بقلم: مجدي ملاك
يقوم اليوم شباب 6 ابريل بإضراب عام كما حدث مثله في نفس اليوم من العام الماضي، وفي حديث مع بعض من المهتمين بالشأن العام تطرقنا إلى تلك القضية، وانقسم البعض بين مؤيد لذلك الإضراب وبين رافض له على أساس أنه لن يفيد، كما أن هناك قوى كثيرة رفضت الإشتراك في هذا الاضراب.
وبعيداً عن الرفض أو التأييد أخذت أفكر في الدافع وراء التفكير في إضراب عام من مجموعة من الشباب كان الجامع الرئيسي لها هو الإنترنت، ولعل الطريقة السليمة في تحليل أي قضية هو الرجوع ربما للتاريخ أو الجغرافيا من أجل الوقوف على الدوافع الكامنة من تصرف معين، وبالرجوع للتاريخ في تلك القضية سوف نجد أن الشعب المصري عانى في وقت طويل من القهر وعدم القدرة على التعبير بشكل سلمي عن أي من المظاهر السلبية التي كان يراها ومدفوع بحكم العديد من القوانين للسكوت.
ولعل أهم تلك القوانين هو قانون االطوارئ الذي كثيراً ما استخدم من أجل التنكيل بمن أراد رفع صوته، وبالتالي على أي حال من الأحوال في حكمنا على هؤلاء الشباب لا ينبغي أن نفصل التاريخ عن تحليل المضمون في تلك القضية.
وربما سيطرح البعض أن معظم هؤلاء الشباب لم يعاصر سنوات القهر حتى يمكن أن يشعر بما تتحدث عنه، ولكن ما يجب أن ندركه تحديداً في هذه النقطة أن سنوات القهر تورث في السلوكيات، أي أنه من الممكن أن يكون هؤلاء الشباب لم يعاصروا فعلياً تلك السنوات، ولكن ربما تكون سلوكيات الآباء التي كانت تحوي قدر من التنفيس عن ذلك القهر في البيوت هي السبب وراء شعورهم بالقهر، وأنه قد حان الوقت للتعبير عن رفض ذلك القهر بشكل أكبر من خلال رفض كل ما يرونه من سلبيات أصبحت تعم المجتمع دون أن يخرج أحد ليعبر لهم عن ما تفعله الدولة في سبيل مكافحة ما يرونه من فساد.
وإذا كان هذا يتعلق بالتاريخ فالجغرافيا أيضاً ليست بعيدة عن تلك القضية، والمقصود بالجغرافيا في هذه النقطة تحديداً أن تلك المظاهرات ترتبط جغرافياً بالعاصمة التي يرى فيها هؤلاء الشباب أنها تحولت لعاصمة الفساد وليس عاصمة الدولة، فكما تصر الدولة على تركيز كل أمورها ومصالحها في العاصمة على الرغم من الإختناق الكبير الذي تعاني منه، فهكذا يفعل الشباب ويصر على أن الفساد يجب أن نبدأ في القضاء عليه من العاصمة، وهكذا يرتبط التاريخ مع الجغرافيا في التعبير عن حلم لمجموعة من الشباب يرى في الإضراب تعبير عن رفض لما هو كائن داخل المجتمع المصري بكل تفاصيله.
أما التفكير في أن من يطرح تلك الفكرة فهو يعمل ضد مصلحة البلاد، فتلك نظرية السيد الذي يبتغي القضاء على متمرديه، ذلك لأنه يرى في هؤلاء الشباب مجموعة من المتمردين ينبغي إسكاتهم بأي وسيلة، وهو أمر يحسب ضد النظام وليس معه، فالإضراب أمر موجود في كل دول العالم بل ويتم في كثير من الأحيان بمشاركة مسئولين في السلطة، وذلك لأن الهدف يجب أن يكون حماية المجتمع وإصلاحه وليس حماية النظام وأتباعه.
ولعل الشعور بأن هذا الإضراب ربما يعمل ضد مصلحة النظام هو أمر خاطئ إذا فكر النظام فيه بهذا الطريقة، فالمفترض بدل من مقاومة ظاهرة إيجابية أن يتم على الأقل توضيح الصورة الصحيحة التي لا يراها هؤلاء الشباب ويسعون من أجل ذلك للإضراب.
كما أن مبدأ قبول أو رفض إضراب يأتي من المطالب التي يسعى هؤلاء لتحقيقها أو لحث الحكومة على الإستجابة لها، ولعل أهم البنود التي يطالب بها هؤلاء الشباب هو رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه شهرياً، وهو أمر أعتقد لا يتخلف عليه إثنين، والمطلب الثاني هو ربط الأجور بالأسعار وهو أمر منطقي، والثالث هو وقف تصدير الغاز لإسرائيل وهو حق طالما رأى البعض أن ذلك في مصلحة البلاد، ومن ثم فالمطالب التي يسعى شباب 6 ابريل لتحقيقها هي مطالب عادية وبعيدة كل البعد عن التعصب أو التخريب، وكل ما هو مطلوب أن تسمع الدول لهم لا أن تتربص فقط في الشوارع لكل من أراد التعبير عن رأيه.
النقطة الأخيرة التي يحاول البعض تسويقها هو محاولة لصق ذلك الإضراب بأطراف خارجية حتى نبدأ في تهم العمالة والخيانة كالعادة، ومن ثم يصبح المشارك عميل لجهات أجنبية، ومن ثم يضيع الهدف في البحث عن من هو عميل ومن هو وطني، ليضيع الهدف الذي يسعى شباب 6 ابريل لتحقيقه، ولتبقى الجهات الأمنية مستعدة للبحث عن الخونة لنعاود التساؤل مرة أخرى عن التاريخ والجغرافيا في كل ردود فعل النظام وأتباعه ضد كل مختلف في الرأي. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|