بقلم: فيولا فهمي
وقف المعلم عباس الإحتجاجي يطل من شباك منزله أبو دورين الذي انحشر بفعل التخطيط العشوائي للمساكن الشعبية بين العمارات العالية والمحال التجارية، وهو عابث الوجه وعاقد العزم على إعلان حالة الإحتجاج على صوت الباعة الجائلين ونهيق الحمير وخناقات الجيران وصوت لعب العيال، ولسة هيقول موشح كل صباح في فن التعبير عن الغضب وقبل ما يبدأ وصلة الصيحات والخناقات... شاف "شباب اليوم الموعود" لابسين اسود في اسود وخارجين من أول النهار شايلين على كتافهم اللافتات مكتوب عليها أقوى الكلمات، ومرسوم على وشوشهم التحدى والإصرار وكأنهم مجندين في حرب 67 بس العدو المرة دية مش فرنسا ولا إسرائيل.
استغرب المعلم عباس الإحتجاجي على شكل وهيئة الشباب وهما طالعين ماسكين في إيديهم الميكرفونات لزوم إطلاق الشعارات على سلالم النقابات، وبيجروا فرحانين وكأنهم مستعجلين على الضرب والسحل وفتح أبواب المعتقلات، ونسي يسمع الجيران الموشح اليومي للغضب وسأل نفسه عن السبب اللي بيدفع الشباب لإعلان حالة الغضب بدل التفرغ للدراسة والشغل والجلوس في الكازينوهات... صحيح الحال مش تمام والشوارع مليانة مطبات وبلاعات مفتوحة لاستقبال أجساد العيال والموظفين عايشين بمرتبات متجبش العيش الحاف والناس ساكنين في العشوائيات من غير مياه ولا نور ولا مواسير للصرف الصحي والبلاعات، والسكان بيقع على رأسهم الحجارة والصخور ويموتوا تحت الأنقاض لا حِس ولا خبر، والشباب يركبوا السفن للسفر فيرجعوا جثث عايمة على وش البحر، والعيال مبيتعلموش في المدارس غير البلطجة... بس الدنيا ماتستهلش البهدلة والشباب لازم يعيشوا بعيد عن المشاكل وكلاب العساكر، و نزل المعلم عباس من شقته العشوائية في الدور التاني علشان ينصح الشباب بالإبتعاد عن الشر ويقول لهم إن الإحتجاج مشروع لو لإعلان الغضب ضد الجيران لكن عند الحكومة لازم الكل يبقى أرانب وفئران، لكن لقى الموظفين والعمال والفلاحين والمعلمين والمهندسين كمان مشاركين في يوم الغضب السنوي علشان يقولوا للحكومة "كفاية" هنموت "من أجل التغيير" وهنقف "ضد الفساد" وهنقول "لا للتوريث".
من غير ما يشعر المعلم عباس لقى الشباب واقفين حواليه، عمالين يفوقوا فيه انهاردة يوم 6 ابريل... "صباحو إضراب يا معلم". |