CET 00:00:00 - 04/02/2010

الكلام المباح

بقلم: ميرفت عياد
بلغني أيها الملك السعيد.. ذو الرأى الرشيد.. أن الملك هاموشير.. ترامى إلى مسامعه صوت العصافير.. وهي تغرد في الشروق.. كتسبحة من المخلوق.. لله خالق الوجود.. الذي عليه يسود.. فخرج إلى شرفته الملكية.. للاستمتاع بأصواتها الملائكية.. وأخذ معه المنظار.. لينظر عبر الأنهار.. فكم هو يحب أن ينظر إلى الفضاء.. ليستمتع بمنظر السماء.. حيث عناق السحاب.. في منظر بديع خلاب.. وفجأة وجد الملك غراب.. يقترب من المنظار.. ثم طار بعيدًا وهبط نحو الأرض والقفار.. فغير الملك الاتجاه.. ليتبع الغراب في خطاه.. فرأى منظر لم يتخيل أن يراه.. حيث تنتشر العشش بشكل عشوائي.. كأنها في صحراء أو مكان نائي.. يعيش فيه الوطاويط.. وليست مدينة لها تخطيط.

ووضع الملك المنظار على جانب.. وطلب من الحاجب.. بأن يسرع في إحضار المتعوس.. الوزير عبدوس.. فأتى الوزير مهرولاً كأنما شكه دبوس.. ودخل على الملك فوجده في عبوس.. فقال السلام والتحية على الملك ذو الطلعة البهية.. فلم يرد الملك السلام.. وأشار بيده وسأله ما هذا الحطام.. فتعجب الوزير من السؤال.. وقال هذا شيء محال.. فلا يوجد فى المملكة حطام.. كل شيء على ما يرام.. فوضع الملك المنظار على عينية وقال ما هذا الخراب.. تكلم يا غراب.
وهنا أدرك الوزير.. أنه وقع في مأزق خطير.. فقال يا مولاي الشعب الهمام.. موضع كل الحب والاهتمام.. لذلك أوفر لهم السكن.. وأيضًا الحِرَف والمِهَن.. ليعيشوا حياة كريمة.. بعيدًا عن حياة أجدادهم الأليمة.. ولكن يا مولاي شعبنا يحب الجوع والفقر.. ويعشقون الذل والقهر..
وهنا قال له الملك في غضب.. اترك هذا الهراء على جانب.. وقل الحق فإن في الصدق منجاتك.. وفي الكذب مماتك.. فأحس الوزير بالارتجاف.. وقال لا يوجد شيء منه أخاف.. فقال يا مولاي نحن نوفر السكن للملايين.. وهم في ذلك أحرار غير مجبرين.. لأنهم يعشقون الحياة في الخلاء.. لذلك يقومون بالبناء.. في تلك الصحراء التي تقع على أطراف المدينة.. بادعاء أن الحرية ثمينة.

فلم يقتنع الملك بهذا الاستخفاف.. وطلب حضور مسرور السياف.. ليعرف الحق ويعيد الإنصاف.. فأتى مسرور.. وأوضح للملك الكثير من الأمور.. قائلاً يا مولاي إن الوزير المغرور.. يمتلك جميع الأراضي والقصور.. لذلك لا يجد الشعب السكن.. وضاقت بهم المدن.. وبسبب ارتفاع الأسعار.. لمواد البناء والمحار.. اضطروا إلى بناء بيوت.. ضعيفة من ورق التوت.. ولم يحلموا بالقصور واليخوت.. بل يطلبون أن يعيشوا بين جدران وسقف.. فهل هذا يا مولاي ليس بحق وسخف.. ولم يصدق الملك هول ما سمع.. وهذا الحجم من الجشع والطمع.. من الوزير وأعوانه.. الذي يأخذهم في أحضانه..
وأصدرالملك فرمان.. ومن يخالفه يتهم بالعصيان.. بأن يسكن الشعب المقهور.. للبيوت والقصور.. وأن يعيش الوزير وأعوانه في تلك العشش.. ليختبروا الجوع والعطش.. لحين بناء مساكن.. ليكون جميع الشعب فيها ساكن..
وهنا أدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق