|
دراسة اجرتها جامعة القاهرة شملت ألفي شخص ووجهت إليهم169 سؤالا في11 موضوعا مختلفا. المفاجأة أنهم قالوا إن أكثر الناس فسادا في مصر هم رجال الأعمال يليهم التجار. وكنا نتوقع أن تكون الاجابة هي الحكومة وموظفوها.
تصريح للدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية مع الزميل عبدالمحسن سلامة أهرام الجمعة
(1)
ما جري يوما الثلاثاء والاربعاء الماضيين في مجلس الشعب كان مفاجأة كاملة.. فلم يكن أحد يتوقع أن أغلبية الأعضاء من الحزب الوطني سوف يثورون كل هذه الثورة ضد محافظ القاهرة الدكتور عبدالعظيم وزير, من أجل الانتصار للسيد مصطفي السلاب زميلهم البارز في المجلس. ولم يكتف السادة الأعضاء بذلك بل إنهم أخذوا يكيلون الاتهامات اجوازا وأفرادا للسيد المحافظ, فقد اتهموه بأنه يريد الانتقام من أسرة السلاب, وأنه يكيد لهم, وأن كل ما جري ما هو إلا تصفية حسابات تروح ضحيتها عائلة السلاب.
وإذا سألت لماذا؟ فإن الجواب الجاهز هو لأن السلاب أوقف إجراءات هدم وإزالة كانت تخطط لها محافظة القاهرة في عزبة الهجانة بمدينة نصر منذ نحو شهر. ويوجد في العزبة أبراج مملوكة للأسرة الكريمة.
الأدهي من كل هذا أن السيد مصطفي السلاب أخذ يصيح أمام لجنة الإدارة المحلية في المجلس يوم الاربعاء ويقول: كيف يمكن أن نحمي الأعضاء في مجلس الشعب من تعنت المحافظين والوزراء ورئيس مجلس الوزراء؟
لاحظ ان من يتحدث عن الظلم والتعسف في استخدام السلطة, وإساءة استخدامها, وتعمد إهانة النواب, هو واحد من أقوي النواب, ولاحظ أيضا ان السادة أعضاء المجلس تحدثوا عن السيد المحافظ بشكل كأنه لا يوجد في البلد قانون يمكن الاحتكام إليه, وإلا فكيف يمكن قبول تفسيراتهم لسلوك السيد الوزير المحافظ؟ فقد قالوا انه رجل يتصرف علي هواه ويفعل ما يشاء كأنه أصبح قراقوش فهل هذا صواب؟ ثم عندما التف النواب حول المهندس أحمد المغربي وزير الإسكان, وطلب من النواب مهلة بضع ساعات حتي يقرأ الأوراق لأنها أمور هندسية فنية دقيقة يجب فهمها قبل اتخاذ أي قرار, أصر السادة النواب علي ضرورة اتخاذ القرار فورا, وللاسف فقد صدرت توصية بإيقاف كل الإجراءات ضد أسرة السلاب في مدينة نصر, وأعقبها بوقت قصير صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بذات المعني!!
(2)
هناك شوكة تقف في حلقي, وتمنعني من التنفس أو تناول الطعام بسهولة. هذه الشوكة هي سؤال يقول: كيف يمكن تعبئة مجلس الشعب بهذا الشكل الذي يجعله يضغط بهذه الصورة علي مجلس الوزراء؟
القضية من أولها إلي آخرها لاتتعلق بموضوع قومي. فمثلا عندما وقعت كارثة السيول, وتشرد من تشرد وتهدمت ديار من تهدمت بيوتهم, وأصاب الخراب والدمار قري بكاملها في أسوان وشمال وجنوب سيناء, لم نجد المجلس الموقر يمارس مثل هذه الضغوط علي الحكومة المحترمة لكي تبادر إلي اتخاذ إجراءات عاجلة من نوع تسكين الأهالي وإيوائهم فورا في منازل تحميهم من البرد في ليل الشتاء, ومن مياه الأمطار والسيول, والذئاب والكلاب الضالة؟
ولم نسمع أنهم تكتلوا بهذا الشكل القوي والمنظم من أجل إجبار الحكومة علي ضرورة تسليم تعويضات السيول كاملة لكل إنسان, بصرف النظر عما إذا كان معه أوراق تثبت أحقيته في هذه التعويضات وإلا فإنه يجب اتهامه باللصوصية واحالته إلي النيابة العامة لكي تفصل في أمر محاولته السرقة!.
وعندما وقعت أزمة أنابيب البوتاجاز وتعذر علي الآلاف من المواطنين العثور علي انبوبة واحدة, لم نسمع عن أغنياء وكبار النواب أنهم اشتروا الانابيب ووزعوها في دوائرهم مجانا علي الأهالي الذين يبحثون عن انبوبة واحدة بلا جدوي, أو أنهم ضغطوا علي الحكومة لكي تسارع إلي حل المشكلة وكشف الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة التي داهمت الناس دون سابق انذار وجعلت حياتهم لا تطاق.
(3)
تخيل معي لو أنه أمكن تعبئة مجلس الشعب من أجل حل مشكلة حقيقية؟ مثل الفساد بمثل هذا الأسلوب في احتشاد النواب بشكل طوعي واختياري وبحرارة وحماس حقيقي غير مصطنع, ثم بعد ذلك يصدر المجلس قرارات قابلة للتنفيذ ويعقبها فورا أن تصدر الحكومة القرار التنفيذي وتوفر كل الأدوات والوسائل اللازمة لهذا, والأهم أن يظهر المجلس استعداده المخلص للتعاون الكامل مع الحكومة في مكافحة الفساد بكل صوره واشكاله ويوفر الغطاء التشريعي لهذه الحملة.
تصور لو أن المجلس اعتبر موضوع الري بالرش والري بالتنقيط في الوادي القديم قضية تستحق الاولوية التي أعطاها لأولوية ايقاف الإجراءات ضد أسرة السلاب في مدينة نصر, وجري رصد كل ما تحتاجه من خبرات وأموال وقوانين, ثم جرت متابعة التنفيذ بمثل هذه الدقة والحرارة التي تابع بها النواب الافاضل جلستي الثلاثاء والاربعاء الماضيين من أجل أسرة السلاب.. ماذا كان سيحدث في مصر؟
ساعتها نقدر نقول ياسلام علي النواب وجرأة النواب.
هذه الوقفة الحماسية الصارمة لصالح النائب السلاب من قبل مجلس الشعب لم يسبق أن وقف مثلها المجلس أبدا عبر تاريخه مع نواب لايقلون في النفوذ, والثراء, والشهرة عن السلاب من أمثال أحمد عبود, وعبداللطيف أبو رجيلة, وعثمان أحمد عثمان, ورشاد عثمان, والكردي رضوان, وعبداللطيف المردنلي, وعلوي الجزار, ولاحتي قطاوي باشا, وحمد الباسل, والبدراوي عاشور, وفؤاد سراج الدين!!
ماذا حدث للمجلس حتي يستطيع نائب أن يعبء خلفه المجلس النيابي بهذه الصورة غير المسبوقة في تاريخ مصر النيابي!!
hrahman@ahram.arg.eg
نقلاً عن الأهرام |
مقالات مختارة 
الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت
عدد التعليقات: ٠ تعليق
