بقلم: جرجس وهيب
قال الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية قبل التعديل الوزاري المحدود الذي تم إجراءه منذ فترة قليلة وشمل تغيير وزيرين فقط، وكان الوزير مرشح للخروج من الوزارة إن إقرار قانون الوظيفة العامة الجديد من قبل مجلس الشعب هو طوق نجاة للعمالة المؤقتة بالجهاز الإداري بالدولة والتي تبلغ عددها أكثر من 400 ألف مؤقت ويعانون من الحرمان التام من أي مزايا تأمينية أو تأمين صحي أو زيادات سنوية أو حوافز، بالإضافة إلى تدني الرواتب بشكل كبير.
فبعض العاملين في وزراه الزراعة على سبيل المثال يتقاضون مبالغ متدنية للغاية تتراوح ما بين 40 جنيه إلى 100 جنيه شهريًا وإن أقرار القانون الجديد للوظيفة العامة سيحسن كثيرًا من أوضاعهم وسيتمتعوا بكافة مزايا العاملين الدائمين بالجهاز الإداري للدولة وهذا كلام طيب يستحق الوزير عليه الشكر والتحية.
ولكن هذا الكلام تغيّر تمامًا بعد التعديل الوزاري واستقرار معالي الوزير، فخرج علينا الدكتور صفوت النحاس مدير التنظيم والإدارة بإحدى الفضائيات (قناة المحور) بكلام مغاير تمامًا محبط إلى أبعد الحدود، أكد فيه أن بعد أقرار القانون للوظيفة العامة الجديد بمجلس الشعب سيتم إلغاء التعاقدات الموجودة بالدولة بالكامل وليبحث المتعاقدين عن أي عمل أخر.
طبعًا كلام غير مسئول صادر من أناس مغيبين لا يعيشون معنا في هذا البلد ويعيشون في أبراج عاجية، فأغلب العاملين المؤقتين بالدولة معينين منذ أكثر من 10 سنوات وتخطى معظمهم سن الـ 40 عام وأغلبهم متزوجين ويعيلون أسر ويعيشون على أمل التثبيت في الوظائف وتحسين أوضاعهم، يفاجئون بكلام مدير التنظيم والإدارة الذي يهدم هذه الأسر، فكيف لهؤلاء أن يبحثوا عن عمل وقد تخطت أعمارهم سن الـ 40 فلماذا تركتهم الدولة طوال هذه السنوات ولماذا عينتهم الدولة من الأساس تصرفات غير مسئولة تصدر دون دراسة وتلاعب بمصائر الناس دون أدنى مسئولية بل منتهى الظلم.
فعلى سبيل المثال أعلنت الدولة عن عدد من الوظائف خلال عام 2002 من بين هذه الوظائف إنشاء ما يُعرف بمراكز معلومات التنمية المحلية من بين شباب الخريجين لإعداد خريطة معلوماتية كاملة عن مصر تم إنشاء مركز معلومات بجميع القرى على مستوى الجمهورية، ولاقت هذه الفكرة ترحيب الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت وأثنىَ عليها خلال العديد من التصريحات الصحفية واستطاع شباب الخريجين عمل خريطة معلوماتية رائعة لمختلف المدن والقرى والنجوع عن مختلف نواحي الحياة وإعداد حصر كامل لجميع الأسر المصرية، تشمل كافة البيانات التي يحتاجها صانع القرار.
ولاقى العاملين بمراكز المعلومات صعوبات كبيرة من أجل إتمام هذه العمل وتم تعيين الشباب بنظام التعاقد وتثبتهم بعد ثلاث سنوات، كما أعلن ذلك اللواء مصطفى عبد القادر وزير التنمية المحلية في هذا الوقت بمرتب شهري قدرة 150 جنيه للعاملين من المؤهلات العليا و120 للمؤهل فوق المتوسط و100 للمؤهل المتوسط دون أن يتمتعوا بأي مزايا تأمينية أو زيادات سنوية أو حوافز ومع مرور الوقت تبخرت أحلام الشباب في التثبيت وخاصة بعد خروج وزير التنمية المحلية اللواء مصطفى عبد القادر، وكملت بتغيير الدكتور عاطف عبيد.
ووسط موجات الغلاء المتتالية أصبحت المرتبات ضئيلة بشكل كبير جدًا بل لا تكفى للعيش الحاف وخاصة بعد زواج أغلب العاملين بالمشروع، فبدلاً من أن تبحث الحكومة عن تصحيح خطئها وتحسن من أوضاعهم نجد أنها تسن قانون يطيح بأكثر من 400 ألف مؤقت في الشارع فيدفع الشباب ضريبة التضارب بين القرارات ومحاولة كل وزير أن يسوء في سمعة مَن سبقوه.
والغريب إن ذلك يتم ويتم الإعداد له في غياب تام لمجلسي الشعب والشورى، فالقوانين في كل العالم تُسن من أجل التسهيل على الناس أما في مصر فتُسن القوانين لتعب الناس وخراب بيوتهم.
فهناك مثل ينطبق على ذلك الوضع (إن لم تجد مِن يردك فأفعل ما شئت) فالشعب المصري مات إكلنيكيًا وأصبح جثة هامدة وأعضاء مجلسي الشعب والشورى منهمكين في تعيين أبنائهم وأقاربهم وليذهب باقي الشباب إلى الجحيم.
فلكم الله يا أصحاب العقود المؤقتة. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|