بقلم: د. ممدوح حليم
من يصدق أن قاتله "إبراهيم ناصف الورداني" لم يكن من الرعاع؟ كان في الثالثة والعشرين من عمره،تعلم علما راقيا هو الصيدلة، في بلد له شأنه (سويسرا) لمدة عامين ، ثم ذهب إلى إنجلترا لمدة عام لدراسة الكيمياء (الصيدلانية)، وأخيرا استقر في مصر في يناير 1909 ليفتتح صيدلية( أجزخانة بلغة وقته) في شارع عابدين.
لقد تعلم ورأى في الغرب أشياء رائعة، لكنه تعلم على يد متطرفين من مواطنيه أن الاغتيال والقتل وسيلة لفرض رأى سياسي على الساحة المصرية، اغتال قائد مصري مثله يخدم وطنه حسب رؤياه بقدر ما تتيح الظروف وتوازن القوى.
بيد أن هذا الشاب تعرض لغسيل مخ، سيطر عليه فكر أصولي متطرف. كان منتميا للحزب الوطني (القديم) الذي تباكى على الحكم العثماني المتخلف، كتب في جريدة اللواء الخاصة بالحزب وفي جريدة المؤيد. كان عضوا في جمعية مصر الفتاة. أسس جمعية انتحارية تدعى" التضامن الأخوي". لقد اتهم بطرس غالي بالخيانة في التحقيقات، واعترف بأنه غير نادم على ما فعل. و حكم عليه بالإعدام في 18 مايو 1910 .
وبعد أن ارتكب جريمته الحمقاء، كان الرعاع يهتفون في الشوارع " مبروك عليك يا ورداني، ياللي قتلت النصراني"، حاملين صوره كمناضل وكبطل قومي، مما حدا بالحكومة أن تصدر قرارا صارما بتحريم وتجريم الاحتفاظ بصورته، وظلت الوزارات المتتالية ملتزمة بتنفيذ هذا القرار بجدية حتى حدثت حركة الجيش في 23 يوليو 1952 . |