بقلم: مينا ملاك عازر
الأيام بتمر بسرعة والدم ما بيجفِش لا في العروق ولا على الأرض، والأرض لا زالت عطشانة من المنوفية وحتى نجع حمادي، ولا أقول لك كل مصر، وإن جف الدم يبقى نجيب منين مروءة خلاص، والأرض طالبة دم معين نوعية معينة مش أي دم، سبعة دم وصلحه، وبيقولوا إن الدم المسفوك بالرصاص غير المسفوك بالسكاكين أهو كله دم.
في مصر طريق يربطها بالشقيقة السودان يدعى درب الأربعين تمر به القوافل والجمال، وما بين درب الأربعين وأربعين الستة مسافات، لكن ما بين أربعين الستة وسابع شهيد المنوفية أيام.
ورغم أن أننا في شهر فبراير ألفين وعشرة إلا أن صديقي يؤكد لي أننا في شهر مارس! مستغلاً كيس ملح اشتراه من يومين مكتوب عليه تاريخ الإنتاج مارس ألفين وعشرة، حاولت أفهمه إن ألفين وعشرة عدت من كام سنة مش مصدق وقال إحنا لسه في تمنية وتسعين، وزعق وقال لو ما سكتش حاكشحك من هنا، وبص لي بعين ردية وقال بمعنى آخر يا ريت تنكشح –حد فاهم حاجة؟-، صدقوني كيس الملح إنتاج الشهر الجاي!
عرفتم بقى إننا سبقنا عصرنا وسفكنا دمنا وهانعلي الجواب ونكتب الكتاب، والكتاب كبر وبقى مليان ويا رب تيجي الخاتمة لحسن زهقت وخايف يجي عليّ الدور وابقى مجرد اسم في الكتاب والحبر خلص وبقينا نكتب بالدم ونمسح بالمناديل وممكن نكتم الكتاب بالقطن أو بالبن.
يؤكد لي أحدهم أنه أثناء تنضيفه للقلم الرصاص بالبرّاية كتب ولقاه كاتب صفحة كاملة، ورغم إنه ما كانش قصده طب نعمل إيه في الورقة؟ قلت له نقطعها ونرميها فيه منها كتير، وبعدين سألته يعني لازم تنضف القلم قدام الورقة؟ قال كنت بأهددها بأنها لو ما سكتتش حاكتب عليها، قلت له تبقى تستاهل، فقال يا عم ديتها محامي شاطر يجيب أستيكة ويمسح إللي كتبته، قلت له ليك حق المهم القلم يعيش في المنوفية.
المثير في الموضوع أن الدم لا يكتب إلا قبطي والأرض بتتكلم عربي، وأنا بافكر اشتري عداد عشان ما أنساش العد، ولا أعِد ليه خلينا ننسى –اشرب يا معلم يمكن تنسى-، والإنسان سموه إنسان ليه؟ غير عشان بينسى، النسيان نعمة بس فيه إللي ما بينساش ولا يغفل ولا ينام.
بيني وبين صديقي عمار، أنا وهو كل يوم بننزل نتفسح نشوف الدنيا من منظور آخر، حاتقول لي ليه من منظور آخر، أقول لك لأنه صديقي مهندس والأشكال عنده كتيرة وبنفكر مرة نشوفها من مثلث أو مربع يمكن تطلع أوسع، وأقرب طريق بين نقطتين زمان كانوا بيقولوا الخط المستقيم، لكن الهندسة الجديدة أثبتت أن أقرب طريق هو الموت، راحة برضه مش كده؟
وعلمونا أن أصغر جزء في المادة هي النواة، ولما أكلت البلح قلت أكيد كدابين لأن البلح مع لونه الأحمر –زي دم غزير روى أرضنا ري- تلاقي النواة فيه ناشفة وصلبة فاهم إنت الباقي. ولما كبرت وعرفت أن الحياة مليانة ناس غيري تعبانة قلت أشكرك يا رب على نعمة النسيان.
والكلام الجاي إهداء لكل ظالم، يعني لو حضرتك مش ظالم ممكن ما تكمِّلش ولو عايز تاخد فكرة بلاش تقيس طالما مش ناوي تشتري.
أخي جاوز الظالمون المدى، والمدى مش عارف أد إيه لكنهم جاوزوه. ولو الظالم افتكر ربنا تفتكروا حيظلم، ولو دعتك قدرتك على ظلم الناس تذكر قدرة الخالق، لكن حاتقول لمين ما هو لو فيه حد بيعتبر ما كانشي أول ما يتخلص من إللي ظلموه يدور على حد يظلمه، صاحبي إللي حضر ماتش مصر والجزائر في السودان وإتضرب أول ما رجع مسك أخوه الصغير ونزل ضرب فيه بيقولوا بيفك عقدته. |