بقلم: فاضل عباس
في البحرين حالة غريبة قلما تجد لها نظير في الوطن العربي، فجلالة الملك دعا أكثر من مرة إلى قانون للصحافة والنشر متقدم وعصري، بينما يصر بعض النواب عن طريق المماطلة والتسويف على تضمين هذا القانون بنوداً تقود الصحفيين باتجاه السجن في نهاية المطاف، وكأنهم بينهم وبين الصحافة ثار وعملية انتقام ولذلك يعملون ليل نهار من أجل تضمين القانون عقوبة الحبس.
ومماطلة بعض النواب حتى الوصول لهدفهم النهائي بحبس الصحفيين تأخد أشكالا مختلفة فمرة يضعون العقوبات في القانون نفسه، وعندما يثور عليهم الصحفيون يلجؤون إلى وسيلة أخرى وهي ربط قانون الصحافة والنشر بقانون العقوبات، وكأنهم يحاولون التذاكي على الصحفيين والمجتمع البحريني، ومرة أخرى يقولون إن جمعية الصحفيين لم تزودهم بآرائها في هذا الدور من الانعقاد التشريعي !! وكأن مجلس النواب أصبح جزرا معزولة عن بعضها البعض ولا يعلم كل دور انعقاد عن الآخر ولا يوجد توثيق وأرشيف !!، ومطلوب من جمعية الصحفيين أن تبعث في كل دور انعقاد رؤيتها ويبدو من الأفضل أن تضع موظفاً في المجلس النيابي ومعه الأوراق وكلما تغير دور الانعقاد وزع نسخاً من رؤية الصحفيين، فهذا الكلام معيب بحق نائب يقول ذلك وخصوصاً أن لجنة الخدمات هي في الأساس من لجان المجلس التي لا يطرأ عليها تغيير إلا طفيف وتبقى الجهة المهيمنة باقية فيها في كل دور انعقاد .
هذا القانون الذي عرض على مجلس النواب وكان يبدو أن بعض النواب يحاولون تمريره في الظلام لم يمر بسبب جهود جمعية الصحفيين وتضامن الجسم الصحفي ضده، لذلك فلا مجال أمام بعض النواب إلا احترام رغبة الصحفيين بوجود قانون عصري ومتقدم، وعليهم أن ينظروا إلى المواد التي تحمي الصحفيين وترفض حبسهم في القوانين العربية التي ينظرون لها كما يدعي بعضهم بدلاً من محاولة النظر إلى مخارج تعطيهم الحق في حبس الصحفي.
دستور مملكة البحرين كان واضحاً في الحفاظ على حرية التعبير ورفض تقييدها فالقانون ينظم هذه الحرية وليس هناك مكان لإلغاء أو تقييد هذه الحرية، فما حصل عليه المواطن عن طريق الدستور لا يلغيه النواب من خلف الكواليس، ولذلك فبعض النواب عليهم قراءة الدستور قبل قراءة القوانين العربية التي يقولون إنهم قرؤوها، ولكن يبقى السؤال لماذا هذا التحامل على الصحافة من قبل بعض الكتل النيابية؟ هل لان الصحافة قد ساهمت في تعرية وفضح مشاريع هذه الكتل أمام المواطنين، في كل الأحوال على بعض النواب أن يفهموا أن المواطنين وبعد تسع سنوات من الميثاق كانوا يأملون ممن انتخبوهم أن يساهموا في رفع سقف الحريات وفي مقدمة ذلك قانون الصحافة والنشر باعتباره حجر الزاوية في الحريات العامة، ولكن من الواضح أن مصالح ورغبات الانتقام عند البعض تفوق وتتفوق على المصلحة العامة.
|