بقلم : نسيم عبيد عوض
بعد إعلان خبر وفاة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى فى مصر كان أول رد فعل لهذا إن لم يكن الوحيد جاء من قداسة البابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط , حتى انه نشر نعيا مؤثرا قال فيه\" حزنت حزنا تملك كل كيانى حينما فوجئت بالخبر .. انها خسارة كبيرة لا تعوض.. كانت له فى قلبى محبة عميقة.. وكنت أعتبره أخا لى وصديقا .. كنا نتفق معا فى كثير من الآراء والمواقف ولا أجد عزاء فى فراقه.\" وفى اليوم التالى عقد قداسته مؤتمرا صحفيا اعرب فيه عن مشاعر الحزن على وفاة الشيخ طنطاوى , وفى ردة على أسئلة الصحافيين اوضح كيف كانوا فى إتفاق كامل على حلول أغلب المشاكل التى تواجه المصرى عامة والأقباط خاصة , وتكرر منه قوله انه كان أخا وصديقا ..
وهذا فى حد ذاته مثال على العلاقات التى تربطنا نحن الأقباط بالكثير من الأخوة المسلمين الذين نتعامل معهم كأخوة وفى صداقة متينة , وهذه علاقات منتشرة على كافة ربوع مصر.. ومن هنا يتساءل الإنسان عن هذه المفارقة العجيبة فى المزاج المصرى , فبينما يعيش الأقباط فى وقتنا الحاضر مأساة القتل والإعتداءات والقهر والإغتصاب والسلب والنهب من أخوتهم بنى الوطن الواحد , وهذه غطت وجه الأرض فى مصر من جنوبها الى شمالها ولعل آخر الإعتداءات الواردة الينا من مرسى مطروح , هذا البلد الآمن الذى عشت فيه أكثر من عامين فى السبعينات فى محبة وصداقة بين الأقباط والمسلمين لا مثيل لها , ولم يحدث ان واجهتنا اى اعتداءات طائفية كالتى تحدث اليوم ,
وبينما الشعب يعيش فى عداء وإنتهاك لأمنه وامانه , نجد هذة العلاقة الفريدة بين بطريرك الأقباط وبين شيخ الأزهر أليس هناك علامات إستفهام تريد الأجابة السريعة على وجود هذة العلاقة الطيبة بينما الشعب فى حالة نفور طائفى يغطى بقعة مصر كلها؟ نعم الأجابة السريعة ان شعبنا أقباطه ومسلمية فى حاجة عاجلة الى إقرار السلام الإجتماعى والذى ليس فى مقدورهم ان يلتمسوة وحدهم فبينما تدفعهم رغبات ونداءات ونوايا وتخلفات عصرية , يتصرفون وحدهم منساقون بدافع غريب لا أحد يساعدهم فى إيقافة للتفكير السليم فيما سيجلبة الإعتداء على الجار من كسر روابط الوطن الواحد والبيت الواحد, ولا يجدون مساعدة من اى جهاز فى الدولة .. الأمر ياسادة يحتاج الى وقفة سريعة من كل الأطراف فى الدولة , وكان هذا الأمر ممكن السيطرة علية لو اننا لدينا اعضاء ونواب للشعب حقيقيين يهتمون بمشاكل الوطن ,ولكن للأسف هذه قضية ميأوس منها طالما ان عضوية المجالس النيابية عضوية شرفية وليس فيها عضو يرعى شعبة,, وهذا أمر وقضية لها من الأهمية فى حل مختلف مشاكل المواطن ..
والسؤال الملح الآن ماهو الحل ؟ والحل السريع؟ والحل فى رأيي يتطلب تكاتف كل أجهزة الدولة – الوزارات جميعها- رؤساء الأحزاب , المحافظين جميعهم , أجهزة الأعلام شيوخ الأزهر وأساقفة الكنيسة ويجمعهم رئيس الدولة فى لقاء مذاع على الهواء للشعب ولا ينتهى اللقاء إلا بعد طرح جميع المشاكل على بساط البحث وتشكيل ورش عمل كل فى إختصاصة, وإيجاد الحلول لها لأن القضية تكاد يفلت عيارها كما يقولون ويصبح حلها صعب المنال, ويجد الشعب نفسه فى لهيب نار تحرق البلد ولا أحد يستطيع إطفائها,,
ونستطيع ان نضع بعض النقط على حروف المشكلة الحقيقية فى البنود التالية:
1- التمية الإقتصادية التى ينبغى تقديمها لنجوع وقرى وبلاد مصر كلها تساهم فى رفع مستوى المعيشة ,و تشغيل الأيدى العاطلة والفكر المتوقف عن العمل حتى يرتفع المستوى الإجتماعى للحياة على أرض مصر , ولنأخذ أمثلة من بلاد مثل الهند و الصين و اليابان اندونسيا وتيلاند والعديد من البلاد التى لها مشاكل مشابهة لنا وكيف رفعت من مستوى شعبها إقتصاديا وإجتماعيا. وعلى جميع بنوك مصر الوطنية ان تقدم الخطط المساعدة لإنشاءالأعمال الصغيرة وإنشاءات صناعية صغيرة ومشروعات تنمية تجلب على أسر هذا الشعب الرفاهية ومساعدته على مواجهة أعباء الحياة.
2- على جميع إدارات المحليات فى مصر ان تقدم خططها لتنمية المجتمع إقتصاديا وإجتماعيا والمشاركة فى حلول التنافر بين مواطنى مصر والعداء الطائفى , ومايلزم ذلك من قوانين يجب إصدارها لتنفيذ المتطلبات.
3- طرح مشاكل إقرار المواطنة الحقة وهذة المرة يجب إتخاذ قرارات حاسمة للتنفيذ من جميع الأطراف , أجهزة الأمن , ألقضاء, الإعلام و التعليم , مشايخ المسلمين ورجال الكنيسة. وفى حضور جميع رؤساء الأحزاب وجميع ممثلى جمعيات حقوق الإنسان فى مصر والإستماع لأرائها وتنفيذ الصالح منها.
4- فى حرية العقيدة والعبادة يجب وضع خطوط حمراء لا يجب لأى مواطن مهما كان أن يتعداها فى علاقتة بديانة ألآخر, مع وضع عقوبات رادعة للمخالفين وخصوصا على الذين يمثلون العثرة امام طموحات هذا الشعب باشغالة بأمور السلفية والعادات والتقاليد الرجعية التى تسبب تشققا إجتماعيا وفكريا لمواطنى البلد الواحد. وإغلاق الجمعيات التى تأخذ شكل الخيريات وهى تهدف الى فسخ العرق والتماسك بين الشعب الواحد .
5- التقدم بخطة لإصلاح التعليم فى مصر يكون هدفها واساسها نهضة علمية تهتم بالعقل والفكر الناضج والبحث العلمى و عن مشاركة الشباب المصرى فى نهضة بلدة وهم أكثر فئة فى الشعب قادرة على النهوض بتنمية الفكر وتقديم كافة المساعدات لهم ليقودوا نهضة حضارية يتطلبها الوطن بعيدا عن العداء الدينى والرجعى بين شباب البلد الواحد.
6- الأتفاق الوطنى بين كافة المثقفين والمفكرين فى كيفية إجراء تغيير فى الحياة السياسية تلائم العصر الحديث وبما يتطلبة من تغيير فى بنود الدستور الحالى الذى وضعه السادات فى السبعينات ,وياليت ان تتفق الآراء لوقف العمل بالدستور الحالى ويعكف الجميع على إصدار دستور جديد بإجماع كل مواطنى مصر ومراجعة كل بنود الإنتخابات فى كافة المستويات بما يعيد للمواطن ثقتة بان صوته الذى سيعطيه سيخدم وطنة . وأيضا كل ما يتطلب لإعطاء الحرية الكاملة للتعبير ومتطلبات الديمقراطية وفتح الطريق امام القيادات الشبابية لتقود المجتمع لنهضة عصرية تغير وجه مصر الى أبواب عصر يتمشى مع التقدم الهائل فى ثورة الإتصال والمعلومات الذى يجتاح العالم بسرعة فائقة.
7- فى رأيى ان موضوع الأمن له حاجة ملحة فى الفترة القادمة ولتتخذ قرارات سريعة نحو إنشاء الحرس الوطنى فى كل ربوع مصر يشارك فية الشباب من رجال وفتيات لفترة تجنيد يخدمون اقرار الأمن بجانب رجال الشرطة , وهذا معمول به فى كل دول العالم , تكون تحت قيادات عسكرية تجمع شمل كل مواطنى مصر للخدمة الوطنية وحماية السلام الإجتماعى وصد الهجمات الفاسدة التى تفكر فى الإطاحة بأمن هذا البلد .
إن الأمر يتطلب العمل السريع والجهود المتكاتفة من كل فئات الشعب لوقف نزيف التقاتل وسفك الدماء بأسم الفتنة الطائفية والتى إذا تضامنت كل رغبات الوطن فى حلها لوجدنا متنفسا لنعيش فى سلام فى بلدنا الذى نحبه جميعا وتعود بيننا علاقاتنا الأخوية تماما مثل علاقة بابا الأقباط وشيخ المسلمين محبة وأخاء وصداقة كسالف الزمان.. ولنذكر ذلك دائما فى صلواتنا وسيستجيب الله لدعائنا لأنه إله المحبه ورئيس السلام. |