بقلم علي سالم
قرأت خبرا عن انطلاق مهرجان مسرحي، وأن العرض الأول في هذا المهرجان سيكون مسرحية «بير القمح» من تأليف علي سالم.. ياه.. بير القمح؟
كتبت هذه المسرحية ذات الفصل الواحد في نهاية 1966 وقدمتها فرقة المسرح الحديث في موسم 1967 - 1968 على مسرح الزمالك في عرض واحد مع مسرحية أغنية على الممر من إخراج أنور رستم، وكان مدير الفرقة في ذلك الوقت هو العبقري محمود مرسي
كما قدمتها فرقة أسوان المسرحية في نفس الوقت من إخراج المؤلف.. مر نصف قرن تقريبا على العرض الأول لهذه المسرحية، اختفت فيها أجيال وظهرت أجيال أخرى، مضت أسماء إلى عالم النسيان وولدت أسماء أخرى تحتل الآن ساحة الإبداع، غير أن هذه المسرحية وجدت من أبناء هذا الجيل من يتحمس لها ويقدم نفسه من خلالها.
دعني في البداية ألخص لك أحداث المسرحية على قدر استطاعتي، الفكرة مستوحاة من فعل حقيقي وشخصية حقيقية شغلت الرأي العام في مصر طويلا في بداية الستينات، وهو إستليو، جرسون يوناني مثقف، مهتم بالبحث عن قبر الإسكندر الأكبر في الإسكندرية، أجرى دراسات طويلة وأخذ يجمع الأموال من الجهات المهتمة بهذا الأمر للإنفاق على عمليات الحفر، وكانت آخر هذه الحفريات في شارع النبي دانيال، وفشل الرجل في العثور على قبر الإسكندر، واختفى كما اختفت أخباره. أما بطلي فهو عم حسين، هو أيضا كان يعمل جرسونا في المتحف المصري لسنوات طويلة، وبعلاقاته مع أساتذة الآثار تمكن من إتقان اللغات الفرعونية القديمة وكان من السهل عليه قراءة أي بردية كتبت بالهيروغليفية، قرأ جملة غريبة تقول: «في الأعياد وفي كل المناسبات.. اذهب إلى قماحة المدينة وضع فيها قليلا من القمح».
من المعروف أنه قد تم العثور في بعض القبور الفرعونية على حبات قمح في أوان دفنت من آلاف السنين وما زالت صالحة للاستنبات، وهنا بدأ عم حسين يهتم بالموضوع بعد أن أحس أنه على وشك الوصول لاكتشاف عظيم.. مئات ملايين المصريين على مدى آلاف السنين، كان كل فرد منهم يضع كمية من القمح، في مكان يسمي القماحة.. يعني هناك تحت الأرض في الصحراء المصرية ملايين الأطنان من القمح الصالح للاستخدام، إن كمية القمح المدفونة تحت الأرض كفيلة بإطعام المصريين لعدة مئات قادمة من السنين، ولكن أين توجد هذه القماحات؟
تفتح الستار عن عم حسين ومعه اثنان من مساعديه، بسيوني ومتولي في جوف الصحراء ومعهما بريمة تشبه تلك التي تستخدم في البحث عن البترول، طبقا لحسابات عم حسين، هذه هي الليلة الأخيرة في البحث، القماحة موجودة في هذا الموقع، لقد اشترط على مساعديه ألا يسألا عن طبيعة المأمورية، وبالتالي هما لا يعرفان حكاية القمح هذه، متولي ابن حلال، سعيد لأنه يعمل مع عم حسين أما بسيوني فهو ينفجر أخيرا بعد أن اكتشف أن عم حسين إنسان مجنون يبحث في الصحراء عن شيء لا وجود له، وبعد المزيد من الحفر بالبريمة، فجأة يتفجر القمح قادما من تحت الأرض مرتفعا إلى عنان السماء، يصرخ عم حسين: قمح.. قمح كتير قوي.. قمح يكفي المصريين مئات السنين.
نقلآ عن الشرق الأوسط |