CET 00:00:00 - 04/04/2009

كلمه ورد غطاها

بقلم / ماجد سمير
مر شهرين بالتمام والكمال على استلام سعدان تجنيده في قسم الجيزة والهاجس الوحيد اللي تاعبه طول الستين يوم دول هو الخدمة على الكنيسة، حاول كتير بشكل ودي إن يتم إعفاءه من الخدمة ويأخذ في أي مكان تاني لكن مافيش فايدة، دايماً بيكون رد الصول عبد المنعم المسئول عن الخدمات في القسم "الميري، الميري يا عسكري "سعدان" تنقذ الأوامر بدون ما نقشه ومالكش أي حق إنك تعترض، "سعدان يسمع الكلمتين دول يروح واقف انتباه ويقول بمرارة تمام يا فندم.

المفروض إن أجازته كانت بعد 45 يوم لكن مرض زميله خلاه يكمل شهرين من غير ما يأخذ أجازة، شوقه لبلده وأهله وأصحابه كان بيخليه كل يوم تقريباً بعد ما يسلم الخدمة يستأذن بحجة أنه ها يجيب أكل ويروح يقف شوية عند موقف المنوفية في المنيب يمكن يلاقي حد من معارفه أو قرايبه يحكوا له عن أخبار البلد والأهل، وقفته على المحطة أو مطار المنوفية زي ما أهل الجيزة مسمينه بقت عادة شبه يومية، ورغم إنه على مدار الشهرين ماقبلش حد من البلد إلا إنه كان بيحس براحة غريبة جداً لما بيشوف عربية أجرة أو أتوبيس جاي من المنوفية كأنهم محملين نفس الهواء اللي بيتنفسوه أهله وحبابيه.
وفي يوم خلص الخدمة وسلمها واستأذن من الصول عبد المنعم ذي كل يوم وطار بسرعة للموقف كان حاسس إنه مش عارف يتنفس والأكسجين الوحيد اللي ها يملا رئتيه اللي جاي من البلد، الوقفة اللي كانت مابتدعداش عشر دقائق أو ربع ساعة بالكتير تحولت مع الوقت إلى الشحنة اللي بتمشيه لحد ما يرجع تاني يوم يقف نفس الوقفة.

وصل الموقف وراح مطلع لفة سندوشات الفول الطعمية اللي جابها وابتدى يأكل ورغم إن السندوتشات من نفس المطعم لكن طعمها المرة دي مختلف عن كل يوم، وقفت عربية أجرة المنوفية ونزلت الناس  تباعاً المرة دي أكثر من أي مرة أتمنى إنه يلاقي حد يعرفوا وبدأ يتأمل في وشوش الناس بشغف جامد جداً، وفجأة سمع صوت بيناديه "سعدان .... يا سعدان " بص لقى ربيع أبو الفتح جاي، ربيع ذي سعدان تقريباً فلاح وكان بيطلع شغل مع سعدان كتير، سلم عليه سعدان وأخده بالحضن رغم إنهم مش أصحاب قوي لأن أبو الفتح كان سمعته مش حلوة قوي وكان ملموم على شلة في البلد بيعتبروها شلة صايعة، لكن سعدان حس بسعادة كبيرة وسأله رايح فين يا أبو الفتح أيه اللي جابك هنا، قاله أنا جاي هأنزل عند الشيخ طاهر فضيل، رد عليه سعدان: طاهر فضيل مين سكت شوية وقاله الواد طاهر بتاعنا بقا شيخ إزاي، دة واد شمام وكان بيشرب مخدرات، رد أبو الفتح ما هو ربنا هداه وبقا بيدعوا للدين وساكن هنا في المنيب ما تيجي تقعد معانا.

الشوق للحديث عن البلد وأهلها والخروج من التزام بالميري خلاه بيفكر فعلاً أنه يفكر يروح معاه لكن هايتصرف إزاي وهو لازم يرجع القسم ومايقدرش وإلا هيتحسب عليه غياب وممكن يأخذ جزاء فقال لأبو الفتح تعالى معايا أروح أخذ تصريح بالمبيت وأجي أبات معاك، قالوا أبو الفتح طب يا للا نأخذ تاكسي رد عليه سعدان أنت عبيط تاكسي إيه دة ياخذ على الأقل ثلاثة أو أربعة جنيه رد أبو الفتح وأيه يعني فقاله سعدان منين يا خفيف ضحك أبو الفتح قال له متقلقش أنا هأدفع، الشغل مع الشيخ ربيع فضيل مخلي العملية منعنشة والفلوس كتير، سعدان وافق على موضوع التاكسي رغم أنه لم يقتنع بموضوع زهزهزة الفلوس ولا بموضوع ربيع فضيل اللي بقا شيخ فجأة لأن ربيع وأبو الفتح وبقية شلتهم الفاسدة ماكانوش بيررحوا الجامع إلا إذا كان في نيتهم سرقة الجزم ويبعوها في سوق أي قرية قريبة من بلدهم.

ركبوا التاكسي ونزل سعدان وقال لأبو الفتح استناني هنا ودخل على مكتب الصول في القسم وطلب منه إذن بالمبيت قالوا ماشي يا سعدان علشان بقالك كتير ماخدش أجازة بس هاتبات فين يا بني رد سعدان عند ناس قرايبي في المنيب، طلب منه عبد المنعم إنه ميتأخرش الصبح بدري على ميعاده خلص الإذن وطار مع أبو الفتح على بيت الشيخ ربيع، الشقة صغيرة لكنها نظيفة قوي وفيها تليفزيون ودش وتليفون ومفروشة كويس جداً وربيع لابس الزي الإسلامي الجلباب القصير والبنطلون اللي لغاية قصبة رجله على طول سعدان سأل ربيع منين دة كله يا بن فضيل دة أنت لما كانت أمك بتطبخ ملوخية أورديحي كنتوا بتعملوا مولد أبو الزحاليق، ومن أمتى بقيت شيخ أنا أخر مرة شفتك من سنة ونصف تقريباً كنت مسطول وشارب يجي حملين حشيش، رد ربيع باللغة العربية ليس مهماً من أين لي هذا فالله شاء لي الخير أنا اعمل في الدعوة، لكن المهم يا أخ سعدان أين تؤدي خدمتك العسكرية، رد سعدان أؤديها في أصعب مكان في الدنيا أنا بقف خدمة على الكنيسة بتاعة الجيزة وماتتصورش قد أيه أنا متعذب، ابتسم ربيع وقال يا أخ سعدان إن الله أعطاك فرصة غير عادية لخدمته ونصرته رد سعدان، نصرة الله وخدمته إزاي فقال له ربيع كل شيء بأوانه يا أخ سعدان، اليوم أنت ضيفنا وكل ما هو مطلوب منك أن تأكل ما رزقنا به الله وتنام جيداً حتى لا تتأخر عن موعدك في الصباح الباكر في القسم حتى لا تأخذ جزاء ويرضى عنك رؤسائك ويثقوا بك، وثق يا أخي أن الله أختارك لعمل سيجعل منك بطلاً.

سعدان ماحسش بطعم الأكل رغم إنه كان كباب وكفتة وطرب واخد حمام سخن ودخل ينام لكن عينه ماغمضتش طول الليل تقريباً كان بيفكر في كلام ابن فضيل وأيه اللي غيره بالطريقة دي، دة بيتكلم لغة عربية ذي البرابانت ولما نور الصبح شقشق صحاه أبو الفتح وقاله إن ربيع سايب له الظرف دة فتحه لاقى فيه فلوس كتير فكر إنه يرفضوه لكن بدون شعور حطه في جبيه لأن ماكنش معاه إلا 2 جنيه وكان عنده مشكلة في تدبير فلوس لحد ما يروح.
سعدان قضى بقية اليوم مش دريان بأي حاجة من اللي حواليه بيؤدي اللي مطلوب منه كأنه آلة ودماغه شغالة زي وابور الحرث في الغيط ومافيش غير سؤال واحد بيزن في مخه زي النحلة ربيع فضيل عايز منه إيه، وإيه حكاية أنه هيبقى بطل ورغم كل الإغراءات  القرار اللي وصله إنه هيرجع الفلوس لربيع ويبقى يستلف فلوس من الصول عبد المنعم لما لا يجي يروح البلد ويبعد عن ربيع وأبو الفتح والعيال "السو" دول الواد دة لا يمكن يبقى شيخ ولا في يوم هيعرف حاجة في الدين ورغم شوية الأونطة اللي عملها معاه أمبارح عمره ما هيقصد خير لأن لا الحداية بترمي كتاكيت ولا هيجي يوم بينعدل فيه ديل الكلب. 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق

الكاتب

ماجد سمير

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

حسب مكتب التنسيق

بلد إضرابات

دبابيس

سد الحنك

ديل الكلب

جديد الموقع