بقلم: محمد إقبال
أقدم حزب يكيتي الكردي في سوريا في مؤتمره السادس إلى تبني الحكم الذاتي لكردستان سوريا كتعبير لحالة التعايش السلمي و الأهلي بين مختلف الديانات و القوميات و الاثنيات كحل لحالة الاحتقان التي يعيشها المجتمع السوري بشكل العام , و مستندا في ذلك على المبادئ و المواثيق الدولية لحقوق ثابتة لمختلف القوميات في العالم , ومستندا في ذلك أيضا على تجارب التي تعيشها دول كثيرة حيث هناك أكثر من 1000 حالة من حالات تطبيق الحكم الذاتي في العالم.
(يولد جميع الناس أحرارا متساويين في الكرامة و الحقوق , و قد وهبوا عقلا و ضميرا , و عليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء .) المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
كما تنص المادة الأولى فقرة 2 من ميثاق الأمم المتحدة على (أن احد مقاصد الأمم المتحدة هو إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب و بان يكون لكل منها تقرير مصيرها.) و في عام 1966 أدرج هذا المبدأ كحق من حقوق الانسان في المادة المشتركة بين العهدين الدوليين الخاصيين بحقوق الإنسان.
لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها . وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي و حرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي.
الحكم الذاتي لكردستان سوريا
الحكم الذاتي لكردستان سوريا كحل للقضية الكردية في سورية وكحل سوري للقضية الكردية باعتبار الحكم الذاتي يعد شكلا من أشكال حق تقرير المصير وفق ميثاق الأمم المتحدة . و لا يعد هذا الطرح طرحا نظريا بقدر ما هو تعبير عن حالات تطبيقيه لكثير من أشكال الحكم الذاتي في العالم .فهناك أكثر من 1000 حالة لتطبيق الحكم الذاتي في العالم حيث
"تختلف من دولة لأخرى حسب الظروف التاريخية و السياسية و القانونية لكل دولة.
سوف أحاول هنا طرح وجهة نظري لمفهوم الحكم الذاتي و إمكانية تطبيقاته في كردستان سورية.
الخلفية التاريخية لمفهوم الحكم الذاتي
على الرغم من أن مفهوم الحكم الذاتي يعد من المفاهيم الحديثة إلا أن تاريخ الأمم و الشعوب لم يخل من أشكال اللامركزية في إدارة أمور البلاد والعباد حيث مارست الإمبراطورية العثمانية أشكالا من لامركزية في إدارة شؤون البلاد حيث كانت الولايات تتمتع بسلطات شبه مستقلة عن السلطة المركزية .إلا أن الحكم الذاتي بمعناه المعاصر لم يظهر إلى الوجود إلا بعد ظهور مرحلة الكولونيالية حيث اقتضت الضرورة إلى تبني سياسة الإدارة اللامركزية في ادارة شؤون المستعمرات.
فكان الحكم الذاتي صيغة مناسبة للعلاقة بين الدول المستعمرة و المستعمرة, ولقد تطور مفهوم الحكم الذاتي بعد بروز عصبة الأمم و ما انطوت عليه من مواثيق و معاهدات تحمي الأقليات من جور الاكثرية حيث أصبح موضوعا متداولا على الصعيد الدولي و بذلك اكتسب بعدا قانونيا و يظهر ذلك واضحا في الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة وذلك في المادتين 73-76.
طرح الحكم الذاتي
المطالبة بالحكم الذاتي ليس امتيازا إنما مطلب حقوقي لتحقيق المساواة بين القوميات الكائنة في كردستان سوريا و الشعب العربي في سوريا. لتكون هذه القوميات قادرة على استخدام لغاتها و الاستفادة من الخدمات التي تنظمها بنفسها و المشاركة في الحياة السياسية و الاقتصادية في البلاد لتعزيز المساواة الفعلية بين المواطنين جميعا.
تشير عدة صكوك دولية لتطبيق الحكم الذاتي في الحالات الاستثنائية منها القومية و الاثنية و الدينية التي تقطن في إقليم مميز تاريخيا و جغرافيا . وهذا ينطبق تماما على كردستان سوريا التي هي جزء من كردستان الكبرى وألحقت بسوريا طبقا لاتفاقية رسم الحدودبين فرنسا وتركيا عام 1921 .كما أن أبناء إقليم كردستان سوريا يختلفون بخصائصهم و عاداتهم و تقاليدهم عن سكان سوريا الآخرين.
آليات الحكم الذاتي
كما ذكر سابقا فانه هناك أكثر من1000 حالة مختلفة لتطبيق الحكم الذاتي وذلك حسب الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الجغرافية, و في الحالة التي نحن بصددها الآن يمكننا أن نلخص هذه الآليات بشكل التالي:
1-العلاقة بين المركز والإقليم :
حيث يقوم بناء الدولة بشكل أساسي على طريقة الفيدرالية من حيث آليات التطبيق , ويمكن لأي محافظة أن تشكل إقليما فيدراليا كجزء أساسي من الحالة الفيدرالية كما هو مطبق في كندا حيث يتمتع إقليم كيبك بالحكم الذاتي و آلية التطبيق هي الفيدرالية.
2-استغلال الموارد الطبيعية:
من حق إقليم كردستان سوريا استغلال و استثمار موارده الطبيعية . يالشكل الذي يراه مناسبا و ذلك ضمن إستراتيجية العامة للدولة الاتحادية و يمكن الاستفادة من تجربة الدولة الاتحادية في العراق.
3- توزيع الصلاحيات:
يحق للإقليم تشكيل برلمان خاص به و حكومة محلية ومؤسسات متكاملة التنفيذية والتشريعية لها كامل الصلاحيات ما عدا السياسة الخارجية والدفاع و العملة الرسمية و السياسة الاقتصادية العامة للدولة.
4-الأمن:
يقتصر مهمة الإقليم على تامين الامن في الإقليم معتمدا في ذلك على قوة شرطة محلية تابعة لإقليم.
5- استخدام اللغة:
تعتبر اللغة الكردية هي اللغة الرسمية في كردستان سوريا كما يمكن استخدام اللغات الأخرى حسب مناطق تواجدهم مثل الأشورية و العربية. و يجب تطوير وتشجيع اللغات الموجودة في الإقليم.
6-حرية المعتقد:
بما أن إقليم كردستان سوريا متعدد الديانات فعلى هيئات الحكم الذاتي احترام و حماية الأديان و ضمان نشاطاتها و طقوسها وفقا لقانون الإقليم . كما يجب فصل الدين عن الدولة.
7- العادات والتقاليد القومية:
تعيش في إقليم كردستان سوريا إلى جانب الشعب الكردي قوميات مختلفة فعلى هيئات الحكم الذاتي تقديم الدعم للأنشطة الاجتماعية .ونشر ثقافة حقوق الإنسان و التسامح و المحبة بين أبناء و بنات الإقليم.
8- الإدارة:
على هيئات الحكم الذاتي تطوير اقتصاد الإقليم من إقامة مشاريع البناء و الهياكل الاقتصادية و إعادة توزيع الأراضي و إعادة المستوطنين العرب إلى مناطق سكناهم الأصلية . و على الحكومة المركزية دفع تعويضات للمتضررين جراء سياسات التعريب والقمع التي طبقت في الإقليم و معالجة الأضرار إلي لحقت بالإقليم جراء السياسات العنصرية.
9- التعليم :
يكون التعليم باللغة الكردية في جميع مراحل الدراسية بما فيها الجامعات الموجودة في مناطق الحكم الذاتي , وإنشاء مدارس و تطوير أسلوب التربية و التعليم. كما من حق الأقليات القومية داخل الإقليم مثل الأشوريين و العرب و السريان إنشاء مدارس خاصة بهم و يتم التعليم فيها بلغتهم.
10- مسالة الأقليات في كردستان سوريا:
ما هي الأقلية ؟ رغم صعوبة التوصل إلى تعريف الأقلية عالميا. لكن يمكن تلخيص وصف الأقلية بأنها مجموعة من الإفراد يشاطرون خصائص قومية أو أثنية أو دينية معينة تختلف عن خصائص غالبية السكان, و لتعزيز مبدأ التسامح و التفاهم المتبادل و بناء الثقة بين أبناء الإقليم . يجب أن يتاح للأقليات الإسهام في الإثراء المتعدد الثقافات لمجتمعنا و القيام بدور الشريك في بناء مؤسسات الإقليم . وعلى هيئات الحكم الذاتي منحهم حقوقهم القومية , وفي الحالة الأشورية و العربية يمكن تشكيل إدارة ذاتية في مناطق سكناهم.
ملاحظة: هذه الدراسة محاولة لفهم الحكم الذاتي , أرجو من جميع المساهمة في كتابة الدراسات حول هذا الموضوع لاغنائه . كما أرجو من بنات و أبناء الأقليات القومية الموجودة في كردستان سوريا وخاصة الأشوريين و العرب بان يشاركوا بارائهم لاغناء هذه الفكرة. |