CET 00:00:00 - 01/03/2010

المصري افندي

بقلم: جرجس بشرى
من المؤسف بل والمُخجِل بحق أن الحزب الوطني الحاكم ما زال مُستمرًا في سياسة التضليل والتجهيل للرأي العام المصري والعالمي، وكأن الرأي العام لا يفهم بادعائه أنه من المحظور تأسيس أي حزب أو نقابة على أساس ديني أو مرجعية دينية في مصر!
الغريب بل والمدهش أن الحزب يردد دومًا على مسامعنا هذه الاسطوانة المكسورة وهو يعلم عِلم اليقين أنه هو وحده الحزب الديني الوحيد في مصر، فالحزب الوطني ليس حزبًا دينيًا فحسب بل يمكن القول بأنه حزب طائفي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأستطيع أن أجزم -ولن أكون مُبالغًا في ذلك- أنه حزب عنصري، وهذه الطائفية والعنصرية البغيضة المكروهة يستمدها الحزب من المادة الثانية من الدستور التي تجعل من الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
لقد لمسنا جميعًا وشهدنا طائفية هذا الحزب الذي يستند في كل سياساته وقرارته وتشكيلاته على المادة الثانية من الدستور المصري، وهو ما يؤكد تمام التأكيد على مرجعيته الدينية، فلقد استطاع الحزب الحاكم بمصر من خلال مرجعيته الدينية الإسلامية إلى نجد الأقليات الدينية غيرالإسلامية تُحكم بالشريعة الإسلامية خاصة في المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية والميراث والتبني.
هل تعرفون لماذا أدان الرئيس المصري محمد حسني مبارك مذبحة نجع حمادي بعد أن أدانها العالم كله؟ أقول لكم السر.. لقد أدان الرئيس المذبحة وخرج لأول مرة عن صمته المعهود هذه المرة، لأن جماعة الإخوان المسلمين كانوا من أوائل من أدانوا المذبحة من أول مُرشدهم الأعلى إلى نواب الكتلة البرلمانية، ووصل الأمر أن حمّلت الجماعة لحكومة المصرية مسئولية الفشل الذريع في إدارة الملف القبطي المصري، وهو الأمر الذي وضع الرئيس في موقف مُحرج أمام العالم وأمام المصريين الليبراليين، وأظهره أمام العالم على أنه أكثر تطرفًا في التعامل مع الأقباط من جماعة الإخوان، مع أن الاثنين يتصارعان على أيدلوجية دينية واحدة!!
وأرجوكم لا تتسرعوا وتتهموني بالتهويل والكذب والمبالغة عندما أصف الحزب الحاكم بأنه الحزب الديني الوحيد في مصر، لأن هناك كثير من الدلائل والبراهين الدامغة التي تبين المرجعية الدينية للحزب، وأبرز هذه الأدلة ما صرح بها رئيس الحزب الحاكم نفسه "الرئيس مبارك" لصحيفة "مايو" عقب انتهاء المؤتمر الدولي للسكان الذي انعقد في مصر عام 1994، حيث نقلت مجلة الأزهر في الجزء الخامس منها والصادر في اكتوبر 1994 عن الصحيفة قوله "من المستحيل أن توقع مصر أو توافق على شيء مخالف للشريعة وهي عاصمة الأزهر الشريف"، وهناك تصريح صادر عن النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود صرح به في تحقيق صحفي نشرته صحيفة الأهرام وبعنوان "حوار المخالب" يوم 1/10/1991 وقت أن كان يشغل منصب المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة، حيث قال عبد المجيد محمود في التحقيق المُشار إليه أن الدولة أو الحكومة أو أجهزة الحكم او القائمين على الحكم يسعون إلى تطبيق المبدأ المنصوص عليه في الدستور باعتبار أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للشريع، والدولة تطبق هذا المبدأ بالطرق الشرعية والدستورية، وعنما تقوم بسن قوانين تراعي اتفاقها مع الشريعة الإسلامية وأحكامها، فما هي حجة (والسؤال هنا للنائب العام) التنظيمات الدينية التي تستخدم العنف والإرهاب للوصول إلى الحكم بحجة تطبيق الشريعة كالإخوان وجماعة صالح سرية والجهاد والتكفير والهجرة وجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
وللبرهنة اكثر على المرجعية الدينية لهذا الحزب، أتذكر ما قاله د. مفيد شهاب "وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية" عند مناقشة قانون الطفل في جلسة مجلس الشعب المنعقدة في 1 يونيو 2008، حينما رفع صوته مجلجلاً في المجلس قائلاً "نحن بصدد إصدار قانون وليست هناك أية حساسية إطلاقًا من أن نتحدث عن الشريعة الإسلامية، بل العكس هو الصحيح.. إحنا عندنا حكم دستوري اسمى من أي قانون، مادة (2).. مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ومن الطبيعي ونحن نناقش إذا تبين أن هناك أي نص فيه خروج على أحكام الشريعة الإسلامية فيجب ألا نوافق عليه بأي حال من الأحوال"..
(هل رأيتم حزب بمرجعية دينية أكثر من هذا الحزب العجيب؟!!!)
على المنظمات الدولية الحقوقية أن تسارع عن كثب في مناشدة المجتمع الدولي بإيجاد قوانين أو آليات أو مواثيق تحظر قيام أي حزب أو حكومة على أساس ديني، فهذا المطلب يعد من أبسط المطالب التي تؤكد على احترام حقوق الإنسان.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق