CET 00:00:00 - 08/04/2009

مساحة رأي

بقلم: د. أمجد ثابت
الفراق صعب وخاصة حينما يكون شخص عزيز عليك، وأصعب حينما يكون بلا رجعة، ولن تجف أبداً دموع أم على موت وحيدها الشاب بعد وفاة زوجها؛ وهو ما بقى لها في هذه الدنيا تحلم بيوم زفافه وتعيش على أمل أن تحمل أولاده بين ذراعيها، وفجأة كل شيء ينتهي وتصير الفرحة غم وأسى، وتنقلب الضحكة بكاء ودموع.

قصة حزينة مؤلمة عشناها وعاصرنا أحداثها يوم وفاة الأخ المحبوب هاني ابن الكنيسة الإنجيلية وخادم اجتماع الشباب، إثر حادث أليم وهو في طريقه إلى عمله في شرم الشيخ، بكيناه جميعاً أطفالاً وكباراً؛ رجالاً ونساءً؛ مسلمون ومسيحيون، وفي جنازة مهيبة حضرها فوق الألف شخص ودّعنا هاني -فقيد الشباب- في انتظار لقاءه في الأمجاد السماوية.
وبكيت هاني كثيراً وكتبت قصيدة طويلة لمرثاته جاء فيها:
أبداً يا هاني صدقني لا عمري في يوم هانساك
ولا لحظه تفوت وتعدي من غير ذكراك
وفي كل كلمة وهمسه فاكرينك
فيها دايماً حبيبي أنت حي وعايش وسطينا
لا الموت ولا القبر هايفرق بينك وبينا
هاحكي لأولادي عنك والجيل اللي ما شافكشي
عن حدوته حلوه لواد حليوة وما كملتشي
هاحكي ودمعة عيني هاتكمل باقي الحكاية
أصل الزمن ما صبرشي وعجل بالنهاية
وها تفضل جوه القلب ذكرى في عالم يداوي مرضه النسيان
راح هاني أبو ضحكة حلوة وراح معاه القلب الفرحان
ومضي على وفاة هاني قرابة الثلاث أعوام ومازال الجرح ينزف ولن يلتئم أبداً ولا يعزي أسرته إلا رجاء لقاءه في المجد.

وفجأة وبالتحديد في يوم 28 فبراير 2009 فجاءتنا بعض الصحف المصرية بنشر خبر عن أحداث الفتنه الدينية التي حدثت في ملوي بعد حادث اختفاء فتاة مسيحية وعودتها تحت عنوان (روميو وجوليت ملوي الفتنة نائمة الحب أيقظها)، واستطرد كاتب المقال عن الأحداث التي مرت بها الأزمة وجن جنوننا لعرض صورة للفقيد هاني تعليقاً على الأحداث على أنه أحمد ياسين بائع الكشري الشاب المسلم الذي وفر الحنان إلى الفتاة المسيحية المسكينة وقام بخطفها.
وسرعان ما انتقل الخبر والمقال بصورة على الشبكة العنكبوتية في مواقع متعددة ومنديات مختلفة.
ووضع الصورة أحدث أشد الألم للأسرة التي ما زال جرحها ينزف لفقد وحيدها، وخاصة لإقحامة في قضية قذرة ليس له فيها من قريب أو بعيد، لم اقدر أن أمنع دمعة حارة ترقرقت على خدي بكيت هاني...

بكيت بلدنا وأحداث الفتنه فيها التي لا يلبث جمرها ينطفئ حتى يشتعل مرة أخرى...
بكيت صحافتنا التي لا يهمها إلا نشر الأكاذيب وتلفيق التهم وتاه القارئ في صحاريها بحثاً عن الحقيقة دون جدوى، فقد صار الفقيد الراحل حياً يرزق وصار المسيحي الخادم مسلماً مختطفاً والمرشد السياحي انقلب إلى بائع للكشري وهاني سليمان تحول إلى أحمد ياسين.
تذكرت وقتها أغنية (يبقى أنت أكيد أكيد في مصر).
فما حدث فعلاً لا يحدث إلا تحت سماء مصرنا المحبوبة، ولا نكذب إذا قلنا أن الصحافة المصرية حالياً تمر بأزمة إن لم تكن كارثة، والقصة السابقة واحدة من آلاف الإنتهاكات الصحفية لكرامة المواطنين الأحياء منهم والأموات...

ولا بد من وقفة تحيل دون جنوح بعض الصحفيين على ميثاق العمل الصحفي ونشرهم الأكاذيب، والتي قد يؤثر بعضها على أمن الدوله مثل الكثير من القضايا التي تثير الفتنة الدينية وتلفيق التهم للأبرياء دون وجه حق والنقد اللاذع والإنتهاكات المستمرة للأشخاص والمؤسسات.
بالطبع لسنا مع حبس الصحفي، ولكننا مع تفعيل دور لنقابة الصحفيين بحيث تمتد يدهم إلى محاربة كل من يخرج من الصحفيين على الميثاق ولا يحترم آداب وأصول المهنة.
أما عن صورة هاني فقد تم إرسال إنذار إلى الجريدة بسرعة تكذيب الخبر ونشر اعتذار رسمي للأسرة أو اضطرارنا آسفين لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم، وقد استجابت إحداهم إلى تكذيب الخبر في حين تم اتخاذ إجراء قانوني ضد الأخرى.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق