CET 00:00:00 - 14/03/2010

مساحة رأي

بقلم : هشام منور
منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والولايات المتحدة الأمريكية تبدو مهجوسة باحتمالات تعرضها لضربة أخرى قد تكون هذه المرة نووية، بعد أن ساهم انهيار الاتحاد السوفيتي وتناسل حركات العنف الموجهة ضد الولايات المتحدة، كما تسميها، في تعزيز فرص واحتمالات قيام أي عدو خارجي محتمل للولايات المتحدة بشراء أسلحة نووية من السوق السوداء، كما يرى ذلك ساسة أمريكا ومفكروها الاستراتيجيون.
وتعرف الولايات المتحدة على المستويين الإعلامي والأكاديمي جدلاً متنامياً حول بلورة سياسة واضحة للولايات المتحدة في مجال الأسلحة النووية أو الاستخدام السلمي لتلك الطاقة، ولعل من أهم الأطروحات المعروضة في هذا السياق دراسة نشرتها دورية "واشنطن كوارتلي" بعنوان: «فهم جدل سياسة الأسلحة النووية للولايات المتحدة» . وقام بها كل من (كريستوفور شيبا) و(جي دي كراوش).

يؤكد الباحثان على وجود خلاف في وجهات النظر في تصور دور الأسلحة النووية في إثناء الخصوم المحتملين كسياسة "ردع"، والاختلاف في تقييم كفاءة، ومدى ملائمة الأسلحة النووية في تحقيق هدف سياسية الردع. وأن هدف الولايات المتحدة في هذا السياق يتمثل في المحافظة على التفوق النووي الاستراتيجي، وتمثل سياسة الحد الأدنى من الردع المتبادل في العالم، خاصة مع محاولة روسيا والصين تملك ترسانة نووية مماثلة للولايات المتحدة.
وتنص استراتيجية الأمن القومي الأمريكي لعام 2002 على أن قادة الدول المارقة يتقاسمون بعض الخصائص المماثلة على الرغم من اختلاف الدوافع والأهداف، مثل: الوحشية في التعامل مع شعوبها، انتهاك المعاهدات الدولية، ومحاولة الحصول على أسلحة الدمار الشامل، ورعاية الإرهاب، ورفض الانضمام تحت لواء وقيم الولايات المتحدة الأمريكية، وأنها أكثر استعدادًا لتحمل المخاطر فيما يتعلق باستخدام أسلحة الدمار الشامل. وأن سياسة الولايات المتحدة تجاهها يكمن عبر استخدام سياسة الردع، كما فعلت مع الصين الشعبية في الستينيات، وردع إيران وكوريا الشمالية، فسياسة الردع أكثر فاعلية لردع الخصوم.

ورغم الدعوات المنتشرة للحد من انتشار التسلح، وبالذات على الصعيد النووي من خلال عقد اتفاقات دولية، إلا أن الباحثان يعرضان الاستراتيجية الأمريكية وسياستها في استعمال السلاح النووي، ويؤكدان على وجود أكثر من توجه أو تصور في هذا الصدد. منها أن يكون استخدام الولايات المتحدة للأسلحة هو الملاذ الأخير، والمحافظة على قدر أكبر من الغموض في استجابة الولايات المتحدة لمجموعة من الأحوال والأسباب. فضلاً عن الالتزام الأمريكي بالحد من التهديد باستخدام سياسية الردع النووي والإعلان عن استخدامها في حالٍ معينة.
وفيما يتعلق بقدرة الولايات المتحدة على التأثير في سياسات الحد من انتشار السلاح النووي، تؤكد الدراسة أن الولايات المتحدة تحاول أن تضغط على الدول للحد من طموحاتها والضغط على أربع مجموعات مستهدفة لمنع انتشار التسلح النووي. وهي الدول التي تمتلك أسلحة نووية معترف بها، والدول التي لديها طموحات نووية مثل إيران وكوريا الشمالية، والدول المحيطة أو المهددة من قبل الدول النووية والتي قد يكون من بينها حلفاء الولايات المتحدة وأصدقاؤها، وأخيرًا الدول التي قد تساعد المجتمع الدولي في الضغط على الدول التي تقع في المجموعة الثانية.

ويمكن للإدارة الأمريكية أن تقرر طرق معالجة منع انتشار التسلح النووي، والحفاظ على حظر انتشار الأسلحة النووية من خلال تنفيذ نظام فعال لمراقبة الصادرات وغيرها من التدابير، ويرى المحللون أن الولايات المتحدة تحاول لعب دور أكبر في ضبط النفس، والتأثير على تلك الدول عبر سياسياتها والتركيز على ضمان عدم انتشار سباق التسلح النووي، وإعطاء الضمانات الأمنية لحلفاء أمريكا للتصدي لمنع انتشار التسلح النووي على نطاق أوسع. وتخشى الولايات المتحدة من انهيار نظام منع انتشار التسلح النووي، خاصة أنه ليس لديها ضمانات للالتزام بالمادة السادسة من معاهدة حظر انتشار التسلح النووي.
ويرى الباحثان أن الإرهاب النووي يشكل في المقام الأول تهديدًا للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات القادمة، وتنشأ الخلافات حول الطريقة، والمدى وأهداف السياسة الخارجية التي ينبغي تعديلها أو التي يجب أن تخضع لمعالجة هذا التهديد، والمدى الذي ستتأثر به سياسة الولايات المتحدة للأسلحة النووية، ومحاولة التأثير لتحقيق هذا الهدف. كما أن هناك اتفاق على أهمية تأمين الأسلحة النووية والمواد الأولية للحيلولة دون أن تصبح متاحة في يد الإرهابيين.
إن مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية من وصول السلاح النووي أو التكنولوجيا النووية إلى أيدي أعدائها ممن استفزهم الغزو الأمريكي لبلادهم، أمر متفهم لدولة شرعت بفتح بوابات الحرب على مصراعيها ثم باتت مهجوسة بما قد يأتي من هذه البوابات من رد فعل، لكن ما هو غير المبرر أو المعقول أن تحرص الولايات المتحدة تحت وطأة مشاعر الخوف والتوجس إلى منع بقية دول العالم من اقتناء التقنية النووية للأغراض السلمية، ومعاقبة كل من تسول له نفسه دعم تلك الدول أو مآزرتها، في تكرار لأخطاء الإدارة الأمريكية السابقة إبان عهد بوش الابن.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق