بقلم: د. ميشيل فهمي
انتقلت أسر شهداء نجع حمادي والجرحي وأسرهم بضجهم وضجيجهم إلى المقر البابوي بالعباسية بالقاهرة، للالتقاء في أحد قاعات المقر بقداسة حضرة صاحب القداسة الأنبا شنودة الثالث، في تظاهرة إنسانية روحانية
أظهرت جليًا أمس الدور الحقيقي الرعوي والتفقدي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
في لقاء حضرة صاحب القداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث لأسر الشهداء الستة وأسر الجرحي، كان لقاءً أبويًا حنونًا، لقاء حاني لأبناؤه شملهم برعاية حانية، مانحًا إياهم البركات المتعددة ومن أهمها بركة الصلاة لأرواح شهداؤهم ولهم، ناقلاً لهم تعزيات السماء ومواساة الأرض، ثم بركات مالية -ونقول بركات مالية ولا نقول تعويضات مالية لأنه لا تعويض لأسر فقدت فلذات أكبادهم-، وكم كان جميلاً ومؤثرًا تكرار قول قداسته عند مناولتهم البركات المالية ((دي 40 ألف مني، وتلك من الأنبا سوريال، وأيضًا هذا من الآباء كهنة القاهرة)).
لمسات إنسانية بابوية أبوية، كانت بلسم لتخفيف الجراح النفسية العميقة لأن ليس لها شفاء إلا من رب المجد نفسه، وما قام به قداسته أمس هو الدور الأساسي الحقيقي من الكنيسة لأولادها ورعايتهم روحيًا قبل أن يكون جسديًا، وكانت أغلى وأثمن الهدايا من قداسة البابا لأسر الشهداء والأبناء الجرحى هو الإنجيل المقدس.
وكان قمة اللقاء بل دُرِتُه تلك اللمسة المسيحية التي قام بها قداسة البابا عندما كلف نيافة الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي بتوصيل نفس البركة المالية إلى أسرة الضحية السابعة "المواطن المصري المسلم أحمد"، وكان قد سبقه في ذلك الأنبا كيرلس عندما ظهر في برنامج صاحب المعالي على قناة (أون تي في) عندما سأله المحاور الأستاذ البنا عن شعوره عندما قُتل أولاده الستة، فصححه نيافة الأنبا قائلاً.. بل هم سبعة، فحاوره المذيع لكن السابع مسلم.. فأجابه نيافة الأنبا ((هو إبني.. عاش مع أولادي، وعاشرنا وعاشرناه)).
هذه اللمسات أظهرت وبينت ووضحت وأكدت للعالم أجمع جوهر المسيحية... الحب والتسامح.. لا البغض والقتل.
ولكن، غاب عن الاحتفال تمامًا بالحضور وحتى الإشارة أُسر المعتقلين، وأسر المتضررين والمنكوبين، والمهجرين من منازلهم والمدمرة ممتلكاتهم.
قام قداسته بالدور الكنسي بعد 40 يومًا من الكارثة، وبقي دور المجتمع المدني لإظهار الجوانب السياسية وتوابعها، لأن قداسة البابا أمس قد أكد تأكيدًا قاطعًا أن الكنيسة لا تلعب أو تقوم بأي دور سياسي.
نرجو أن يتكاتف بعض المهتمين بالشأن القبطي من المثقفين والإعلاميين والمحامين ورجال الأعمال، لإنشاء جمعيات ومؤسسات لشغل هذا الدور الناقص والمنقوص...
نتمنى ذلك.... |