CET 00:00:00 - 04/03/2009

مساحة رأي

الصوت القبطي كثيراً ما نجده يعلو في المطالبة بالحقوق الضائعة ولكن هذا الصوت العالي سريعاً ما يتخافت ثم يتضاءل إلى أن يتلاشى وتسود حالة اللا مبالاة مرة أخرى إلى أن يفيق على أصداء كارثة جديدة يتعرض لها الأقباط فتعلوا أصواتنا ثانية وتأخذ في التضاؤل والانكماش إلى أن تتلاشى من جديد، وعلينا أن نعترف بأن السبب الرئيسي لمعاناة الأقباط هم الأقباط أنفسهم ولا علينا أن نلوم أحداً غير أنفسنا وهنا علينا أن نرصد بعض النواحي السلبية في العمل القبطي من خلال النقاط التالية:
أولاً: افتقاد الأقباط إلى التنظيم والتنسيق في العمل السياسي.
ثانياً: إحساس الأقباط بالضعف واليأس في الحصول على حقوقهم.
ثالثاً: دور الأباء الكهنة المؤثر على العمل السياسي.
قد أتلقى الكثير من الانتقادات من إخوتي الأقباط حول موضوع هذا المقال ولكن أرجو أن تعتبروا هذا المقال نوعاً من أنواع نقد الذات حتى يمكننا تعديل مسارنا حتى تكون أصواتنا وصرخاتنا ذات فاعلية تجبر أصحاب القرار المصري في إعادة الحق الضائع إلى أصحابه فأن الحقوق لا تُمنح لكنها تُنتزع وعلينا أن نكون في موقف المنتزع لحقوقه بدلاً وقوفنا موقف متسولي الحقوق على باب السُلطات المصرية، وهنا علينا مناقشة نواحي الضعف السابق توضيحها في النقاط سالفة الذكر:
 
أولاً: افتقاد الأقباط للتنظيم والتنسيق في العمل السياسي:
يعمل في المجال السياسي والحقوقي الكثير من المنظمات القبطية المنتشرة في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا ولا ننكر لهذه المنظمات دورها الكبير في تنشيط الدور القبطي كما نجحت في كشف الممارسات العنصرية الممنهجة التي يتعرض لها أقباط مصر والتي كانت تتعرض في الماضي إلى تعتيماً إعلامياً من الإعلام المصري الفاشل باعتراف أغلب الإعلاميين المصريين، ولكنه برع في شيء واحد وهو قلب الحقائق في الشأن القبطي ووضع الضحية القبطية في قفص الاتهام فقد حوّل الإعلام المصري كل مَن يطالب بالحق القبطي إلى إنسان متهم بجريمة المطالبة بالحقوق.
أقباط مصر الذين تعدادهم تجاوز خمسة عشر مليون إنسان لم يلتفت العالم إلى معاناتهم ومشاكلهم في الوقت الذي تحرك العالم كله مهرولاً من أجل مليون ونصف فلسطيني في غزة ونرى العالم كله يتظاهر من أجلهم ولا يدري أحداً بما يتعرض له الخمسة عشر مليون قبطياً!!!
عندما نجد أن رئيس الجمهورية يهتم بنفسه بإعادة النظر في قانون المرور الجديد عندما أصر العاملين في مجال النقل البري على مطالبهم وأضربوا عن أعمالهم ولم نسمع مرة واحدة إن رئيس الدولة اهتم بما يتعرض له أقباط مصر في أحداث أكبر بكثير من قانون المرور!!
هل لأن أصحاب سيارات النقل أكثر أهمية من أقباط مصر أم لأن أقباط مصر مغيبون؟؟!!! هل غزة عندما يجتمع من أجلها أكثر من سبعون وزير خارجية من جميع أنحاء العالم أهم من خمسة عشر مليوناً من الأقباط أم لأن الأقباط يفتقدون للتنظيم والتنسيق؟!!! وهنا لي مجموعة من الملاحظات على العمل القبطي أسوقها فيما يلي:
1- ليس عيباً أن تنتشر المنظمات القبطية في أوروبا وأمريكا وكندا بل على العكس تماماً إن انتشار هذه المنظمات يمكنها أن تكون منظمات فاعلة للغاية ويمكنها حصار النظام المصري في جميع أغلب دول أوروبا وأمريكا وكندا لكن ينقصها بعض العوامل الهامة حتى تصبح منظمات فاعلة ومنها:
أ – لابد من وجود ترابطاً متناسقاً بين هذه المنظمات بعيداً عن التنافس الذي أدى بالتبعية إلى التناحر الهدام لا يجب أن نقلل من أدوار بعضنا البعض فمن الأفضل أن نكون متكاملين لبعضنا البعض.
ب – لابد لنا وأن نعترف أنه عندما سمع العالم لصوت مليون ونصف غزاوي ولم يلتفت لصوت خمسة عشر مليوناً من الأقباط أن هذا يرجع التأثير الايجابي للميديا وأقباط مصر لا يمتلكون ميديا تصل بأصواتهم إلى المجتمع الدولي فلابد أن يكون للأقباط ميديا تسجل وترصد ما يتعرض له الأقباط على أرض الواقع وعرضه وتوزيعه على وكالات الأنباء والميديا العالمية.
ج – لابد من أن تمتد جذور العمل القبطي داخل مصر فلا يمكن للعالم أن ينصت إلى صوت أقباط الخارج في ظل الخمول واللا مبالاة التي تعم أقباط مصر في الداخل فلا ننسى كيف الميديا العالمية تحركت في أحداث الإسكندرية عندما تظاهر بضعة مئات من الأقباط بالداخل فإن التظاهر والإضراب حقاً مشروعاً لماذا لا يستخدم أقباط الداخل هذا الحق في المطالبة بالمواطنة الكاملة لهم هل يستطيع النظام المصري اعتقال شخصاً يطالب بحقه في المواطنة؟ وإن فعل هذا سوف يضع النظام نفسه في حرجاً كبيراً أمام المجتمع الدولي.
د – لا يجب أن يكون عدائنا لأشقائنا المسلمين شركاؤنا في الوطن لكن العداء يكمن في الحكومة المصرية التي شجعت على انتهاك حقوق الأقباط وتحييد القانون عندما تنتهك دماؤنا وأعراضنا وممتلكاتنا، الحكومة المصرية هي الوحيدة المسئولة عن كل ما يتعرض له أقباط مصر هي التي جمدت القانون الموحد لبناء دور العبادة ومازلت تفرض على الأقباط الخط الهمايوني الذي تسبب في انهيار إحدى الكنائس في سوهاج بسبب تعنت القيادة السياسية في الترخيص بإعادة ترميمها الأمر الذي تسبب في إهدار دماء الأبرياء من الأقباط ولذلك لا يمكننا معاداة المسلمين بل يجب علينا كسب تعاطفهم معنا في مواجهة طغيان الدولة وهذا يحتاج إلى تنظيم قبطي واعِ قادر على تحويل قضية الأقباط إلى قضية سياسية بدلاً من تصويرها كقضية دينية.
ر – زيارات ووعود المناسبات التي تُجريها الدولة مع نشطاء الأقباط في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل امتصاص غضبة الأقباط التي قد تواجهها زيارة السيد الرئيس لأمريكا وعقب انتهاء الزيارة تنقضي هذه الوعود وننتظر لزيارة جديدة للسيد الرئيس حتى نحصل على وعود جديدة معلوماً مسبقاً إن الدولة لن تنفذ منها شيئاً، وهنا على إخوتنا القائمين على المنظمات القبطية استغلال هذا فبدلاً من الارتضاء بمجرد وعود كاذبة يجب عليهم التصميم في الحصول على التغيير الفعلي حتى ولو كان تغييراً طفيفاً يتم تحقيقه قبل زيارة السيد الرئيس للولايات المتحدة فإن هذا يعد نجاحاً عندما نحصل على حقاً حتى ولو كان صغيراً بدلاً من أن نحصل على وعوداً كبيرة لن يتحقق منها شيئاً يجب عليهم استثمار زيارة السيد الرئيس في تحقيق مطالب بدلاً من الحصول على وعود كاذبة.
 
ثانياً: إحساس الأقباط بالضعف واليأس.
إن الإحساس بالضعف واليأس الناتج عن القمع الذي يتعرض له المصريون عموماً وليس الأقباط فقط سبباً رئيسياً في انكفاؤهم على ذواتهم ورضاؤهم بما هم فيه من بؤس وإحباط والسبب في هذا يرجع إلى القمع الذي تعرضوا له على مر العصور لكنهم لابد وأن يكون هناك توعية بأن زمن القمع قد ولىَّ فإن العالم أصبح قرية صغيرة لا يستطيع أي حاكم أن يعود بالزمن إلى الوراء ونرى الآن ولأول مرة في التاريخ يحاكم رئيس دولة يجلس على كرسي الحكم أمام الجنائية الدولية بتهمة ممارسة القمع ضد شعبه ولن يعود العالم للوراء ويجب علينا أن لا نخاف من الحاكم في المطالبة بحقوقنا شريطة أن نكون حذرين من أن يقوم الحاكم بتحويل مطالبة الأقباط بحقوقهم إلى قضية دينية واختلاق مشاكل طائفية يستخدمها في قمع الأقباط وبالتالي علينا أن نكتسب قاعدة عريضة من المؤيدين لحقوقنا من إخوتنا المسلمين حتى لا تأخذ تحركاتنا شبهة الطائفية الدينية وعندما ننجح في هذا نكون بالفعل أقوياء ولن نشعر أبداً بالضعف والوهن الذي نحن عليه الآن.

ثالثاً: دور آبائنا الكهنة.
مما لا شك فيه أننا نحمل لآبائنا الكهنة كل إعزاز وتقدير ولا يمكننا أن نخالف إرشاداتهم الكهنوتية فيما يخص العقيدة أما في السياسة فنحن نطالب الدولة بأن تحكم البلاد بقوانين مدنية وتفصل الدين عن الدولة وبالتالي فإن على آبائنا الكهنة الابتعاد عن السياسة وأن يفصلوا بين الدين والسياسة، فكثيراً ما يعمد الإعلام المصري في استضافة بعضاً من آبائنا الكهنة ومناقشتهم في الأمور السياسية وهذا أمراً مرفوضاً، فالكاهن رجل دين فقط وليس مؤهلاً بأن يكون سياسياً وأن يتكلم في السياسة وهنا عندما نطالب الحكومة بفصل الدين عن الدولة لابد لنا وأن نبدأ بأنفسنا وأن نفصل الكنيسة عن الدولة والسياسة وهذا الأمر لا ينتقص من قدسية آبائنا الكهنة شيئاً بل يصونهم بعيداً عن دهاليز السياسة وألاعيبها القذرة التي تؤثر سلباً في قدسيتهم.

أخيراً:
أرجو أن أكون استطعت في نقل وجهة نظري فيما يختص بالهم القبطي الذي يؤرقنا جميعاً وأرجو أن تكون مقالتي هذه دافعاً لتنشيط العمل السياسي القبطي.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٠ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق