بقلم: ماريانا يوسف
أول أمس كان موافقا ليوم عيد ميلاد إحدي الصديقات المسلمات اللاتي تطوعن مثلى في فريق للتنمية البشرية يدعى "معًا" في ساقية الصاوي والتي قمت على الفور بالاتصال بها لتجديد الود بيننا.
وبعدما أنهيتُ مكالمتي معها، تذكرت موقفًا جرى بيننا منذ ما يقرب من 5 أعوام، حين كنا ضمن أعضاء ذلك الفريق، وددت أن أذكره لكم اليوم.
فبينما كان كل منا يعمل لخدمة الفريق بكفاءة وإخلاص عاليين، مالت إلى أذني وقالت لي "لولا اسمك لكنتُ ظننتك مسلمة"، فتعجبت من تلك الجملة وسألتها "ولِمَا قلتِ ذلك"، قالت "لأنك نشيطة وتعملين باهتمام وضمير شديد وملتزمة ومهذبة و.. إلخ"، فاستفزتني تلك الجملة للغاية ورردت عليها بمثلها - وكنت وقتها لم أدخل المجال الصحفي أو الحقوقي حتى كنت أعبر لها بشكل مختلف عن آرائى - فقلت لها حينئذ "بل أنا لولا غطاء شعرك واسمك لكنت ظننتك مسيحية!".. وذلك لأدبك الزائد وحلاوة لسانك وتسامحك الفائض وأمانتك الشديدة و... إلخ"..
فتعجبت هي الأخرى من رد فعلي وأكملت حديثي إليها قائلة لها "يا عزيزتي ليس هناك ربط بين الأخلاق والديانة... فلا يمكنك أن تقولي مثلاً إن ذلك بوذي أو آخر ملحد، لذا هو بلا أخلاق.. لأن في اعتقادي الشخصي أن الأخلاق هي مكسبات اجتماعية وتربوية قد تتأثر بالدين – وهو يحدث غالبًا نتيجة لثقافات مجتمعنا الشرقي - ولكن ذلك ليس أساسيًا".
هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى، فلو أجهدت نفسك بالسؤال أو الإطلاع على الأديان الأخرى، فستجدى كلاً منها يدعو للحب والعطاء والتضحية والأخلاق والعمل بإخلاص، وإن كنتِ لا تعرفين ذلك فذاك قصور منك".. وهكذا دار بيننا حوار قصير، أظن أنني أوضحت فيه لها وجهة نظري تجاه ذلك الأمر.
والآن وأنا أسترجع ذلك الموقف، أتخيل أن هناك أكثر من 90 % من المصريين - وتلك النسبة ليست إحصائية، بل ظني الشخصي- يفكرون مثلها.
فعلى سبيل المثال، وساحصر كلامي على المصريين، فالمسلم المصري لأنه غير مطلع على المسيحية، يرى أن ديانته تحث على الالتزام والأخلاق، وأن الآخر غير ملتزم أخلاقيًا، أو أنه يفعل الفحشاء في الكنائس، ويدعو إلى العري، وذلك لأنه لم يكلف نفسه بالبحث في دين الآخر، واكتفى بقراءة الجرائد الصفراء والمواقع المتشددة، والتي تجعل من الآخر كافرًا يستحق القتل وإقامة الحد.
وعلى الجانب الآخر، يرى المسيحي المصري أن ديانته هي دين العطاء والمحبة والتسامح، وأن ديانة الآخر تدعو للقتل والعنف، وهو أيضًا لم يكلف نفسه بحثا في ديانه الآخر، مكتفيًا بمواقف حدثت من بعض الغوغاء أو المتشددين.
حقيقة أنا لا أعرف حلاً لتلك المعضلة، فلا أطلب من المسيحي أن يقرأ القرآن، ويستمع إلى خطب الجمعة بداخل الجوامع لاكتشاف دين الآخر، وكذلك لا أطلب من المسلم حضور القداسات وقراءة الإنجيل.. ولكني أدعو وأؤيد حلاً كان معروضًا على الساحة في الأعوام السابقة، لعله يكون هو المنقذ لتلك القضية، وهو وضع مادة دراسية للطلبة تشرح فيها تسامح الأديان وكيفية دعوتها للإخلاق... وذلك حتى لا يأتي اليوم الذي نميز فيه أخلاق المواطن من دينه، ولكن من عمله. |