CET 00:00:00 - 14/03/2010

مساحة رأي

بقلم: مجدى نجيب وهبة
ربما يكون العنوان صادم للبعض ... أو ربما يتصور البعض أننا نقدم مقال فكاهى ، حيث يعتبر بعض المواطنين وخاصة الأقباط أن أمريكا لن تسمح بجعل مصر طالبان أخر أو عراق أخر أو السماح بجعلها كدولة إرهابية يحكمها بن لادن وأعوانه ، بل أن البعض صار يحلم بالهجرة إلى أبناء العم سام ، حيث ينعم بالحرية والأمن والرخاء ، ولكن الواقع والحقيقة بعيداً عن الخيال .

* إن حكومات هذه الدول لها حسابات أخرى بعيدة عن تطلعات البسطاء ، والذى دعانى إلى فتح هذا الملف ، هو خبر نشر بصحيفة الأخبار 10 مارس 2010 يقول : " واشنطن تعتذر للقذافى بعد سخريتها من تصريحاته ... أعتذر المتحدث بإسم وزارة الخارجية " بى جى كرولى " عن تعليقاته الساخرة بشأن دعوة الزعيم الليبى معمر القذافى للجهاد ضد سويسرا بعد قرارها بحظر بناء المأزن ، ونفى كرولى للصحفيين أن تكون تصريحاته الشخصية تعكس السياسة الأمريكية وأكد أنه لم يقصد إهانة الرئيس الليبى ، وأعلنت واشنطن أن مسئولاً رفيع المستوى سيزور طرابلس قريباً ، ولم يفصح الخبر بعد ذلك عن سر الزيارة المفاجئة للمسئول الرفيع المستوى هل لتقديم واجب الإعتذار رغم أن الزعيم الليبى قام بتهديد كيان دولة وأعلن الجهاد ضدها ، بل الجهاد الإسلامى ضد كفار سويسرا ونشر هذا الخبر بجميع الصحف والمواقع الإلكترونية ، ورغم ذلك يغادر أمريكا مسئولاً رفيع المستوى للإعتذار ، رغم معرفة الجميع بالفكر السيادى لقائد الثورة الخضراء صاحب أكبر مخترعات فكرية وثورية ينادى بها على مدار حكمه للجماهيرية الليبية ، هذا بجانب إحترامه لدرجة العشق للنساء ، فحرسه الخاص يتكون من ما يقرب 200 إمرأة وفتاة غير متزوجين أو بمعنى أدق لا يرتبطوا بأى علاقة زوجية ويرافقونه فى جميع جولاته حول العالم لإثبات أن الأرض كروية تصاحبه طائرة خاصة لنقل خيمته الأسطورية ، حيث يفضل أن يهبط بها فى أى مطار بالعالم لتكون محل إقامته هو وحاشيته من الحارسات الفاتنات !!! .

* هذه هى أمريكا .. أكبر دولة فى العالم لا تسمح بالتطاول من مسئول رفيع المستوى يعمل بوزارة الخارجية على القذافى  ولكنها تسمح للقذافى بالتدخل فى شئون سويسرا الداخلية بل والدعوة لحملة الجهاد ضد دولة مسالمة لم ترتكب حماقة ولكنها قررت منع بناء المأزن وليس المساجد ... ونتساءل ما علاقة أمريكا بأن يتهمها البعض بأنها راعية الإرهاب فى العالم .. فهل تسمحون لى بالعودة إلى الوراء قليلاً ، كما علينا أن نعى من أين تأتى الضربات ومن المحرض والمحرك لها ، ومن يكون ورائها .. دعونا نضع أيدينا على الجرح أملين أن نوقف نزيف الإرهاب والتطرف فمازالت الضربات الموجعة تأتينا من كل صوب وإتجاه .

* أسامة بن لادن الإرهابى والإبن المدلل للقيادة الأمريكية بلغت ثروته أكثر من 400 مليون دولار منذ حوالى ربع قرن وقد وضعها فى البنوك الأمريكية ، وقد إستخدمته أمريكا عندما نشأت الخلافات بين أمريكا وروسيا على الحدود الأفغانية الباكستانية .. حيث وفرت له كل شئ " الأسلحة .. التدريب .. الإتصالات .. التحويلات " ، بل ساعدته فى بناء تنظيم القاعدة لمحاربة الجيش السوفيتي وتأسيس " بيت الأنصار ، وبيت القاعدة " لإستقبال المجاهدين الجدد حيث تحول بيت القاعدة إلى الوكر الأساسى للإرهاب بمساعدة المخابرات المركزية الأمريكية بل وساهم الأمريكان فى إدخال قنوات إتصال وتليفونات دولية وقناة على الإنترنت ، كلها متصلة بالقمر الصناعى ، كما أمدتهم بالصواريخ المضادة للطائرات من النوع " ستينجر " عن طريق أجهزة المخابرات الباكستانية ، بل أن شركة " الفايدة " إحدى شركات بن لادن كان مركزها الرئيسي الولايات المتحدة " نيويورك ".
 
وبعد أحداث 11 سبتمبر إنقلب الساحر على المارد مما إضطر بن لادن تطوير نفسه وأسلحته بل والتنقل حيث لا يعلم أحد أين يوجد ، فقد تخلت أمريكا عنه بل ورصدت الملايين لمن يدلى بمعلومات عن مركز تواجده ولكن حدث كل ذلك بعد أن أفسد بن لادن بأفكاره السامة الشباب وخرجت من مدرسته المسماة بـ " بيت الأنصار " قيادات إرهابية مدمرة وخلايا سرطانية أطلقت على أخطرها الأفغان العرب فقد إنتشروا فى أوربا وإتخذ البعض منهم سويسرا وبريطانيا معقلاً مالياً لهم ... وجعل بعضهم جينيف مقراً لقيادتهم عن طريق شركة تابعة لأسرة بن لادن فى مدينة " لوجونو " و " زيورخ " تحت أسماء مستعارة وكذلك تشكيل خلية إقتصادية فى لندن كان يرأسها عضو الجماعة الإسلامية الجزائرية " رشيد رامدا " ، والمركز التجارى بقلب العاصمة لندن يديره الشيخ " عمر بكرى " زعيم جماعة المهاجرين وأبو حمزة المصرى مفتى قتل السياح وياسر السرى ، وتساءل البعض لماذا تنساق بريطانيا دائماً للولايات المتحدة ورفضها تسليم المتطرفين المصريين المقيمين فى أرضها رغم المطالبات المستمرة من القيادة المصرية لتسليم هؤلاء الإرهابيين لمحاكمتهم فى مصر  ... كانت الإجابة دائماً عدم وجود إتفاقيات تسليم مجرمين وتارة بحجة أن قوانين البلد تمنع ذلك ... ولكن الإجابة كانت تأتى بأنها وصية تشرشل رئيس الوزراء البريطانى الأسبق الذى أوصى كل من أتى بعده قائلاً : " علينا أن نرد الجميل للأمريكيين الذين ساعدونا فى الحرب العالمية الثانية ومع ذلك فقد وجه الإرهابيين بعد أن إنضم إلى هذا الفصيل د. أيمن الظواهرى وعزام السنانيرى ومصطفى حمزة رصاصهم إلى الذين إستضافوهم وأفتى بعضهم بقتل السائحين ...

* ولم تفهم أمريكا قبل 11 سبتمبر معنى الإرهاب الذى يهدد إحساس الناس بالأمن والطمأنينة ، ويشيع أجواء من الخوف والذعر ، بل وأصاب رصاص الغدر أبرياء كثيرين لم يقترفوا ذنبا ولم يرتكبوا أية جريمة بل وقد شجعت أمريكا جماعة الإخوان المسلمين وتركت لهم الملعب شاغراً بزعم دعم الحريات وحقوق الإنسان فى الوقت الذى إعترضت فيه القيادة الأمريكية على تجديد قانون الطوارئ المصرى والبكاء على الحرية والديمقراطية فى مصر وكأنهم يطلبون منا أن نترك الإرهابيين يعملون ويستمتعون دون أن تقطع ذراعهم الطويلة بقانون الطوارئ .. غير أن هذه النظرة إنقلبت رأساً على عقب بعد أحداث 11 سبتمبر وأصبح الإرهاب هو الكابوس الذى يطارد أمريكا فى الطائرات والأبراج والملاهى والمدارس وأماكن العمل فى البنتاجون والبيت الأبيض ووكالة الفضاء " ناسا " مما جعل أمريكا تضع كل هذه الأشياء تحت سطوة قانون مكافحة الإرهاب الذى قال عنه الأمريكيين أنفسهم أنه يبدد الحلم الأمريكى ثم تأتى لعبة العراق ، فنحن نتذكر جميعاً الدور الذى مارسته أمريكا بالتغاضى عن لعبة إحتلال العراق للكويت بل والتشجيع على ذلك ، وذلك للبحث عن مبررات لإقتحام الأراضى العراقية وإسقاط نظام صدام ، ووضع العراق تحت الإحتلال " الأنجلو أمريكى ".

وللأسف بعد إكتشاف وهم أسلحة الدمار الشامل التى إدعت الحكومة الأمريكية تواجدها فى العراق لتكسب تأييد كل دول العالم حيث لم يكن هناك بالعراق سوى بضعة أسلحة لصيد الحمام والعصافير ، مما أدى إلى تحول العراق إلى مستنقع للخراب والدمار فالجميع يتقاتلون ولا نعرف من يقتل من ولصالح من ، والأدهش أن يحاكم النظام المالكى السابق صدام وأعوانه بتهم ترويع الشعب العراقى والقتل الجماعى بينما يتساقط مئات المواطنين يومياً ضحايا تفجيرات العنف والإرهاب حيث يفتقد العراق إلى الأمن ، وعن الإنتخابات الأخيرة التى يزعم البعض أنها أول الطريق للديمقراطية والتى تمت تحت تهديد الرصاص فقد إعتقد البعض أنها سوف تؤدى إلى قدرة الحكومة على الإمساك بزمام الأمور إلا أنه يبدو أن العراق على وشك مرحلة جديدة من الصراع السياسى التى نفذته قوى دولية وإقليمية على رأسهم أمريكا وإيران الذى حتماً سيقود البلاد إلى نفق مظلم ، بل أن ما يثير الدهشة ما ذكرته وكالات الأنباء والصحف أن مقتدى الصدر زعيم الشيعة قد قام بالإدلاء بصوته فى الإنتخابات من مقره فى إيران مع الألاف من عملاء نظام الملالى المتربص بأمن العراق ، ولم تقف شرور أمريكا وإحتضانها رموز الشر بل إمتدت إلى دول قريبة منها من جراء عمليات تهريب الأسلحة يومياً ، فدول أمريكا اللاتينية تتهم ولاية فلوريدا بأنها المركز الرئيسي لتهريب الأسلحة إليها والمكسيك تصرخ " الأسلحة تأتينا من ولاية تكساس " ، وكولومبيا تقول أن معظم القتلى ومن بينهم ثلاثة مرشحين لإنتخابات الرئاسة سقطوا فى فيضان الأسلحة الأمريكية ، وهو ما يعنى أن الذعر لم يصب الشارع الأمريكى فقط بل تم تصديره لجيران الولايات المتحدة ، وماذا بعد أن أطلقت أمريكا مارد الإرهاب من الفانوس السحرى ... هل تستطيع أن تعيده وتغلق عليه الفانوس مرة أخرى ... ليعود السلام للعالم ، هذا ما سوف تسفر عنه الأحداث المقبلة .
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق