بقلم: مجدي جورج
رحبت ضمن الكثيرين بعودة د. البرادعى يوم الجمعة الماضية 19 فبراير الى القاهرة فقد تحرك هذه العودة المياة الراكدة فى الحياة السياسية فى مصر .فعودة رجل بقامة البرادعى الى مصر بلاشك اضافة قوية للعمل العام فى مصر .وقد تفاءل أناس من مختلف المشارب بعودة هذا الرجل بل اعتبره البعض بمثابة حلم مشترك للجميع . وأنا هنا أتوقف وأتساءل هل فعلا وبحق يمكن ان يكون البرادعى هو الحلم المشترك للجميع؟
وذلك فى ضوء تصريحاته التى قال فيها :
"بانه لا يمانع من وجود حزب للاخوان قائم على مرجعية دينية مثل الاحزاب المسيحية الموجودة فى اوروبا" مع العلم ان التجربة الاوربية لا يمكن ان تصلح للتطبيق فى المنطقة العربية لان هناك اختلافات جمة بين الحالتين :
1 الأخوان اولى مبادئهم هو "القران دستورنا" فدستورهم ومرجعيتهم ليس القوانين الوضعية والدساتير التى تم الاتفاق عليها بين البشر كما هو الحال فى أوروبا التى ارتضت فيها هذه الاحزاب بالدساتير القائمة على المبادئ العلمانية وعلى المساواة بين الجميع دون تفضيل لاحد على احد .
فمرجعية الاخوان ستكون هنا الهية وهنا لن يستطيع احد ان يعارضهم او يجادلهم او يختلف معهم فى الراى
لان الخلاف معهم سيعتبرونه خلاف مع الله لانهم يحكمون بشرعه.
2 الاحزاب المسيحية فى اوروبا ليس لها جهاز سرى مثل الذى كان للاخوان والذى يقول البعض انه لا يزال قائم وليس لها ميليشيا عسكرية كالتى تم استعراضها فى جامعة الأزهر لإرهاب معارضيها لان هذه الأحزاب المسيحية لم تستخدم ابدا الا الوسائل السلمية فقط فى نضالها.
3 هل هناك شفافية عندنا تتيح لنا ان نعرف مصادر تمويل الاخوان ؟ الذين يتبارون فى جمع الاموال من مصادر عادة غير معلومة ويودعونها باسماء غير معلومة ويتاجر زعمائهم بها ويدخلون بهذه الاموال فى مشروعات كثيرة باسماء اخرى فى حين ان الاحزاب المسيحية فى اوروبا لو ان هناك شبهة او عدم شفافية فى حسابات اى فرد منها او ان هذا الفرد دخل فى تجارة او اودع مال له باسم اخر فان الامر كفيل بوقوع انقلاب حزبى او خسارة الحزب للانتخابات لان قواعد المحاسبة هناك صارمة جدا والرأى العام لا يرحم.
4 الاحزاب المسيحية فى اوروبا لا تضع شروط واضحة ومعلنة تقول انه ممنوع على المراة او غير المسيحى تولى رئاسة الدولة فقد وصلت انجيلا ميركل الى رئاسة الحزب الديمقراطى المسيحى ومن ثم الى رئاسة الوزارة فى المانيا التى تعتبر من اقوى الدول على مستوى العالم بينما الاخوان لازالوا يصرون على منع المراة والاقباط من تولى رئاسة الدولة وتولى امور كثيرة اخرى .
5 لم نشاهد للان اى حزب فى منطقتنا ذو مرجعية اسلامية ترك الحكم بسهولة فحركة الانقاذ فى السودان ومنذ عام 1989 لاتزال ترفض التنازل عن الحكم حتى لو قسمت البلاد الى دول ومقاطعات وحماس فى غزة لا تزال مصرة على عدم التصالح مع فتح حتى لو ضاعت القضية الفلسطينية بأكملها وهاهم الملالى فى ايران يفعلون نفس الشئ ويستمرون فى الحكم بالتزوير وبالارهاب ضد رغبة الشعب .
وحتى النموذج التركي الذى يعتبره البعض مثل نموذجي يحتذي به غير بعيد عن هذا الامر فهو يعمل من خلال أغلبيته التى يحكم بها من اجل العمل على قصقصة ريش القوى والأحزاب والمؤسسات الاخرى وإضعافها كى يظل دائما فى الحكم واهمها على الإطلاق مؤسسة الجيش ذات الثقل الكبير وكله بالقوانين وبالديمقراطية التي وصلوا بها للحكم ولعلنا لا ننسى هنا ان هتلر وصل لحكم المانيا بالديمقراطية أيضا . هذا عكس ما يجرى فى أوروبا عندما تقوم الأحزاب ذات المرجعية المسيحية بتسليم الحكم عند خسارتهم للانتخابات وبمنتهى السهولة والاريحية وبتهنئة الفائز ايضا.
طبعا انا هنا لا أرمى كرسي فى الكلوب ولكنها مخاوف تنتابني وأسئلة بريئة أحاول العثور على أجوبتها.
|