلدين إصرار الإيرانيين علي الاحتفاء بالضابط الذي قاد فرقة اغتيال السادات‮ «‬‬خالد الإسلامبولي‮» ‬وتكريمه بإقامة تمثال له وتسمية شارع من أهم شوارع طهران باسمه،‮ ‬وظلت هذه المسألة حجة تبرر بها الدوائر المصرية‮ «‬‬الدبلوماسية علي الأقل‮» ‬رفض التصالح مع نظام الملالي في إيران وكلما لاحت فرصة للتقارب وتبادل البلدان مبعوثي التهدئة وبناء الجسور،‮ ‬اشترطت القاهرة تغيير اسم الشارع والاعتذار عن كل ما أبدته إيران من تكريم لقتلة السادات،‮ ‬ويغلب علي الظن لدي كثير من الباحثين والخبراء في العلاقات المصرية‮ - ‬الإيرانية أن مصر لم تكن لتصر علي هذا الموقف لولا الضغط الأمريكي منذ ناصبت الإدارة الأمريكية في عصر ريجان ومن تبعوه حتي أوباما العداء للإيرانيين ليس وفاء لذكري‮ «‬‬أخونا البزراميط الإيراني‮»،‮ ‬ولا للانتقام من المهانة التي لحقت بهم في حادث السفارة الأمريكية في طهران‮ «‬‬ونذكر جميعاً‮ ‬كيف انطلقت الهجمة الجوية الأمريكية من الأرض المصرية قاصدة طهران بغية تحرير الأسري وفشل الحملة وسقوط طائرتها محطمة علي الأرض‮».‬
الأمريكان لا يقيمون وزناً‮ ‬لمشاعر الثأر والانتقام ولا يبنون سياساتهم وتحركاتهم الدبلوماسية علي حسابات العواطف والمشاعرالفردية وموقفهم المناهض للحكم الإسلامي في إيران ينبع أساساً‮ ‬من تقديرهم لمصالحهم الاستراتيجية في المنطقة،‮ ‬والتي تأخذ في اعتبارها مدي التهديد الذي ينجم عن موقف الإيرانيين من إسرائيل وهو موقف مجابهة صريحة يأخذها الإسرائيليون علي مأخذ الجدية والخطورة،‮ ‬وبات مطلوباً‮ ‬بشدة في رأي مخططي السياسة الأمريكية أن يتم احتواء‮ «‬‬الخطر‮» ‬الإيراني ووقف كل مشاريع النهوض هناك وعلي رأسها البرنامج النووي للحكومة الإيرانية،‮ ‬ومن أجل تنفيذ خطة الاحتواء تحرك الأمريكيون بسرعة تجاه الدول العبرية‮ «‬‬الصديقة‮» ‬في إطار‮ «‬‬الشراكة الاستراتيجية‮» ‬المزعومة والتي لا يجري تفعيلها إلا إذا أرادت أمريكا‮ - ‬الشريك المسيطر‮ - ‬أن تُفعل فطلبت منها جميعاً‮ ‬أن تنتبه وتنبه شعوبها للخطرالإيراني المحدق ليس فقط ذلك الخطر الذي استنبطته أمريكا من عمق التاريخ مذكرة بأن لدي حكومة طهران ثأراً‮ ‬قديماً‮ ‬بات مكتوماً‮ ‬من زمن الغزو العربي لفارس وإسقاطه لعرش الأكاسرة وإنما هناك خطر أفدح يتمثل في رغبة الشيعة‮ «‬‬وإيران تتزعمهم بالطبع‮» ‬في‮ ‬غزو البلاد السنية المحيطة‮.‬
أما عن الخطر الملفق من عمق التاريخ فلا يهمنا في كثير أو قليل،‮ ‬لأن مسألة العداء بين العرب والفرس أصبحت مجرد ذكريات لا تحرك نأمة من مشاعر أو عواطف هؤلاء أو أولئك فكأنها مجرد فلكلور لا قيمة له إلا أن نقرأ عنه ولا نستحضره‮.‬
المشكلة الحقيقية فهي ما استقر عليه مخطط الاحتواء وهو اتهام النهضة الإيرانية بالتدخل في شئون العالم العربي بغية فرض المذهب الشيعي علي الأغلبية‮ «‬‬السنة‮»‬،‮ ‬وكما حدث أيام الصفاء والانسجام بين إيران البهلوية ومصر الساداتية خرجت هذه المرة الصحف الحكومية الملقنة والصحف الخاصة والحزبية التي وقعت في فخ الدعاية المناهضة لإيران،‮ ‬والجميع يرددون أغنية‮ «‬‬الخطر الشيعي‮» ‬ومحاولة‮ ‬غسل دماغ‮ ‬المصريين وإيهامهم بأن الشيعة كفرة وفرقة‮ ‬غير ناجية ومآلها جهنم وبئس المصير،‮ ‬ونوع من الهيستريا يجافي الحقيقة ويغلو في تموييها والانقلاب عليها،‮ ‬وفي سبيل نجاح العملية يرخص كل شيء حتي الأمانة مع النفس ومع الوطن وسأضرب مثلاً‮ ‬يصور المدي الذي وصلت إليه عملية شن الحرب الدينية علي مسلمين لا يفترقون عنا إلا في المذهب‮.
‬فوجئت في عدد الوفد الصادر بتاريخ الاثنين‮ ‬30‮ ‬مارس وفي خبر منشور علي الصفحة الأولي تحت مانشتات صغيرة تقول‮: ‬أصابع طهران تخترق أفريقيا‮ - ‬إيران بدلاً‮ ‬من إسرائيل في بناء مستشفي للسرطان بموريتانيا،‮ ‬وصيغة تفاصيل الخبر علي الوجه التالي‮: ‬استغلت إيران قرار موريتانيا بقطع علاقاتها مع إسرائيل وطرد سفيرها في نواكشوط في اختراق القارة السمراء‮. ‬
وذكرت صحيفة‮ «‬‬هاآرتس‮» ‬الإسرائيلية أمس أن وزير الخارجية الإيراني منهوشهر متقي اجتمع بمثيله الموريتاني وأكد استعداد بلاده لإكمال مشروع مستشفي لأبحاث وعلاج السرطان الذي بدأت إسرائيل بناءه قبل قرار موريتانيا لتقطع العلاقات مع الدولة العبرية‮. ‬
هكذا نتهم إيران بأنهاأفشلت التسلل الإسرائيلي إلي موريتانيا وفعلت ما كان يجب علي أي دولة خليجية‮ ‬غنية أن تفعله‮..‬؟
هكذا أصبحت إيران هي العدو الطامع المتسلل وعش رجباً‮ ‬تري عجبا‮!!..
‬وبكره ياما نشوف‮.‬
نقلا عن جريدة الوفد

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع