نواب الإخوان والمستقلون يقاطعون جلسة البرلمان.. والبورصة تحقق أعلى مستوى لها منذ 4 أشهر
لاقت الدعوة لإضراب عام في مصر استجابة شعبية محدودة، على الرغم من أن الداعين إلى إضراب 6 أبريل نجحوا في زيادة عدد المحافظات المشاركة لتصبح 8 محافظات، ولم تقتصر على محافظة بعينها كما حدث العام الماضي عندما كانت المحلة الكبرى معقلا للإضراب، لكنها كانت العام الحالي هادئة، وخرج نحو 24 ألف عامل من عمال المحلة بعد انتهاء عملهم في مصانعهم من دون أي مشكلات على الرغم من عددهم الكبير.
واعتبر مراقبون أن الاستجابة الشعبية الضعيفة للإضراب العام في مصر، الذي سمى بـ«يوم الغضب»، كانت أمرا متوقعا، وقال الدكتور عمرو الشوبكي المحلل السياسي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ«الشرق الأوسط» إننا أمام قوة افتراضية لن يكون لها تأثير على أرض الواقع، فإضراب العام الماضي كان الداعم الرئيسي له هو قوى اجتماعية موجودة على الأرض هي عمال المحلة، ولكن هذه المرة القوة الافتراضية لن تجد من يقف إلى جوارها، على الرغم من أنهم شباب واعدون، حتى لو أعلنت القوى السياسية المختلفة مشاركتها بدءا من كفاية وأخواتها وانتهاء بالإخوان. ونجحت التحركات الأمنية في إجهاض أي تحرك جماهيري كبير، ولم يجد المضربون أو المتظاهرون مكانا للتجمع حسب خطة الإضراب التي أعلنتها حركة شباب «6 أبريل» على موقعها على شبكة الإنترنت، حسبما أفاد ناشطون. وقالت روضة أحمد، الناشطة في مركز هشام مبارك الحقوقي لـ«الشرق الأوسط»: «لم يجد المتظاهرون مكانا للتجمع عند مقر اتحاد العمال بعد أن احتلته الشرطة»، وقالت ساخرة: «الشرطة هي التي نفذت الوقفة الاحتجاجية بدلا منا».
واقتصر التظاهر في العاصمة المصرية القاهرة على نقابة الصحافيين، ومجلس الدولة، وبضع وقفات احتجاجية نظمها عشرات من الطلاب في جامعة القاهرة وعين شمس اللتين تضمان نحو نصف مليون طالب وطالبة.
وندد المحتجون أمام نقابة الصحافيين بتصدير الغاز لإسرائيل وحبس الصحافيين وبإحباط الأمن للوقفة الاحتجاجية التي كانت مقررة أمام اتحاد العمال، وهتف المحتجون داعين لحرية الإضراب، وسقوط اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل، والإفراج عن مجدي حسين، وإلغاء المحاكمات العسكرية. وحسب إحصاءات غير رسمية، فإن السلطات المصرية أوقفت نحو 53 شخصا، منهم 30 شخصا في محافظة كفر الشيخ، التي شهدت قبل أيام اعتقال طالبتين وأطلقت السلطات سراحيهما أول من أمس، كما أوقفت السلطات نحو 10 أشخاص في محافظة القاهرة، 5 في محافظة المنوفية، و2 من كل من الإسكندرية والبحيرة والشرقية، واعتقلت شخصا واحدا من كل من بورسعيد والفيوم.
وأعلنت نحو 30 منظمة حقوقية وحركة شعبية وحزبا سياسيا دعمها للإضراب، وإطلاقهم لما أسموه بـ«جبهة الدفاع عن متظاهري مصر» وأعلنت الجبهة دعمها للإضراب وإنشاء غرفة عمليات مكونة من محامين ونشطاء لتقديم الدعم القانوني والإعلامي عن أحداث 6 أبريل، وذلك في محافظات مصر كافة. ومن جانبها كثفت السلطات الأمنية من تواجدها، خاصة في مدينة المحلة الكبرى التي بدت كثكنة عسكرية، حسبما قال جورج إسحاق المنسق المساعد لحركة كفاية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن التواجد الأمني الكثيف أحبط أي محاولة للدعوة للإضراب.
وأعلن عمال المحلة قبل أيام رفضهم المشاركة في الإضراب، بعد أن كانوا المحرك الرئيسي لإضراب العام الماضي، وخرجوا بعد انتهاء وردياتهم في هدوء. واعترف إسحاق بأن الاستجابة الشعبية ضعيفة للغاية، خاصة في العاصمة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الناس منشغلة بأكل عيشها»، لكن هناك مشاهد قوية في بعض المحافظات مثل الفيوم. وأضاف: «الجامعات شهدت وقفات احتجاجية، لكن مع الأسف ليست مثل العام الماضي»، مرجعا ذلك إلى القبضة الأمنية الحديدية والتحذيرات الهاتفية التي أفزعت الأهالي والنشطاء.
ولم يصدر بيان رسمي من وزارة الداخلية على الرغم من أنها أصدرت العام الماضي بيانا شديد اللهجة يحذر من المشاركة في الإضراب، وحذت الداخلية حذو الحكومة في تجاهل الإضراب والتأكيد على هامشيته، وقرر رئيس مجلس الوزراء إلقاء بيان في يوم الإضراب أمام البرلمان، تحدث فيه عن إنجازات حكومته وخططها لمواجهة الأزمة المالية العالمية. وعلى الجانب الأخر قاطع نواب الإخوان والمستقلون الجلسة التي تحدث فيها نظيف، وتركوا الساحة للأغلبية التي صفقت بشدة لبيان الحكومة. كما أطلق الحزب الوطني الحاكم حملة في 28 محافظة تحت اسم «عطاء الشباب» بشعار «شباب فاهم أولوياته.. يكمل ويبني حياته»، إضافة إلى حملات مضادة على الإنترنت. وسعت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية إلى التقليل من الإضراب، وقال الوكالة في تقرير لها حول الإضراب: «لم تجد الدعوة التي وجهتها بعض مواقع المحادثات الإلكترونية «الشات» للإضراب أي استجابة لدى الشارع المصري، حيث انتظم العمل في جميع المصالح الحكومية والقطاع الخاص، وكذلك الطلاب في المدارس والجامعات». وأكدت الوكالة أن نسبة الغياب بين الموظفين في المؤسسات والمدارس كانت طبيعية ولا ترقى إلى أدنى مستويات الإضراب.
وخالفت البورصة المصرية دعوات الإضراب، حيث حققت ارتفاعا كبيرا ووصلت إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من أربعة أشهر مع ارتفاع كبير في أحجام وقيم التداولات لم تشهدها منذ أكثر من ستة أشهر، وذلك بعد التداول على 281 مليون سهم بقيمة جاوزت 2.1 مليار جنيه. جاء بدعم من الاتجاه الشرائي المكثف لكل من المصريين والأجانب في السوق بعد استحواذهم على 80.4% و 13% من إجمالي التداولات. وأطلقت حركة «6 أبريل» المعارضة الدعوة للإضراب على موقع «فيس بوك» وتبنتها عدة قوى سياسية معلنة مشاركتها فيها، من أهمها جماعة الإخوان المسلمين (التي تمتلك نحو 20 % من مقاعد البرلمان) وحزبا العمل والكرامة المعارضين، والحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية»، و«الائتلاف الوطني من أجل التغيير»، الذي أعلن عن إطلاقه قبل أيام.
وحددت الحركة 4 مطالب للمضربين وهي: وضع حد أدنى للأجور يصل إلى 1200 جنيه، وربط الأجور بالأسعار، وانتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد يضمن الحريات السياسية والنقابية ويحدد فترة الرئاسة بمدتين على الأكثر، إضافة إلى وقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل. |