CET 00:00:00 - 10/02/2010

مساحة رأي

بقلم: مينا ملاك عازر
أطلق وزير الدفاع الإسرائيلي "إيهود باراك" يوم الاثنين الماضي، تصريحًا ناريًا يهدد سوريا على إثر توقف مفاوضات السلام بين الدولتين، فرد وزيرخارجية سوريا وليد المعلم يوم الأربعاء، أن سوريا قادرة على الوصول لمدن إسرائيلية.. ثم عقب ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي بتصريح خطير يوم الخميس، يُشبه تمامًا ما قالته إسرائيل إبان الأزمة التي تسببت في إشعال حرب يوم خمسة يونية، حيث قالت إسرائيل آنذاك "إن الطريق لدمشق مفتوح وسندخل سوريا نسقط النظام السوري ونعود"، يومها إسرائيل دخلت سوريا واحتلت هضبة الجولان ولم تعد من يومها.

 واليوم قال ليبرمان إنه من السهل إسقاط الأسد، فما كان من رئيس الوزراء السوري إلا أن أطلق تصريحًا مُماثلاً لما قالته سوريا أيضًا عام 1967، حيث قال لإسرائيل إننا نحذركم ولن يحميكم منا أحد وأسلحتكم لن تنفعكم، ورغم مبادرة التهدئة التي اتبعها رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتنياهو يوم الجمعة، بأن أكد على وزارئه بعدم التعرض لسوريا في تصريحاتهم، إلا أن سوريا لم تتوقف عن إطلاق التصريحات الساخنة، والتي لم تتخلَ فيها عن نبرتها العدائية، والتأكيد على أن أسلحة إسرائيل وطائراتها لن تفيدها.

ودعونا أحبائي نحلل الموقف في ظل المعطيات السابقة:
 أولاً: من المثير للدهشة أمر تكرار المواقف بشكلها الحالي بما جرى عام 1967 - في ظل تأكيدي المستمر بأن التاريخ لا يُكرر نفسه - إلا أن الأغبياء لا يتعلمون من التاريخ.

 ثانيًا: من المستهجن في عالم السياسة الآن أن تندد بدولةٍ ما، أيًا كانت، وتهاجمها في كل تصريحاتك، ما دامت هذه الدولة تراجعت عن تهديداتها لك، وحتى إذا ما قامت هذه الدولة بالعدوان عليك، لن يعود أحد باللوم عليها.

 ثالثًا: من المُلاحظ أن سوريا أخذت تهاجم إسرائيل مؤكدة أن أسلحتها وطائراتها لن تنفعها، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة إذن من سينفعها في حال قيام الحرب؟!، هل لدى سوريا أسلحة أخطر وأقوى من الطائرات الإسرائيلية؟، وإن كان الأمر كذلك، فأين هذه الأسلحة الأخطر، حينما اخترقت الطائرات الإسرائيلية الأجواء السورية وعبرت من فوق قصر الرئاسة؟، وأين كانت هذه الأسلحة الأخطر من الأسلحة الإسرائيلية عندما قذفت الطائرات الإسرائيلية موقعًا سوريًا بغض النظر عن كونه نوويًا أو مدنيًا أو مصنعًا؟، ألا ترى القيادة السورية أن إهانة السلاح الإسرائيلي يحمل في طياته إهانة للولايات المتحدة الأمريكية الدولة العظمى الوحيدة الآن في عالمنا ذي القطب الواحد سياسيًا؟! وهل درست القيادة السورية الموقف الروسي من المنطقة بشكل عام ومن سوريا نفسها بشكل خاص إذا ما اندلعت الحرب؟.

 رابعًا: من المُلاحظ أن أحدًا من دعاة الحرب في المنطقة لم نسمع صوته، هل لم يقرأوا عن تلك التصريحات أم أنهم في أجازة مصيف أم ماذا؟.

 ودعونا نضع أمثلة:
- أين خالد مشعل القائد الحمساوي القابع على الأراضي السورية في كنف النظام الحاكم، فلم نسمعه يدلو بتصريح واحد؟.

- أين نصر الله الذي يختفي وراء قوات الطوارئ الدولية، وأين صواريخه ومؤتمراته الصحفية؟.

- أين إيران المؤيد الأكبر للنظام السوري، ولماذا لم تلقي بقفازها في وجه الملاكم الإسرائيلي ولماذا نراها صامتة هكذا؟.

أما أبرز ما هو مُلاحظ عمليًا، لماذا نرى الرئيس الأسد لا يُبالي بتلك الأزمة الواقعة فيما يخص بلاده، ويُصرِّح تصريحاتٍ غريبة غير مفهومة شكليًا تتمثل في أنه ينذر بأن حربًا أهلية في لبنان على وشك الوقوع؟، هل في هذا التصريح تلميح بتهديد أنه سيضغط على المصالح الغربية في لبنان؟، أم أن تصريحه هذا يحمل مضمون السياسة السورية طوال أكثر من أربعين عامًا، وهو لفت الأنظار للموقف في لبنان ليبتعدوا عن سوريا؟، فالرئيس السوري الذي لم يُصرِّح تصريحًا واحدًا له قيمة بخصوص أزمة إسرائيل مع سوريا، نجده يُنذر بتوتر الموقف في لبنان في توقيت نراه يُسيئ له أكثر ما يُفيده، ويُشعر الكل بأنه رأس الأفعة في الأزمات اللبنانية المتلاحقة، مما يُزيد حنق اللبنانين عليه، خاصةً وأن لبنان فتحت معه صفحة جديدة منذ أن تبادلت معه السفراء وصار لسوريا سفارة في لبنان والعكس.

نعلم جميعًا أن الحامي في كل الأحوال هو الله، لكن علينا أن نطرح تساؤلاتنا هذه بلا نية سيئة بل برغبة صادقة لمعرفة ما يجري وراء الأحداث، وإذا أردنا توضيح المواقف المتشابكة بشكلٍ أكبر، فعلينا أن نضع آلاف علامات الاستفهام أمام الموقف الإسرائيلي الغامض الداعي للتهدئة والرافض للانزلاق وراء الجانب السوري في بئر البارود المشتعل والبعد عن تفجير الموقف، فهل لأمريكا دور في إخفاض صوت إسرائيل، التي من المؤكد أنها واثقة في قدراتها العسكرية؟، هل إسرائيل تترك سورية هي التي تأزم الموقف؟، هل إسرائيل تخشى من أن تفجر سوريا الموقف حقًا في لبنان؟، أم أن إسرائيل تقلق من الموقف الإيراني الغامض بسبب عدم تصريحات زعمائها حيال الأزمة؟.. وقد يكون التحليل الأخير الأقرب للصحة، خاصةً إذا ما وضعنا في اعتبارنا أن عشرات من الضباط الإيرانيين يتنقلون بين منطقة سهل البقاع اللبنانية وسوريا للتنسيق بين حزب الله والجيش السوري، الذي فيما يبدو أنه يعتمد على آلاف من جنود الحرس الوطني الإيراني الجاهزين للنقل لسوريا، إضافة إلى ذلك خبر هام تم تسريبه بشكل مقلق للمناوئين لأمريكا، وكان الخبر يقول إن الدفاعات الأمريكية فشلت في صد صاروخٍ محاكٍ للتكنولوجيا الإيرانية، مما يعني أن أمريكا لها أن تتمهل قبل إشعال حرب مع إيران، وبالتالي مع أي من عملاء إيران في المنطقة مثل سوريا، ومن ثم لا تستطيع إسرائيل التي هي الأخرى عميل أمريكا في المنطقة أن تصطدم بعميل إيران، هذا إن كان الخبر صحيحًا، ولا يُقصد منه تعظيم قدرات إيران العسكرية كما فعلوا في جيشنا المصري في حرب يونيه 1967بنشر خبر في إحدى الجرائد الأمركية بأن الجيش المصري من أقوى الجيوش في منطقة الشرق الأوسط حتى جرونا للنهاية المعروفة، فقد يكون هذا هو نفس الخط الذي يجرون إيران إليه بإعطائها أكثر مما تستحق فتتعظم قدراتها العسكرية في عين نفسها فتنزلق في حرب لا طاقة لها بها.

وفي الختام بعد أن قدمنا تحليلاً سريعًا للأزمة السورية الإسرائيلية وما يدور حولها، علينا أن نتأكد من أمر واحد، وهو أن طرح الأسئلة بلا إجابة، لا يعني إلا أننا فقط علينا أن نسلط الأضواء على الأحداث وتربيطها بشكل يعطي الصورة وضوحًا أكثر، ولا تنسوا أحبائي أن معظم النار من مستصغر الشرر ولن يحترق بالنار إلا من يلعب بها.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق