CET 00:00:00 - 23/02/2010

مساحة رأي

بقلم: أنطوني ويلسون
كانت انتخابات الرئاسة في مصر تتم عن طريق الأستفتاء ، منذ تولى الرئيس عبد الناصر الرئاسة حتى عام 2005 عندما غير الرئيس مبارك نظام الأستفتاء بنظام الترشيح والأنتخاب . والحق يقال كانت طفرة مميزة منذ الأنقلاب العسكري الذي كان يعتمد على الأستفتاء دافنا رأسه معتقدا أن ما يفعل هو اعطاء الشعب حرية الموافقة أو عدم الموافقة .. نعم أو لا .. لكن من يقول نعم ليس من المهم ومن يقول لا ليس من المهم أيضا . المهم أن يظل سيدنا الريس كاتما على أنفسنا سواء قلنا نعم أم لا أو لم نقل شيئا . لأن الشعب المصري لن يستطيع العيش بدون سيدنا الريس الحاكم أطال الله للشعب المصري عمره .
ظللنا على هذا الحال طوال حكم ناصر وحكم السادات حتى عام 1981 ، وحكم مبارك من عام 1981 الى عام 2005 بنفس النظام . نظام الأستفتاء . وحدث التغير . نعم التغير الى نظام تتبعه جميع الدول الديمقراطية .

رئيس الجمهورية ينتخب من الشعب . لأن الشعب هو صاحب السلطة . وصاحب السلطة هو وحده صاحب أختيار من يتولى شئون خدمته ، وليس سياد ته والتحكم فيه . ومن الطبيعى نظام الأنتخاب لا يتماشى مع نظام المرشح الواحد .. مرشح الحزب الحاكم . لذا قرر الحاكم اشراك الأحزاب الأخرى في حقها لترشيح من تراه كفئا لتولي مثل هذا المنصب الهام جدا جدا جدا .المنصب الذي بيد من يتولاه التصدي أو التغاضي لـ أو عن .. المنصب الذي من يتولاه لا تستطيع أي حكومة من أول رئيس الحكومة الى أصغر خفير أن يفعل أو يغير لا في القوانين ولا في مناهج الحكم ان لم يبادر الرئيس الحاكم بطلب أو التلميح بذلك التغير . فيبدأ مجلس الشعب بدراسة المبادرة ووضع القوانين وارسالها الى مجلس الشورى الذي يوافق على  صياغتها ثم يقوم بأرسالها الى سيادته لوضع بصمة الموافقة والا لا فائدة من وجودها . الحاكم المسؤول عن كل صغيرة وكبيرة في ادارة البلاد ولا أحد غيره من حقه أن يغير أو يبادر بالتغير . واكبر دليل على ذلك كل هذه الأعلانات المصروف عليها من خزينة الدولة والتي يمولها دافعي الضرائب الشرفاء من الشعب ، أعلانات تحديد النسل التي تملأ شاشات التلفزيون عبر جميع القنوات المصرية وغير المصرية المسموح بها بالبث في مصر . وهذا  على سبيل المثال لا الحصر .

بل سارع الرئيس بمنح كل حزب يقوم بترشيح مرشحا من عنده في الأنتخابات مبلغ ربع مليون جنيه للحزب للصرف على الدعاية الأنتخابية . لم تشارك في اللعبة كل الأحزاب التي فهمت ما وراء اللعبة . وشاركت أحزاب في اللعبة ولسان حالها يقول " اللي يجي منهم أحسن منهم " . لآنهم يغرفون جيدا ومثبقا من هو الرئيس المنتخب وقد صدق حسهم . ماعدا حزب واحد " حزب الغد " الذي رشح رئيسه الدكتور أيمن نور في الأنتخابات .

الغريب في الدكتور أيمن نور اصراره وتحديه علنا جهارا نهارا على ضرورة التغير . وهو الوحيد من بين المرشحين الذي كان له هدفا واضحا في التغير . مما جمع حوله الكثيرين المؤمنين بحتمية التغير . التغير ليس فقط في انتخاب رئيس الجمهورية بدلا من الأستفتاء . لكن التغيرالمبني على تفعيل الديمقراطية عملا لا قولا في جميع مناحى الحياة . والأغرب أنه حصل على أصوات أنتخابية مهما كان عددها قياسا بما حصل عليه الرئيس مبارك ، الا أنه جاء ترتيبه الثاني . وهذا الترتيب يعطي حزب المرشح  الحق في المشاركة في الحكم على هيئة ائتلاف ، كما هو معمول به في الدول الديمقراطية .
لكن ماحدث للدكتور أيمن نور هو ما تخوف أن يحدث لأي مرشح من مرشحي الأحزاب الأخرى التي تجنب بعضها الوضع بعدم الترشيح ، أو لم يدخل الحزب في صراعات الأصرار على النجاح أو التغير فلم يكن لمرشحيها أي علامات مميزة مثلما كان لنور. فهل تٌرك نور لحال سبيله ؟! . يعرف القاصي والداني أنه لم يٌترك لحال سبيله وأتهم بالعمالة لأميركا ، بل أتهم بالتزوير وقضت المحكمة بسجنه ، وافرج عنه لأسباب صحية وتركته زوجته وفصله الحزب ومع ذلك عاود التحدي هذه الأيام لخوض المعركة الأنتخابية للرئاسة في أكتوبر من العام القادم 2011 .

قبل أن أتحدث عن الدكتور البرادعي أريد فقط أن أذكر القاريء لماذا غير سيادة الرئيس محمد حسني مبارك نظام الأنتخابات الرئاسية من الأستفتاء الى الترشيح . ومما لاشك فيه أعرف مقدما أن القاريء يعرف ذلك ... وقد أعيد نشرمقالا سبق وكتبته  بعنوان " الرئيس مبارك وكلمته للتاريخ " ناقلا فيه بعضا من اللقاء الذي أجراه معه الأعلامي عماد الدين أديب قبل أنتخابات 2005 . وقد أعيد أيضا نشر مقالا رديت فيه على كلمة سيادته بعنوان " سيادة الرئيس مبارك وللتاريخ أيضا أسأل ..." وكلاهما نشر في كل من جريدة " المستقبل " وجريدة " المصري " ، وتضمنهما كتاب " المغترب " الجزء السادس والذي أصدرته في عام 2006 .

عودة الى لماذا غير الرئيس مبارك  نظام الأنتخابات الرئاسية من الأستفتاء الى الترشيح ؟ وأقول أنه على الرغم من اصرار سيادته من قبل واصراره الأن عن عدم توريث الحكم لأبنه مبارك ، فان هذا التغير هو من  الأول  لصالح ترشيح أبنه جمال لرئاسة الجمهورية ليتولى من بعده الحكم بطريقة شرعية دستورية وليس بالتوريث . وطبعا الأمر هنا مختلف . لأنه كما سمح في أنتخابات 2005 من ترشيح أي مصري حتى لو كان مسيحيا للأنتخابات لكي تأخذ الشكل الديمقراطي ويكون أنتخاب الرئيس المقبل والذي من المؤكد لن يكون من بين المرشحين هذه المرة سيادته .
عام 2005 طلع من عفريت العلبة واحد اسمه أيمن نور ، وعلى الرغم أنه لم يفز الا أنه صمد في تحديه ، ويحمد الله " أيمن نور" أن الرئيس الذي تحداه هوالرئيس  مبارك وليس السادات والا كان فرمه .

هذه المرة طلع من عفريت العلبة لأنتخابات 2011 شخصية لها وزنها العالمي .. شخصية حصلت على جائزة نوبل .. شخصية تولت رئاسة الوكالة العالمية للطاقة النووية التابعة للأمم المتحدة عدة مرات .. هذه الشخصية  بدأ تسليط الأضواء عليها كمرشح للأنتخابات القادمة .. هذه الشخصية كلنا نعرفها والعالم أيضا . أنه الأستاذ الدكتور محمد البرادعي الذي أجرى معه الأعلامي عمرو أديب لقاء في فينا وبثته قناة اليوم عبر برنامج " القاهرة اليوم " وشاهد ناه هنا في أستراليا يوم أمس الأحد 2010 / 02  / 21  .

أصر الرجل على أنه لم يحدد ان كان سيرشح نفسه أم لا .. وأصر على أنه يطرح ما يراه ضروريا في ادارة البلاد من تغيرات في جميع مناحي الحياة . وقد تخطى كل العقبات التي وضعها عمرو في أسئلته بأمتياز، بما فيهم رأيه في الأخوان  و حقوق المسيحيين .
بقي سؤال مهم .. هل بالفعل سيرشح الدكتور البرادعي نفسه للرئاسة في الأنتخابات القادة ؟ واذا حدث ورشح نفسه أسأل .. هل سيكون منافسا قويا للرئيس مبارك والذي قد يكون نجله جمال ممثلا عن الحزب الحاكم " الحزب الوطني الديمقراطي ؟ أم أن الصورة ستتكرر معه كما حدث مع الدكتور أيمن نور!! . أو " فليسامحني الدكتور البرادعي "  يحاولون معه بمنصب كبير كرئاسة الوزراء ، أو مجلس الشعب لأن رائحة الدكنر سرور اصبحت كريهة ولم يعد يحتمل لتبوء مثل هذا المنصب للسوقية التي أتسمت بها تصريحاته المتكررة وكذبه ونفاقه   ؟؟!! هذه كلها مجرد خواطر .. أم أن لك عزيزي القاريء خواطر أخرى !!
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق