CET 00:00:00 - 02/02/2010

مساحة رأي

بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
وفي ليلة من ليالي الخماسين قرر الأب متى المسكين ترك البطريركية بالإسكندرية، بعد أن حمل معه شاله وإنجيله وصليبه واستقل أتوبيسًا من محطة مصر بالإسكندرية، مصممًا الإتجاه إلى دير السريان بوادي النطرون وهو لا يحمل إي شيء من متاع الدنيا كلها.
في ذات الوقت كان شعب الإسكندرية القبطي يجتمع معًا مطالبين بعض القمامصة والقساوسة المعتدلين بالتدخل لأقصائه عن استقالته، كما أن البعض منهم اتجه إلى المجلس الملي العام مهددين بضرورة عودته إلى منصبه وأقصائه بالعدول عنها.
على أية حال، استجاب المجلس الملي العام لطلب شعبه ووكل مجموعة من أعضائه وبعض أراخنة المدينة الأقباط للتوجه إلى البابا "يوساب الثاني" لإطلاعه على ما حدث والتدخل لإقناع الأب متى المسكين للعدول عن الاستقالة.
وبعد فترة وجيزة، قرر البطريرك إرسال وفد إلى الأب متى المسكين ليتراجع عن الاستقالة، ولكن المحاولة باتت بالفشل، لأنه رفض مقابلة إي شخص، بعد أن عبر على احترامه لصغيرهم قبل كبيرهم.

حرصًا على سلامة الكنيسة القبطية لجأت الدولة إلى التدخل، فكلفت وزير الداخلية "زكريا محي الدين" بإنهاء الأمر، فاسند المهمة إلى الوزير القبطي "جندي عبد الملك" الذي توجه دير السريان لمقابلة الأب متى المسكين لإقناعه بالعدول عن الاستقالة، وبعد لقاء بالمغارة استمر أكثر من ثلاثة ساعات قرر الأب متى المسكين عدم اقتناعه بالعودة إلى منصبه نائب للبطريرك بالإسكندرية.
وفي ذات الفترة التي كان يجتمع فيها الوزير "جندي عبدا لملك" مع الأب متى المسكين، كان الدير ممتلئًا على آخره بكل جنابته بالشعب القبطي من الإسكندرية يرددون ويهتفون بخشوع في صوت واحد "كيريلسون" والتي معناها بالغة العربية "يارب ارحم "وبعدها بقليل تسرب الخبرة إليهم بأن الأب متى المسكن لا يريد العدول عن الاستقالة فرجعوا إلى المدينة في مشهد حزين.

على أية حال، عاد الوفد من الدير إلى البابا "يوساب الثاني" وهو يحمل خبر عدم الرجوع إلى هذا المنصب مرة أخرى، ولكن قداسة البابا تلقى هذا الخبر على اقتناع تام وهو كان يدرك جيدًا أن الأب متى المسكين لا يقبل الرجوع إلى مدينة الإسكندرية عقب اندلاع ثورة القمامصة والقساوسة عليه.
بعدها أرسل البابا "يوساب الثاني" رسالة شكر إلى القمص "متى المسكين" يشكره فيها على تعب محبته خلال تلك الفترة التي قضاها نائبًا عنه، وعلى خدماته وتنظيمية ونشاطه وروحانيته العالية المستوى، وعلى ما بذله من أجل رفع شأن الكنيسة القبطية وشعبها هذا نصها:
"لما نحفظه لكم في قلبنا من محبة وعطف وتقدير، وما رأيناه في مدة خدمتكم الماضية من خير أبنائنا الشعب المبارك الذي يسركما يسر أبناءنا وكيل وأعضاء المجلس الملي الفرعي عودتكم لعملكم، وبما أنكم كوكيل لنا في الإسكندرية تباشرون بالنيابة عنا شئونها؛ فإننا نعتمد على غيرتكم وإخلاصكم، كما نعتمد على ما منحكم الله من حكمة ،أن تقوموا بعملكم مؤيدين بنعمة الله وتعضيدنا الكلي".

وفي الفترة ما بين شهري مايو و يوليو التي قضاها الأب متى المسكين في مغارته بدير السريان، عمل الأسقف رئيس الدير الأنبا "ثاوفيلس" على بث في بعض الرهبان الجدد والقدامى عدم الاعتراف لديه، لدرجة أن بعضهم شكى للأب متى المسكين، فهنا أدرك الأب متى مدى حرصه على عدم الانقسام بين رهبان الدير فقرر الرحيل.

وفى أوائل يوليو سنة 1956م قرر الأب متى المسكين ترك دير السريان والعودة إلى ديره الذي رسم عليه، وقبل رحليه حمل صليبه وإنجيله وشاله، وقبل أيدي رئيس الدير الأنبا "ثاوفيلس" لطلب البركة والحل بالرحيل، فأذن له في سلام وسكينة، ومضى الأب متى المسكين إلى بيته "دير الأنبا صموئيل".

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٢٠ تعليق