كتب: جرجس وهيب - خاص الأقباط متحدون
رأس نيافة الحبر الجليل الأنبا دانيال أسقف ورئيس دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، ومجمع رهبان دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، قداس عيد القديس الأنبا أنطونيوس بالكنيسة الأثرية بدير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، ورأس نيافة الحبر الجليل الأنبا يسطس قداسًا ثانيًا بكنيسة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، ورأس نيافة الحبر الجليل الأنبا بطرس الأسقف العام وسكرتير قداسة البابا قداسًا ثالثًا وسط حضور الآلاف من محبي القديس الأنبا أنطونيوس.
كما احتفل دير الأنبا أنطونيوس بمركز ناصر (بوش) بمحافظة بني سويف بعيد القديس العظيم الأنبا أنطونيوس أبو الرهبان، ومؤسس الرهبنة في العالم حيث رأس صلاة القداس القمص باسليوس الأنبا بولا وكيل دير الأنبا بولا بناصر ومجمع رهبان دير الأنبا بولا، وأكد القمص فام الأنطوني وكيل دير الأنبا أنطونيوس بناصر، أن هذا تقليد متبع منذ زمن كبير، بحيث يصلي رهبان دير الأنبا بولا عيد القديس الأنبا أنطونيوس ويصلي رهبان دير الأنبا أنطونيوس قداس عيد القديس الأنبا بولا، مما يؤكد عمق العلاقة الأزلية بين ديري الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، وبحضور أعداد غفيرة من محبي القديس من شتى أنحاء المحافظة والمحافظات المجاورة وعدد من الزوار الأجانب.
والقديس الأنبا أنطونيوس أب الرهبان في العالم، وُلد في قرية "قمن العروس" بمركز الواسطى، بمحافظة بني سويف عام 251 ميلادية، وبعد انتقال والده، وفي أحد أيام الآحاد، دخل الكنيسة ووقف في خشوع ليسمع الإنجيل، فسمع الشماس يقرأ كلام الرب للغني قائلاً "إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك واعطِ للفقراء وتعال واتبعني فيكون لك كنز في السماء"، فخرج مسرعًا وأودع أخته في بيت للعذراى، وخرج القديس أنطونيوس للصحراء ليتفرغ للعبادة والنسك، وسكن على شاطىء نهر النيل عند قرية الميمون، وعاش بهذا المكان حوالي 20 عامًا، حتى جاءت امرأة لتستحم في النهر، فقال لها القديس يا أمرأة أما تستحين أن تستحمي قدامي وأنا رجل راهب، فأجابته قائلة "لو كنتَ راهبًا لدخلت إلى الجبل في البرية الجوانيه"، فأخذ القديس هذه الكلمات بجدية وقال حقًا هذا صوت الله لي على فم هذه المرأة، وارتحل الأنبا أنطونيوس من مكانه إلى الصحراء الداخلية وتوغل في الجبال وسكن في مغارة يقتات من ثمر النخل الموجود بجوار عين الماء.
لم يهدأ الشيطان منذ أول خطوة اتخذها القديس أنطونيوس فكان يحاربه بالأفكار ويشككه في هذا الطريق وفي مصير أخته، وعندما فشلوا في كل هذا ورأوه يتعمق في الصحراء، اجتمعت الشياطين عليه، فظهر أحدهم بشكل أسد والثاني بشكل سبع والثالث بشكل نسر ضخم، وآخر بشكل أسد وجسم ثعبان وآخر بشكل وحش ضخم يخرج من فمه لهيب نار، وبالرغم من كل هذا إلا أن القديس ظل صامتًا وفي اتضاع شديد كان يقول للشياطين "أيها الأقوياء ماذا تريدون مني أنا الضعيف المسكين وما هي قوتى حتى تجتمعم كلكم عليَّ"، وكانت الشياطين تهرب عندما ترى اتضاع القديس.
وفي مرة أخرى اجتمعت الشياطين وضربوه ضربًا شديدًا، وبعد أن اعطاه الله النصرة على الشياطين قال له "تشدد يا كوكب البرية.. إنك سوف تكون أبًا لجميع الرهبان الذين يأتون بعدك وإن ذكراك ستظل في هذه البرية إلى المنتهى، وسوف تكون يا أنطونيوس سراجًا موضوعًا على المنارة ليضىء لكل المسكونة وستمتلىء هذه البرية من أولادك"، وفي نهاية حديث الرب له ألبسه القلنسوة بيديه الطاهرتين قائلاً "يا أنطونيوس تاج النعمة، هذا إكليل السماء وإلى وقت آخر أتوجك بالإسكيم المقدس".
وكان وجود الأنبا أنطونيوس في هذا المكان الخالي شيئًا جديدًا على الناس، لقد أذهلهم من هذا الذي يعيش في أعماق الجبل وحده، حيث الوحوش والحيات والعزلة المخيفة، وظلوا يقرعون طالبين أن يبقوا معه في هذه الحياة المرتفعة عن شهوات العالم فأحبوا الرهبنة وهكذا استطاع أن يحول الأرض إلى سماء وامتلأت البريه من الرهبان.
وبالرغم من من حبه العميق للبرية والسكون، إلا أنه عندما سمع أن الكنيسة في خطر وأن البدع الأريوسية تنتشر ترك وحدته ونزل للأسكندرية وقضى ثلاثة أيام وكان لوجوده تأثير عجيب وأرعب الهراطقة.
لقد خطر ببال الأنبا أنطونيوس أنه أول من سكن البرية، فأتاه صوت من السماء قائلاً "هوذا واحد يسكن البرية وهو مختار بالأكثر والعالم كله لا يستحق موطىء قدمه الواحد، ولأجله يبارك الله الأرض وتعطي ثمارها"، ودبرت العناية الإلهية أن يتقابل هناك بالأنبا بولا ليعرف سيرته وفضائله وليكفن جسده ويتبارك منه.
وفي عام 356 من الميلاد وبعد رحلة طويلة قضاها بالبرية اشتهى أن يخرج من هذا الجسد، وعلم ساعة انتقاله، فزار تلاميذه، وأخبرهم قائلاً: "إن هذه آخر زيارة أقوم بها لكم ولن تروني مرة أخرى في هذه الحياة، فها أنا أشرفت على المائة وخمسة أعوام"، وهنا بكى التلاميذ وعانقوا الأنبا أنطونيوس وقبلوه، أما هو فنصحهم بألا يتكاسلوا ولا يخوروا في تدبيرهم، وأوصاهم أن يدفنوا جسده تحت الأرض ولا يظهروه، وسجدوا ليصلوا وفي الحال فاضت روحه إلى السماء.
وأما جسد الأنبا أنطونيوس فقد قام تلاميذه بدفنه مخبئين إياه تحت الأرض كما أوصاهم، وهو موجود الآن أمام باب الهيكل القبلي في الكنيسة التي تحمل اسمه بديره العامر بالبحر الأحمر، وقد سمح الله للقديس أن يظهر في هذا المكان أكثر من مرة ليؤكد أن جسده مدفنون في هذا الموضوع المقدس.
ويُعيَّد للقديس يوم 22 طوبة من كل عام |