بقلم: فاضل عباس
الإسلاميون التقدميون، اليسار الإسلامي، تيار ظهر منذ بداية الثمانينات وهو تيار يجمع بين التراث الإسلامي وقضايا العصر، لذلك يطلق على أنصاره اسم «الإسلاميين التقدميين»، ويصفه د. حسن حنفي بـ«أنه التيار القادر على القيام بهذا التحوّل من المُحافظة التاريخية إلى التقدمية العصرية»، وهو تيار يلتزم بالفكر الإسلامي بمنهج واقعي وتحديثي ولا يرفض التفسير المادي للواقع بل ويربطه بالتفسير الديني للأحداث المجتمعية، وتكمن أهمية هذا التيار في كونه يكسر جليد الثلج بين عدة اتجاهات فهو يؤكد على الإسلام ومبادئه وينطلق منه ولكنه يقرؤه قراءة عصرية وفقًا لمقتضيات الفترة الزمنية التي نعيشها بعكس أو بخلاف الإسلام السياسي الذي يقرأ الإسلام قراءة سياسية، وهناك فرق جوهري في ذلك، فمشروع الدولة بالنسبة لتيار الإسلام السياسي هو دولة الخلافة وإن تغير اسمها في بعض الأحيان، بينما اليسار الإسلامي مشروعه هو الدولة المدنية الديمقراطية.
يؤكد الدكتور حسن حنفي في كتابه «ماذا يعني اليسار الإسلامي» بـ«أن الاتجاهات الغربية الماركسية أرادت أن تقيم نظامًا يحقق العدالة الاجتماعية ويناهض الاستعمار ولكنه لم يحقق الحرية لجماهير المسلمين ولم يطور تراثهم بحيث يكون ضمانًا للاستقلال الوطني، وجاءت الثورات الوطنية التي أحدثت تغييرات جذرية في البنية السياسية والاقتصادية ولكنها لم تحدث تغييرًا في وعي الجماهير العربية، لذلك يأتي اليسار الإسلامي ليحقق أهداف الثورة الوطنية ومبادئ الثورة الاشتراكية، وذلك بالاعتماد على تراث الأمة ووعي الجماهير الإسلامية».
فاليسار الإسلامي يعمل على تجديد وأحياء التراث القديم وبناء حضارة مواكبة للعصر الحديث وهو مشروع توافق بين الشريعة الإسلامية والحداثة، ولذلك فهذا الاتجاه واضح في رفضه للاستبداد والدكتاتورية تحت أي مسميات بل ويدعو إلى مقاومة الاستبداد، وهو يقف مع الإصلاح باتجاه الديمقراطية، كما ينطلق اليسار الإسلامي لتحقيق العدالة الاجتماعية ويرفض التوزيع غير العادل للثروة ويقف مع الفقراء بوصفهم الشريحة الاجتماعية الاكثر تضررًا من هيمنة رأس المال.
يؤكد الدكتور حسن حنفي في كتابه «العقائد التراثية ومواقع العمل السياسي» بـ«أن اليسار الإسلامي يقف مع قضية الوحدة، وحدة قطرية، وحدة وطنية، وحدة عربية أو وحدة إسلامية» فهذا التيار وحدوي ويرفض التجزئة، بل ويؤكد على الوحدة العربية بوصفها مرتكزًا أساسيًا لقوة ووحدة المسلمين وأن أي وحدة إسلامية لا يمكن أن تتحقق بدون العرب، وأن الوحدة العربية هي المحرك الأول للعالم الإسلامي في كافة قضاياه، ولليسار الاسلامي موقف واضح برفض الاتجاهات الاسلامية التي تساهم في تراجع المسلمين فهو تيار لا يكفر أحدًا ويرفض التكفير. |