بقلم: جرجس وهيب
في دول العالم المتقدم تُدار مختلف الوزرات والهيئات الكبرى من خلال فريق عمل كبير ومتخصص في كافة المجالات والتخصصات يرأسه الوزير أو رئيس الهيئة، وتكون مهمته إيضاح الأمور للوزير أو المسئول، ويضم هذا الفريق متخصص علمي فى مجال عمل الوزارة ومتخصص مالي ومتخصصين في مختلف المجالات ليُحاط المسئول بالموضوع أو المشروع أو القرار من كافة الجوانب.
ولكن في مصر تُدار الوزرات بالمثل الشعبي عاش الملك مات الملك، فكلام الوزير أو المحافظ أو المسئول الذي يكون على رأس الجهة كله صح ولا يُرد، وأنه نموذج للتفكير العلمي طالما أنه يجلس على الكرسي، وما أن استبعد من منصبه تظهر كل السلبيات وتكون من داخل مكتبه ومن أقرب المعاونين.
ففي وزراة التربية والتعليم -على سبيل المثال لا الحصر- جاء الدكتور فتحي سرور وزيرًا للتربية والتعليم في فترة التسعينات، وقام بإلغاء السنة السادسة بالمرحلة الابتدائية، هلل الجميع للقرار ومميزاته التي ستجعل من الطالب المصري أصغر طالب يلتحق بالتعليم الجامعي، وعندما رحل الدكتور فتحي سرور عن وزارة التعليم ظهرت سلبيات القرار وتم إعادة السنة السادسة مرة أخرى وهلل عدد كبير من كبار مستشاري الوزير لقرار إعادة السنة السادسة كما هللوا من قبل لإلغائها، ثم جاء الدكتور حسين كامل بهاء الدين وألغى الضرب بالمدارس وأعمال السنة حتى لا يكون للمدرس أي سلطة على الطالب ثم ألغى نظام الثانوية العامة القديم وقام بتقسم الثانوية العامة لعامين دراسين الصف الثاني والصف الثالث للقضاء على الدروس الخصوصية، ثم جاء الدكتور يسري الجمل الذي كان ينوي إلغاء نظام الثانوية العامة الجديد والعودة لنظام الثانوية العامة القديم بحيث تكون الثانوية العامة شهادة منتهية وعام واحد فقط، كما تخلل عهد الدكتور يسري الجمل ظهور كادر المعلمين الذي أعاد المدرسين للجان الامتحانات مرة أخرى، ثم جاء الدكتور أحمد زكي بدر الذي عاد بنا إلى مربع العمليات رقم واحد فانتقد بشدة قرار منع الضرب في المدارس وأرجع إليه الفضل في تراجع العملية التعليمية وهيبة المدرسين، كما أطاح بمعظم مستشاري الوزير السابق واتهامهم بتقاضي عشرات الآلاف من الجنيهات من ميزانيات تطوير التعليم، واكد أنه سيطرح مشروع جديد لتطوير التعليم، فإذا كان الوزير سيطرح مشروع جديد للتطوير فماذا كان يفعل الوزراء السابقين؟!
هذا هو حال وزارة التعليم وكذلك حال أغلب الوزرات والهيئات الحكومية التي تُدار بنظام عاش الملك مات الملك، فالكل ينفذ تعلميات كبار المسئولين دون محاولة لتصحيح أي أخطاء -نفاقًا للمسئول الكبير-.
وكذلك الحال في مختلف المحافظات، ففي محافظة بني سويف على سبيل المثال استُبعد الدكتور عزت عبد الله وتم تكليف الدكتور سمير سيف اليزل، فالذين كانوا يشيدون بجهود الدكتور عزت عبد الله هم أنفسهم الذين يوجّهون النقد له ولكن في غيابه.
ويحضرنى مثال بسيط على ذلك، حيث قام الدكتور عزت عبد الله "المحافظ السابق" بردم جزء من ترعة الإبراهمية أمام جامعة بني سويف وكان يرغب في تحويلها إلى حديقة عامة، هلل الجميع للمشروع وأنه سيكون متنفس للأسر الفقيرة، وما أن استُبعد الدكتور عزت تعالت الأصوات التي تطالب بإلغاء المشروع وأن المشروع غير ملائم للمنطقة.
وكل ذلك نتيجة للنفاق وللفساد الذي استشرى بكافة القطاعات، والكذب والذي ساد كافة الأوساط، بالإضافة إلى غياب تام لمجلس الشعب والمجالس الشعبية بالمحافظات التي كان من المفترض أن تدرس كافة المقترحات التي تصل إليها بكل دقة وحيادية، والاستماع لكافة الآراء والأحزاب والإنصات جيدًا للآراء المعارضة، ولكن الكل يبحث عن مصالحه الشخصية، فأعضاء مجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية يبحثون عن مصالحهم الخاصة وعدم معارضة المسئولين والوزارء للحصول على بعض المكاسب الخاصة دون النظر للمصالح العامة، في حين أن المصالح العامة وهي مصالح شخصية للجميع...
ولكن نقول لمين؟؟! |