أيها السلبيون فى كل مكان.. لقد قررت أن أنضم إليكم، وأن أصبح رقما ضمن الستة أرقام المؤلف منها تعداد سكان جمهورية مصر العربية.. لن أحزن أو أفرح ولن أتفاعل أو أبحث عن دور، ولن أستجدى نفسا داخلا أو «أحزق» لكى يخرج منى مرة أخري، سأكتفى بما وصلت إليه من قناعة أننى كمواطن أو إنسان- لا دخل أو اختيار لى فى هذه الحقيقة- ماليش لزمة.
أدركتها بعد عناء، ليس عن غباء مني، بقدر ما هو عن أمل فى التغيير أو أن بكره أحسن من النهارده.. أدركتها وقد اقترب شعرى من الشيب ليس عن تقدم حقيقى فى السن بقدر ما هو نتاج طبيعى لخليط اليأس والإحباط الذى أعيشه ويعيشه كل من مر أمامى طوال ٢٨ عاما، فهم من الآخر مجموعة مختارة من اليائسين البائسين القانطين المخدوعين.
قد يبدو يأسهم وبؤسهم وقنوطهم طبيعيا، لكننى توقفت كثيرا أمام كونهم مخدوعين، وبحثت قدر ما أوتيت من جهد عن الذى خدعهم، فلم أجد فى واقع الأمر سوى أنهم خدعوا أنفسهم- حتى وإن لم يدروا- وظلوا على قناعة أنهم ضحايا لخداع آخرين.
خدعوا أنفسهم مرة عندما ذهبوا إلى صناديق الاقتراع ووقفوا فى طابور أعد بعناية وبتنظيم من كوادر حزبية- لا يهم هنا أى حزب- وصدقوا أن ما يكتبونه فى تذكرة الانتخاب سيؤدى مباشرة إلى قصر عابدين أو قبة البرلمان.. وخدعوا أنفسهم ألف مرة عندما ظنوا أن اللى جاى أحسن، وعندما نظروا بأمل شديد على غد لا يظهر منه سوى ثلاث كلمات: السلطة، المال، القوة.
تبدو الكلمات مترادفة، رغم أن لكل منها معنى لغوياً وإصطلاحياً بعيداً عن الآخر، لكن الرابط الوحيد بينها يمكن أن يتضح إذا لخصناها فى اسم «أحمد عز» إذ يجمع الكلمات الثلاث معا، فتدل عليه ويدل عليها.. وهى كلمات تصلح لأن تكون شعارا لرجل المرحلة، وكل من لا تنطبق عليه العبارة، فهو– للأسف- ليس رجلا وعلى الأقل ليس رجلا لهذه المرحلة بالتحديد.
وعكس ما يبدو فإن قرار الانضمام إلى هؤلاء السلبيين على كثرتهم ليس سهلا، ولا يسيرا على مواطن اعتاد أن يكون إيجابيا وينظر إلى النصف الممتلئ من الكوب، ولا يقل فى مشقته عن تلك التى يتحملها السلبى عندما يصبح إيجابيا، لكنه توجه لا مفر منه، ويحل بديلا طبيعيا ومنطقيا عن الإصابة بأمراض القلب والضغط وانفجار الشرايين، ويضمن على الأقل أن يصل المواطن آمنا مطمئنا إلى الخامسة والثمانين ربيعا وربما التسعين أيضا دون أن يزحزحه من مكانه ثمانون مليوناً يعزفون نغمة الرحيل بالطبل البلدى.
إذا دققنا أو أمعنا النظر جيدا فى هذه الحالة سنجد أننا خدعنا أنفسنا، وخدعنا فى أنفسنا، وسنجد أيضا أننا نستحق، وليسأل كل منا نفسه فى إطار التأنيب وجلد الذات: ماذا تملك لتعطى؟.. وماذا أعطيت لتأخذ؟..ثم كيف تعطى وأنت لا تملك؟.. إذا توصلت للإجابات الثلاث فأرسل لنا على العنوان التالى: مصر التى كانت وستظل.. قبل أن تحاسبها حاسب نفسك.
نقلا عن المصري اليوم |