بقلم: جرجس وهيب
من خلال متابعتي للوقفة الاحتجاجية التي نظمها العاملون المؤقتون بمراكز معلومات التنمية المحلية في العديد من المحافظات أمام مجلس الوزراء منذ عدة أيام، والتي يتظلمون فيها من تدني رواتبهم وعدم تمتعهم بأي من مزايا العاملين الدائمين، من تأمينات اجتماعية، وزيادات سنوية، وحوافز وتأمين صحي، استرعى انتباهي وجود عدد كبير من المسيحيات بجوار أخواتهم من المسلمات المحجبات والمنقبات يصرخن في صوت واحد، ممسكين أياديهن بأيد بعض، ضد ظلم الحكومة وتجاهل المسئولين لهم، فالجميع مكتوٍ بنيران الأسعار والفساد والمحسوبية والإهمال وظلم الحكومة للجميع مسلمين ومسيحين، ومن اختراع الأزمات لتشتيت فكر المواطن عن أشياء بعينها، فما نلبث أن نخرج من أزمة الخبز، حتى ندخل في أزمة "اسطوانات الغاز"، فنصل إلى أزمة السولار.. ثم أنه كيف لدولة مصدرة للغاز الطبيعي أن يعاني مواطنيها من مشكلة الغاز، ألم يكن بالأولى أن توصل الدولة لمواطنيها الغاز ثم تصدره بعد ذلك، ولكن الدولة تريد أن تلهي الناس عن المطالب الأخرى، بلقمة "العيش والبوتاجاز والسولار"، يعني "شغل سيما على كبير"، وللأسف ضحيته غالبًا المواطن المصرى البسيط المسلم والمسيحيي، على حدٍ سواء..
وأعتقد أن هذا المشهد الذي يجمع المسلمين والمسيحيين على هدف واحد، لا يعجب كثيرًا من قطاعات الحكومة التي تعمل بمبدأ "فرق تسد"، ونستخلص من ذلك أن أغلب مشاكل المسيحيين جزء كبير تتحمله الدولة وليس إخوانهم شركاء الوطن، وأقصد بهم المواطن المسلم البسيط، وأقصد بالدولة كبار المسئولين ومتخذي القرارات.
فالدولة هي المسؤولة عن جلسات الصلح العرفية والتي قللت من ثمن الدم القبطي وشجعت بعض الغوغاء على التعدي على المسيحيين، وهي أيضًا المسئولة عن عدم صدور القانون الموحد لبناء دور العبادة، والذي تسبب في 90% من المشاكل الطائفية الأخيرة، وهي التي أعطت الضوء الأخضر لبعض الغوغاء للثورة ضد أي مشروع لكنيسة من خلال التعامل مع بناء الكنائس بمنتهى العنف والحساسية، والحكومة هي المسئولة عن ضعف تمثيل الأقباط في المراكز القيادية، وخاصة القضاء والأجهزة الأمنية وعمداء وأساتذة الكليات والمحافظين والوزراء، والحكومة هي المسئولة عن تهميش وجود الأقباط في وسائل الإعلام وخاصة وسائل الإعلام الحكومية المملوكة للدولة، والتي تمول من دافعي الضرائب المسيحيين والمسلمين، كذلك المناهج الدراسية التي تعدها وزارة التربية والتعليم والتي تخلو من الحقبة القبطية تمامًا، بل إن هناك دروسًا تشكك في العقيدة المسيحية وتزدرى بالمسيحية..
فالدولة لا تريد هذا التوحد في مواجهة المشاكل لأنها تعرف أنه إذا اجتمع الشعب المصري، مسلميه ومسيحيه، ستكون هناك ثورة ضد هذا الظلم الذي يتعرض إليه الشعب المصري بكل فئاته وطبقاتها، من مدرسين وأطباء ومهندسين ومحامين وعمال وصيادين وفلاحين، فالمتأمل في الأحداث الطائفية يجد يد الدولة في هذه الأحداث واضحة، فكل فترة تظهر حادثة طائفية تقسم إحدى القرى والمدن، أي نصفين، مسلمين ومسيحين، وهذا ما تريده الدولة، والتي تستخدم ورقة الأقباط للعب بها في كل الأوقات، لذلك يجب أن يعي إخواننا المسلمون هذا الاتجاه الحكومي، وأن في الاتحاد قوة وفي الانقسام خراب ودمار ومزيد من ظلم الحكومة للشعب المصري بكل فئاته.. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|