CET 13:01:31 - 21/02/2010

مساحة رأي

 بقلم: صبرى فوزي جوهرة
تمخض السيد مفيد شهاب وأهدر درره المكنونة أمام مفوضية حقوق الإنسان التابعة لهيئة الأمم المتحدة بمدينة "جنيف" دفاعًا عن إنجازات مصر الأسطورية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.. لن أتحدث هنا عن أسلوب دولته في إلقاء التقرير والذي أعاد إلى الذاكرة تلاوات كتبة الدرجة السابعة من "المحضرين" في الزمن القديم, والذي جعلني أتحسر على هيبة ووقارو أداء رجال ما قبل العسكر تحت قبة البرلمان وفي المحافل الدولية، وكيف أن هذا الشخص احتل في يوم أغبر كرسي وزارة "التعليم العالى" التي اختصت بشئون جامعات مصر ومعاهدها العليا، وهو منصب لم يشغله طه حسين باشا بجلالة قدره.. فاذا وضعنا جلال الأسلوب جانبًا, لوجدنا في المحتوى من المبالغات الفجة ما يذهل ومن "الهجص" الثقيل ما يؤهل السيد شهاب للحصول على جائزة "أبو لمعة الأصلي الدولية" في إبداعات "الفشر" بلا منازع أو منافس.. وأنا أتحدث هنا عن "فشرة واحدة نونو" من كثيرات جائت عن عدد الكنائس الجديدة التي ادعى معاليه أنها بُنيت في عهد سيده المبارك, مما أوحى أن بعض أقباط مصر لا يلجأون إلى أخذ أموتاهم عبر الأميال لأقرب كنيسة ليتمكنوا من إجراء المراسيم والطقوس الدينية قبل الدفن، أو أن الأقباط لا يتعرضون للاعتداءات الجسدية والإذلال والاتهام بأنهم ضبطوا - لا مؤاخذة – بيصلوا، من أفواه رسميين مصريين هم أعضاء مجلس الشعب الذي يحمل معالي السيد مفسد (خطأ غير مقصود) شهاب حقيبة وزارته، "فشرة" تانية جائت مقتضبة "كروتها" الوزير القدير أوحت بأن المساجد في مصر لا تبنى "سبهللة".

 لن أتعرض لهذه الأكذوبة الأخيرة حيث إن الهم القبطي ينحصر في الحاجة إلى كنائس جديدة تبنى دون إذلال أو عدوان أو قيود تفرض باستثناء فريد على بناء دور عبادتهم، ولتغطي المساجد أرض مصر بأكملها كفطر عش الغراب، حتى وإن جاء ذلك على حساب الأراضي الزراعية المنكمشة التي أصبح نتاجها لا يسد احتياجات المصريين!..

 يا أستاذ شهاب.. نحن نريد بناء كنيسة واحدة بنفس الشروط التي يتطلبها بناء المساجد، ولا نقبل بناء عشرات الكنائس بتصريحات خاصة من أي مسئول في مصر، خاصة إذا كان هذا الشخص هو رئيس الدولة ذاته كما هو الحال الآن...

يا شهاب.. نحن أصحاب مصر ومصر هي مهد حضارة الإنسان.. ولنا اعتزاز راسخ بأنفسنا وبتاريخنا وببلادنا، ولم نعد نقبل التذلل أو الإذلال، ولكن لعل هذا الشعور يغيب عمن اعتاد على الهتاف والتملق للسلطة منذ سنين ليتسلق أعلى درجاتها بدون استحقاق.
 
لم يتفوه الوزير الخطير ببنت شفة عن الهمايوني أو شروط العزبي العشرة، لم يذكر أن افتتاح مراقص شارع الهرم وملاهيه لا يتطلب قرارًا جمهوريًا من السيد الذي لم يقم بواجب العزاء نحو الأقباط الذين قتل ابنائهم ليلة العيد إلى الآن.. لم يوجه معاليه نظر المجتمعين إلى أن لا نفع للأقباط في حساب السيد الرئيس سوى إلقائهم للغيلان لردع جهودهم في إحباط التوريث.. وعندما يصل طلب التصريح ببناء كنيسة إلى مكتب فخامته بعد أن يذل الأقباط "للي يسوى واللي ما يسواش", وبعد إحضار "صفيحة كاملة من لبن العصفور، واخرى من عرق التمساح", فإن الرئيس يتنازل بالتوقيع الكريم, على أن يتولى أحد الخفر في موقع البناء تحدي هذا التصريح ووقف البناء إلى ما لا نهاية وهو المطلوب. 
 
 يُطالب الأقباط بقانون موحد لبناء دور العبادة يُساوي بين الكنائس والمساجد (لم تعد هناك حاجة لبناء معابد لليهود حيث أفرغت مصر منهم تمامًا). ولكن العبد لله لا يرى أن في مثل هذا الإجراء ما سيخفف من حدة معاناتهم واضطهادهم في بلادهم، بل إنه ربما ليس في صدوره ما سيسهل بالقطع بناء الكنائس في المناطق التي حرمت منها..

ويرجع ذلك إلى الأسباب الاتية:
 
1.   قد يحتوي القانون, بأسلوب ملتوٍ أو صريح, ما يؤدي إلى معاملة بناء الكنائس معاملة مغايرة لبناء المساجد وفقا لمتطلبات الشريعة الإسلامية السمحاء التي تحكم البلاد.

2.   العبرة ليست في وجود القانون بل في تنفيذه. "فاكرين المواطنة"؟ المادة الأولى في الدستور؟.

3.   طالما استمر تجاهل السلطات لواجبها في حماية الأقباط وممتلكاتهم فما الذي يمنع من حرق كنيسة أو هدمها بالبلدوزرات بعد عناء بنائها؟ وهل هناك
أمن محايد وقضاء غير ملطخ بالمادة الثانية من الدستور يمنعا العدوان على الأقباط وكنائسهم ويعاقب من يهدد الأمن ويتلاعب بالقانون بعقوبات رادعة؟.

4.   لنا في الوضع الحالي مثال بائس؛ فقد تهلل بعض الأقباط السذج بقرار الرئيس الذي صدر منذ اعوام قليلة بتفويض المحافظين سلطة إصدار التصريحات

لترميم الكنائس المتهاوية القائمة وإصلاح دورات المياه فيها. ونتج عن هذا المرسوم السامي الآتى:

أ‌.    تهدمت كنائس على رؤس المصلين في انتظار قرارات المحافظين.

ب‌.  اسألوا أقباط محافظة قنا ماذا فعل محافظهم (القبطي) بهم في هذا الشأن وكيف أنهم يفضلون التعامل مع أحد رجالات مهدي عاكف (أطال الله عمره بعد
تقاعده) عن المعاناة من غيرهم من الجبناء .

جـ‌.  "طلع الرئيس من الموضوع زي الشعرة من العجين" ولم يعد موضع سخرية رسوم الكاريكاتير المهينة التي كانت تشكو من اتساع مثانات الأقباط في عهده الكريم لعدم قدرتهم على فك حصرهم أثناء صلواتهم الطويلة في الكنائس المتاحة لهم.
 
إن مصر في حاجة إلى تغيير ما في القلوب وليس استصدار قوانين جديدة يضرب بها عرض الحائط.. القوانين لا تغير ما في القلوب والعقول.. ولكن هل يعني ذلك أن العبد لله غير متحمس لإصدار قانون موحد لبناء دور العبادة في مصر؟.. كلا وألف كلا.. ففي إصداره ما يلي:
 
1.   اعتراف السلطة بحق المواطن المصري المسيحي بالمساواة الكاملة مع غير المسيحي.

2.   ألا نقع في "الهبالة" والمزايدة التي وقعنا نحن الأقباط فيها في عشرينات القرن الماضي وزمنه المنفتح عندما اقترح زعماء مسلمون تخصيص "كوتة" للأقباط في المجالس النيابية ورفض الأقباط هذا الإجراء.. كان الزعماء المسلمون أبعد نظرًا وأكثر معرفة بالواقع من الأقباط الذين كانوا يعانون عندئذ من سكرات ثورة 1919 التي لم تستدِم.

3.   انتزاع حق لنا طالت سرقته منا.

4.   إحياء أمل مصر بأنها لن تقع فريسة للإسلام السياسي وأنها ستبقى دولة مدنية تقوم دعاماتها على أسس قويمة لبناء مستقبل أفضل لجميع أبنائها.
 
لقد حلف الكثيرون من المحيطين بالسلطة بعد مذبحة نجع حمادي أن القانون الموحد لبناء دور العبادة سيتم التصديق عليه قريبًا.. وبينما يُقال إنه "مدفوس" في مكان ما في متاهات مجلس الشعب, يقول صاحب الدولة رئيس المجلس، الدكتور أحمد فتحي سرور، إن القانون لم يصل إلى مجلسه الموقر بعد.. ويُشاع أن دولته سيكون في أجازة قريبًا للسفر إلى أشهر عيادات التجميل في أوروبا لإعادة أنفه الألباني "المسمسم" إلى حجمه الطبيعى بعد أن تضخمت نتيجة لما يعرف بمرض "بينوكيو". فقد شوهدت أخيرًا وهي تتطاول على قناة BBC.. فلننتظر حتى يعود إلى كرسيه المريح في المجلس بالسلامة.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق