CET 00:00:00 - 12/03/2010

مساحة رأي

بقلم: نشـأت عــدلي
ما أن شرعت الباخرة في الإبحار إلا ووجدت نفسي على سطحها (الصن دك) جالسًا على إحدى "الشيزلونجات" المدودة ناظرًا إلى مياه النيل وهي تفور وكأنها تتراقص على مقدمة الباخرة يملؤها الفرح أنها تسير عليها.. وأنها تحملها بكل ما فيها من نزلاء، و"تتمخطر" بهم على صفحاتها.. مبتهجة .. سعيدة .. توزع فرحتها على كل مياه النيل .. فتشاركها بقية المياه فرحتها .. معبرة عن هذه الفرحة برقصات الأمواج في منظومة منتهى الروعة... وموسيقى مستوحاة من صوت الأمواج ذاتها.. تتداخل الموجات في اتحاد وتناغم وتناسق عجيب.. وكأنهم قد أجمعوا على هذه الرقصات بقيادة مايستروا واحد.. ومعها تشعر بسعادة النيل وأنت ترى هذه الرقصات الرائعة أمامك والتي تشعر أن هذا النيل يحتضنك ويحوطك من كل جانب..

وعندما ترسوا الباخرة.. تجد هذا النيل يهادنها حتى ترسوا تمامًا.. وكأنه قد اطمئن عليها.. فتجد صفحته لامعة، وكأنها مرأة ترى عليها كل انعكاسات الأضواء المنبعثة.. وتأخذ القمر في لياليه الزاهية على صفحتة، ويتمايل بهذا القمر فينعكس ضياؤه على كل من يشاهد هذه التحفة الرائعة.. ولكن أروع المشاهد وأكثرها تأثيرًا هو شروق الشمس وغروبها... فيكثر كلام النيل مع الشمس في حديث حب جارف ملؤه الشوق واللهفة.
وفي الصباح الباكر، تجد صفحة النيل صافية تعكس عليها كل ما حولها.. وتجد الشمس في بداية ظهورها أضواء كثيرة عبارة عن أشعة حمراء مختلفة الدرجات تُنبأ عن بداية إشراقها ولكن الضوء الأكبر يتركز في الجهة التي سوف تشرق الشمس منها.. وإذ بهذا النيل يترقرق انتظارًا لهذا الشروق المرتقب.. وما أن تبدأ الشمس في ظهورها إلا وتجد النيل قد استقبل أول ظهور لها على صفحته.. وكأنه يفرد جناحيه ليأخذها بين أحضانه.. وتموج مياهه فرحة.. تموج بخفة ورشاقة، وترى فيه فرحة لا يمكن أن تغفلها..

وعندما يكتمل ظهور الشمس وتنطبع صورتها على صفحتة يبدأ في هدؤ نسبي لا تخلو من تموجات الفرحة على صفحته.. ويحتضن الشمس بحب عجيب، وكأنه أقسم أن لا يتركها حتى يستمتع بكل إشراقة لها.. ويأخذ من دفئها وضيائها ليشع بها على الكل.. وتكافيء الشمس النيل على هذا الحب بأن تملأ كل جوانبه وتشرق عليه بنورها وتشبعه دفئًا وتتمرغ بين مياهه.. وهو يهيم بها ويتراقص أمامها وبها ليسعد بها ولا يترك لمحة منها تغيب عنه.. يحتضنها ولا يترك مجالاً لغيره يتمتع بها.. ويبقى معها إلى أن تحين اللحظة التي تفارقه فيها.. وعندما يقترب الغروب تبدأ مياهه في الانحسار وكأنه يئن مقدمًا على فراق محبوبته.. وتبدأ موجاته تتلاطم وكأنها تتصارع في الاحتفاظ بأكبر وقت للشمس وكأن كلاً من هذه الأمواج تمسك بها ولا تريد أن تتركها..

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق

الكاتب

نشأت عدلي

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

حديث النيل العظيم

صـدقني

الورقة الحسناء

لماذا نكتب؟؟

دم حلف ما ينشف

جديد الموقع