CET 00:00:00 - 10/03/2010

مساحة رأي

بقلم: أنطوني ولسن
الفن جزء لايتجزأ من منظومة الوطن والمواطن . لأنه .. الفن .
. المرآة العاكسة لصورة الوطن والمواطن المشكل لحضارة هذا الوطن أو ذاك . دائما أقول ، أرني فنك أقول لك من أنت وما هي ثقافتك وحضارتك وما هو وزن الوطن الذي أنت منه .
لا يقتصر الفن على فرع معين . لكن الفن نراه في السلوك الفردي والجماعي لأي مجتمع من المجتمعات ، أيضا تعامل الحاكم مع مواطنيه .. هذا فن أيضا . يضاف الي ذلك تعامل الشعوب مع حكامها هو فن .
طبيعي عندما نتكلم عن الفن لايخطر ببالنا ما كتبته . لكن أول ما نفكر به الرسم والنحت والموسيقى والتمثيل والأدب " شعر ، قصة ، رواية ، مسرح ، سينما وتمثيل " . وأضيف الى كل هذا فنا آخرا .. هو فن الأدارة المحرومة منه حكومات وشعوب العالم الثالث .

أحب الفن وأتذوقه . أحب الرسم وإن كنت لا أجيده ، أحب الشعر ولي محاولات ، أحب التمثيل و..الخ من فنون . لذا أجد نفسي عندما أشاهد عملا فنيا أنفعل وأتفاعل مع العمل . وهذا ما دفعني الى الكتابة عن مسلسل موسم المطر الذي تبثه على حلقات قناة " الجديد " الفضائية اللبنانية . على الرغم من أن ماعرض من المسلسل حتى اليوم ( الثلاثاء التاسع من مارس 2010 ) فقط 29 حلقة .
روح المسلسل مأخوذه من قصة فيلم " صوت الموسيقى " . قصة رجل ماتت زوجته وتركت له الأولاد والبنات ، تأتي  من تقوم على رعايتهم والأشراف على تربيتهم  .. وتوجد إمرأة على علاقة بالأب ومشروع زواج بينهما . تتطور الأحداث وتثبت " الدادة " قدرتها على توجيه الأولاد الوجهة الصحيحة مما حول نظر الرجل اليها " دون أن تعمل على ذ لك  " . 
تم تمثيل فيلم مصري يحمل نفس الروح بطولة الفنان محمود ياسين والفنانة نجلاء فتحي .. لكن صدقوني الفارق كبير جدا بين الفيلم المصري والفيلم الأميركي  ، وأيضا بين هذا المسلسل التركي " المدبلج " الى اللغة العربية  . وأنا هنا لا أقارن بينهم . إنما أتكلم عن ما كتبته في مطلع هذا المقال " الفن جزء لا يتجزأ من منظومة الوطن والمواطن .. لآنه المرآة العاكسة ... " .
المسلسل التركي  " موسم المطر ، سبق وشاهدت مسلسلا تركيا آخرا يحمل أسم " وادي الذئاب " ومدبلج الى اللغة العربية وشاهدت بعضا من حلقات الجزء الثالث البالغ عددهم 120 حلقة ولم ينتهي المسلسل بعد ، وكم أنا مشتاق لمتابعة هذا المسلسل التركي السياسي الذي يعرض الصراعات السياسية في تركيا . وهنا مربط الفرس .. تركيا ..

منذ مائة عام مضت كانت تركيا مقر الخلافة العثمانية  التي كان لها الهيمنة والسيطرة على الدول المعروفة بالدول العربية الأسلامية التي خضعت لنظام فاشيستي ديكتاتوري كان سلاحه الدين ، وعندما أقول كان سلاحه الدين ، أعني هذا جيدا . لأن الدين كان ومايزال سلاحا أكثر تأثيرا من أي أسلحة الدمار الشامل . وأنا هنا لا أقلل أو أسخر من الدين .. آي دين سماوي أو غير سماوي . لأن الأديان معتقدات يؤمن بها الأنسان الحر في إختيار ما يؤمن به أو يرفض . لكن الخلافة العثمانية إتخذت من الدين سلاحا فتاكا تخضع به رعاياها بالترغيب أوالتهديد ، وقد إستخدمت الأمبراطوريات القديمة الدين لنفس الغرض ، بل أن الكنيسة  الغربية مرت بنفس النهج وحكم البابوات بنفس النهج الترغيب والوعيد وخضع الأنسان إن كان مواطنا عاديا أو حاكما لسلطة الكنيسة ولا يستطيع أحد طبيعي أن يخالف الله .. وإلا ..!!! . الى أن جاء رجل عارض ولم يخضع لأوامر البابا وأعترض . رجل من رجال الدين أنفسهم عرف الحق ، والحق حرره وحرر الشعوب الأروبية التي بدأت تستطعم عصر النهضة  ..  وتغير معالم العالم بالأكتشافات العظيمة التي تمت في بداية القرن  16 . طبيعي نعرف من هو ذلك الرجل .. إنه رجل الد ين مارتن لوثر الألماني الذي إعترض وإحتج وسمي أتباعه بالبروستانت آي " المحتجون " .

نعود الى تركيا والخلافة العثمانية المفككة والتي شبهها الغرب بالرجل العجوز- الختيار ، والمشرف على الموت ، في بداية القرن الـ  20 والعالم محتقن وعلى مشارف حرب عالمية لم يشهدها العالم من قبل . وبالفعل إندلعت الحرب العالمية الأولى وحدثت المعجزة بالنسبة لتركيا ، إذ تولى زمام الحكم ضابط من الجيش التركي وبدأ في الأصلاح والتغير . وأهم ما فعل من تغير هو فصل الدين عن الدولة وأسس المؤسسة العسكرية من رجال الجيش ليس للحكم أو التسلط على الشعب  ، كما فعلت المؤسسة العسكرية المصرية في إنقلاب العسكر ، وكما  حدث في دول عربية أخرى ، إنما للأشراف على نظام الحكم المدني الجديد الذي عليه أن يأخذ تركيا الى العصر الحديث دون أن تتحكم آي سلطة أخرى فى مسار الشعب التقدمي الجديد ، ولن أتتطرق الى أكثر من هذا . لأن ما وصلت اليه تركيا من الرجل العجوزالى دولة لها وضعها العالمي المؤثر ، وكيان إجتماعي متحرر دون التخلي عن معتقداته الدينية دون تسلط رجال الدين ، حتى الزواج والطلاق يخضع للقانون عن طريق محاكم خاصة قانونية غير دينية  ، يجعلني أتسأل :
هل تركيا ستصمد أمام هذا المد المتأسلم والرامي الى إعادة الخلافة الأسلامية العالمية هذه المرة من جديد ؟؟!! هل ستظل تركيا محتفظة بعلقاتها الطيبة مع الغرب ؟ أم سيحدث تغير خاصة وأن الغرب فتح ذراعية وأبوابه محتضنا المسلمين من جميع بقاع الأرض بالملايين والذين يتمتعون بكل ما للمواطن الأصلي للبلاد من حقوق ومساواة لم يكن يستطيع آي منهم  التمتع بها في  وطنه الأصلى ، ومع ذلك بدأ الخوف والحرص والحظر منهم ( المسلمون ) لما لمسه ( الغرب )  من تطرف وإصرار على التغير .. تغير القيم والمباديء التي ناضلوا من أجلها وضحوا بالكثير من أجل الوصول اليها الى مباديء كانت سببا في تخلف تركيا ودول الشرق .. ومازالت ؟؟؟؟!!!!
 وهل سيتغلب المد الأسلامي المتشدد في تركيا على المؤسسة العسكرية وتعود " ريمه لعادتها القديمة ويعم البلا د الفوضى والفساد ؟؟!!". أسئلة كثيرة محيرة . فقد استطاعت تركيا أن تفصل الدين عن الدولة كما فعلت أوربا والدول المتقدمة  . فهل ستحدث نكسة لتركيا ونشاهد أفلاما ومسلسلات تمنع الموسيقي وتكتفي بالدف لأنه من التراث أما الموسيقى فهى بدعة الكفار ؟؟!! وقس على هذا كل شيء في البلاد .

يكفينا أن نرى ما وصلت اليه مصر بعد أن وضعت قدمها على الطريق الصحيح للتقدم الحضاري والرقي يأتي إنقلاب العسكر الذي كنا ننظر اليه على أنه بالفعل سيواصل المسيرة التي بدأها محمد على باشا " الألباني " ، لكن مع الأسف أعاد مصر الى ماهو أكثر من عهود التخلف والرجعية . وأنتشر الفساد وعمت الفوضى في جميع مناحي الحياة بما فيها الناحية الدينية التي استغل مشايخها وأئمتها هذا المناخ وقلدوا أمير دعاتهم لبزر بزور الفتنة وتعميق التخلف والتمسك به ليغتنوا وتكون لهم طائرات خاصة بهم ويصيرون نجوم تلفزيون يقبضون بالدولارات ، يعضدهم دول النفط وحكومة فاسدة يؤيدها برلمان فاسد وحزب لا هم له سوى نهب خيرات مصر وليدهب الشعب الى العشوائيات ولتخرب مصر فأموالنا وثرواتنا خارج مصر .
قد يسأل البعض ما دخل كل هذا بموضوع المسلسل التركي " موسم المطر " الذي حدثتنا عنه !!
الأجابة بسيطة جدا .. أتمنى من كل قاريء يستطيع متابعة هذا المسلسل عبر قناة " الجديد " اللبنانية ليرى ويحكم بنفسه رجلا أو امرأة عن روعة التمثيل مقارنة بما يقدمه وتقدمه السينما والتلفزيون المصري من قصص عفى عليها الزمن .. ولا أعرف ماذا يستفيد المشاهد من رؤية " الملابس الداخلية السفلى " للممثلة وهي داخل المرجيحة وهي تعلو بها وتهبط ، وفي كل مرة يتطاير الفستان ويظهر المستخبى ويبان ويراه رهط من المادحين فيتوقفون عن المديح ويبحلقون في الأسود المليح !!! ولماذا هذا الكم الهائل من المسلسلات التي أصبح يطلق عليها رمضانية لألهاء الناس عن العبادة وقت الصيام ( يسلوا صيامهم ) ومساعدة معول الهدم للمجتمع المصري الذي ضاع من قدمه الطريق ولا أمل له في حياة حرة كريمة ..
كل هذا من أجلك أنت ... يا ولدي !!!!!.  

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق