بقلم: د. ممدوح حليم
نستعرض في هذا المقال الفكر السياسي لدى هذا الزعيم الوطني الكبير الذي راح ضحية الغدر والجهل والتعصب الأعمى، وسوف يساعدنا هذا على فهم كثير من الأحداث التي مر الوطن بها خلال توليه رئاسة وزراء مصر، والتي جعلت بعض المتشددين الأصوليين يتهمونه بالخيانة، وسوف يتضح لنا عمق رؤيته الإستراتيجية ورغبته الجامحة في عدم العودة إلى الجهل والتخلف، كما سيتضح لنا كيف كان أبعد نظرا من كثير من الزعماء والقادة في عصره.
كانت القوى العظمى في ذلك الزمان هي: إنجلترا وفرنسا وتركيا( الدولة العثمانية)، ولما جاء الاستعمار الإنجليزي أزيح الاستعمار التركي عن الساحة المصرية. ترى ماذا كان موقف القوى الوطنية من ذلك؟
سعى كثير من زعماء مصر إلى عودتها إلى "الجامعة الإسلامية" حسب تعبير ذلك الزمان، أي إلى الدولة العثمانية والخلافة، ومن هؤلاء زعماء الحزب الوطني القديم: مصطفى كامل ومحمد فريد.
أما الفريق الآخر، ومن أبرز رموزه بطرس باشا غالي، فكان يرى أن الاستعمار الإنجليزي فرصة للتخلص من الخلافة والعثمانيين الذين جلبوا التخلف على الوطن، أو على الأقل ضمانا لعدم عودتهم.
لقد تقدمت مصر تحت مظلة الإنجليز،فأنشئت السكك الحديد كثاني دولة في العالم بعد إنجلترا، وأقيمت الجامعة، وامتدت الطرق، وصارت مصر قطعة من أوربا. أما على يد الأتراك فلم تعرف سوى الفقر والجهل والمرض، بالإضافة إلى سلبها ونهبها.
إننا نؤكد أن كلا الطرفين ( الأتراك والإنجليز) مستعمر، على أن فكرة حرية مصر واستقلاليتها كانت مبكرة ومستبعدة في ذلك الوقت، وهي الفكرة التي تبلورت في أوائل القرن العشرين، تحت زعامة سعد زغلول، وقد أيد الأقباط بقوة فكرة الأمة المصرية ، وتفاعلوا بحرارة مع ثورة 19.
لقد راهن الفريق المؤيد للعثمانيين رهانا خاسرا، فقد انهارت دولة الخلافة ذاتيا، وتطلع الأتراك إلى الحضارة الغربية، وصار الإنجليز قوة عظمى تزداد بأسا، وهكذا كان بطرس غالي أبعد نظرا من غيره. لقد أدى الخلاف الأيدلوجي بين الفريقين إلى اغتيال الزعيم المستنير بعيد النظر على يد متطرف، وسنستكمل الحديث. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|