بقلم: فاضل عباس
مرت علينا قبل أيام ذكرى الوحدة بين مصر وسوريا في 22 فبراير 1958، فهذه الوحدة التي قادها الزعيم جمال عبدالناصر تمثل قمة التمدد للحركة القومية العربية ونموها وانتشارها، وهي تشكل انبعاث أمل الشعب العربي من المحيط إلى الخليج في الوحدة والحرية والاشتراكية، ولذلك فان انكسار هذه الوحدة قد مثل بالمقابل تراجعاً لحركة القوميين العرب.
إن الوحدة العربية التي نتحدث عنها لم تكن في يوم من الأيام حالة ترفيه بل ضرورة للشعب العربي من المحيط إلى الخليج وهي تشكل وحدة وطن بعد تجزئة الاستعمار له في اتفاقيات سايكس بيكو المشؤومة لعام 1916 لتقاسم هذا الوطن العربي وتحويله إلى دويلات صغيره متناحرة، لذلك فإننا من هذه النقطة نقرأ وحدة مصر وسوريا التي كان يأمل فيها القوميون العرب أن تكون مقدمة انطلاق وتحرر لجمع شمل هذه الأمة بعد تفكك لسنوات طويلة.
لذلك فإن الواقعية تعني أن نفهم تماماً أن الوحدة العربية مرفوضة من الدول الكبرى الأجنبية سواء تمت هذه الوحدة بالديمقراطية أو بدونها لأنها تعني القوة والسيطرة الوطنية على منابع الثروة والمياه أينما وجدت لذلك هم يعملون وفق مصالحهم.
ويكون واهماً من يعتقد أنهم سوف يسمحون بالوحدة بهذه السهولة بل هي تحتاج إلى نضال دائم وكبير لان اتفاقيات التجزئة لم ينتهِ مفعولها والسيطرة على مقدرات الأمة لن يتوقف، والموقف المناهض تجاه هذه الأمة العربية قائم فأرضها مهد الرسالات السماوية، لذلك فنحن بحاجة لمواصلة النضال حتى تحقيق هذه الوحدة والعمل وفق خط الزعيم جمال عبدالناصر.
إن الشعب العربي لو أتيحت له الفرصة بشكل ديمقراطي فإنه سوف يختار الوحدة ويرفض التجزئة، فمشروع التجزئة مفروض على العرب من بعض أنظمة الحكم ومن الدول الغربية التي لا تترك فرصة حتى تتدخل لإفشال أي وحدة عربية بناءً على مصالحها، وما زراعة الكيان الصهيوني والمشاريع الاخرى التي جرى ويجري تداولها في المنطقة ابتداءً من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي قبرته الشعوب العربية في المهد إلا تعبير استعماري لتشتيت هذه الأمة، فالعرب في الشرق الأوسط ليسوا بحاجة لمشاريع مع الكيان الصهيوني، ولكن المؤسف أن الغرب يفرض على بعض الأنظمة هذه المشاريع للترويج لها، لذلك فنحن اليوم بحاجة في ذكرى وحدة مصر وسوريا إلى فهم أهمية الوحدة العربية ومواصلة النضال حتى تحقيقها بمقاومة مشاريع التجزئة التي تقودها بعض الأنظمة.
|