بقلم: د. صبرى فوزى جوهرة
يعتقد العبد لله ان الرئيس القادم لمصر بعد انتخابات 2011 سيكون الرئيس الحالى محمد حسنى مبارك ذلك بالرغم من حبى الشديد لبلادى و علمى الوثيق بان لا سبيل الى خروجها من الفوضى العارمة التى تلتهمها الان و تهدم مؤسساتها التى قامت عليها منذ بدء حكم الاسرة العلوية فى مطلع القرن التاسع عشر الى ان انتهى فى منتصف القرن العشرين, اقول الا سبيل الى ايقاف هذا السيل الجارف المدمر الذى تعانى منه مصر الان الا بتغيير جذرى شامل لا ارادة ولا قدرة على شخصيات النظام القائم على القيام به حيث انهم يعلمون ان فى افلات السيطرة على البلاد من ايديهم ستأتى المسائلة و الحساب و العقاب. و قد ازدادت الذنوب و تراكمت فما بالكم ما هو قدر ما ينتظر الجماعة الحاكمة من عقاب.
سأتناول اليوم المرشحين الآخرين الاكثر احتمالا فى الفوز بالرئاسة اذا قرر الرئيس الحالى الابتعاد عن الحلبة و هو امر اشك فى حدوثه, وهما دكتور محمد البرادعى و نجل الرئيس, السيد جمال مبارك. دعنى اقولها من البدء : لن يكون هذا ولا ذاك بل سيكون هو بذاته, الرئيس العتيد العتيق. و تختلف اسباب استبعادى لكل من المرشحين الآخرين الواحد عن الآخر.
فمع احترامى الشديد لدكتور محمد البرادعى و رغبتى العارمة فى ان يتولى مهمة ازالة الانقاض الا انه لن يسمح للرجل بمجرد الترشيح للمنصب. هناك عراقيل دستورية وضعت خصيصا لاستبعاد امثاله من الخطوة الاولى للفوز بالرئاسة و هى التمسح بعدم استيفائه لشروط الترشيح حسب الدستور الفصامى الذى يرزح المصريون تحت نيره الان. ناهيك طبعا عن كسب الانتخابات. و بطبيعة الحال لن تتخلى الاسرة المباركية عن اول و ربما آخر ضمانات استمارها فى الحكم فتقوم بتعديل الدستور لتوسيع باب المنافسة الشريفة المشروعة على كرسى الرئاسة.
اما امر المرشح الاخر المفترض و الوريث المرتقب السيد جمال حسنى مبارك فيختلف. فبالرغم من ان رئاسته ستكون امتدادا مؤكدا للوضع الراهن مما يجعله مقبولا لدى دوائر جماعة المنتفعين المترقبين الخائفين فهو يعانى من رفض قطاع كبير من المصريين و من ثمة فهو لا يتمتع بقبول شعبى كافى لضمان فوزه. و لكننا نعلم جميعا ان هذا الامرلا يمثل سببا قهريا لازاحته جانبا, ففى مقدور السلطة الحاكمة المتحكمة فى مصائر مصر و شعبها الصابر ان تكسب الواد عبد السلام صبى بواب عمارتنا انتخابات الرئاسة ان شائت. انما الداعى الاكثر قوة لاستبعاد الوريث و الذى قد يحدو بالمنتفعين لاستبعاده و لو مؤقتا هو خشيتهم من ان
يفشل فى احكام قبضته على الحكم مما قد يثير تململ فى الجيش يغرى بانقلاب مماثل لكارثة 1952. هذا بالاضافة الى عدم رغبة المنتفعين فى المجازفة بوضع السيد مبارك الصغير فى موقع تحوم حوله صراعاتهم الداخلية و مقاومة القوى الوطنية غير المتقبلة له اساسا تحت معطيات زيادة تدهور الاوضاع الداخلية و ما يسببه ذلك من ضغط شعبى ينتظر لحظة الانفجار, الىجانب اشتداد التحديات الخارجية المتمثلة فى حماس و ايران وما يقال عن المد الشيعى فى المنطقة خاصة بعد جلاء القوات الامريكية عن العراق. فى اعتقادى ان جماعات المنتفعين لن تقامربادنى احتمالات ابعادها عن السلطة اذا فقد السيد جمال مبارك السيطرة على البلاد كما يبدو من الوضع الراهن فى وجود والده فحتى و ان كان هذا الاخير قد فقد القدرة الحقيقية على السيطرة, الا انه من الواضح انه خيار توافقى. و ما دام الامر كذلك, و ما زال الرئيس الحالى يبدو و انه ما زال يتمتع بقدر من القوى العقلية و الجسدية تجعله فى اسوأ الاحوال صورة خارجية تحافظ على بقاء النظام و المنتفعين به.
يجب ان نتذكر ان اصرار الجماعات المنتفعة على البقاء فى الحكم يتعدى شهوة السلطة و الاستمرار فى الفساد و الافساد الذي يرتعون فيه و يتكسبون منه. انهم على علم اكيد ان مسائلة جدية و قاسية ستنتظرهم حال سقوطهم قد تتطاير فيها الرؤس.
كما انه من العلامات الداعية للانتباه ما قاله اخيرا المتحدث بصوت سيده, رئيس مجلس شعبنا الموقر, الذى طلع علينا مؤخرا بتصريح من تصريحاته الالمعية, لا مش بتاع البنت اللى ماتت من الاغتصاب المزعوم, بل حاجة جديدة لا تقل غرابة و نفاقا و استغفالا و كذبا عن حكاية البنت: قال ثانى رجال الحكم فى مصر مؤخرا ان القول بترشيح السيد جمال مبارك للرئاسة ما هو الا شائعات! و العبد لله يرى ان فى هذا الكلام الكبير تحضير للمفاجئة الكبرى وهى ان رئيسنا الحالى سيستمر فى نفس المنصب الى ان تتدخل يد الله بما لا نتوقع.
اما اقوى دواعى اعتقادى بان الرئيس الحالى سيعيد ترشيح ذاته لمنصب الرئاسة عام 2011 فهو رغبة الولايات المتحدة الامريكية فى استمراره. أمريكا عايزه كده. و اعترف اننى كنت من المتشككين فى صحة هذا الامر الى ان حدث ما جعلنى اغير الرأى , و ربما استطعت ان اشارككم تفاصيل هذا التحول فى مقال آخر. |