بقلم : حليم اسكندر
لاعجب ان تتبع الصحافه الصفراء سياسة التحريض ضد الاقباط عن طريق نشر اخبار كاذبه او مفبركه او مضلله ، فهدفها الاوحد هو نسبة التوزيع او الشهره لمن يدعون زوراً وبهتاناً انهم صحفيون وهم ابعد مايكونوا عن ذلك ، فالمفترض ان الصحفي شخص امين ينقل لك الحدث واضعاً نصب عينيه عدم الاساءه لاحد او عدم تعريض امن الوطن للخطر أو التحريض علي طائفه معينه من الناس .
ومن ابسط امور الامانه الا يتم خلط الاوراق ، او ان يتم القياس او التشبيه بين الاشياء رغم التباين الواضح والفارق الشاسع لا لشئ سوي ابتغاء شهره زائفه او مجد باطل او طمع مادي او نسبة توزيع !
وقد نشرت جريدة صوت الامه بتاريخ السبت الموافق 13 مارس 2010 – العدد 183 تحقيق صحفي لكل من : عنتر عبداللطيف و مايكل فارس تحت عنوان :
بالصور..ميليشيات قبطية ترتدى زيا موحدا مرسوما عليه "مسدس وصليب" ويطلبون المسحيين بالخروج للشارع لنيل حقوقهم والتصدى للاعتداءات عليهم
وقد احتوي هذا التحقيق علي العديد من المغالطات وخلط الاوراق ومنها مايلي :
1- العنوان نفسه احتوي علي عبارتين مستفزتين الاولي (ميليشيات قبطية ) والثانيه (مسدس وصليب) وذلك يوحي بأن الاقباط يتجهون للعنف ... علي خلاف الواقع ... فلم يحدث يوماً - ولن يحدث - ان قام مسيحي بحمل سلاح واعتدي علي أخر بسبب كونه مختلف عنه دينياً . فالمسيحيه تنادي بالمحبه والسلام حتي للاعداء :- واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم.باركوا لاعنيكم.احسنوا الى مبغضيكم.وصلّوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم. متي 5 :44
2- يقول التحقيق ان : الحركات ترفض الاندماج مع المسلمين حفاظاً علي هويتهم - وهذا ايضاً غير حقيقي - فنحن اخوه نعيش علي ارض واحده ونتعايش معاً ونحب بلادنا ونحب اخوتنا المسلمين ، لأن الله اوصانا ان نحب الجميع دون تفرقه واوصانا ان نحب الاعداء (راجع متي 5: 44 ) فكم وكم اخوتنا واصدقائنا وجيراننا في العمل والسكني والشارع !!
واتحدي ان تجد مسيحي واحد بطول البلاد وعرضها ليس له صداقات او علاقة محبه مع جيرانه وزملاؤه المسلمين يشاركهم ويشاركونه المناسبات السعيده او الحزينه علي السواء.
3- اشار التحقيق الي الزي الذي ارتداه من شاركوا بالوقفه الاحتجاجيه حين قرر انه مرسوماً عليه وجهين لشخصين الأول مسلم ومرسوم عليه رأس مسدس موجه إلي رأس مسيحي به قلب وصليب ! ومكتوب اسفله آية من الانجيل «أنت تأتي بسيف وبرمح وبترس وأنا آتي إليك باسم رب الجنود»
وقد اراد ان يصور ان ذلك معناه ان هناك مواجهه بين المسيحيين والمسلميين ، وفي هذا تعميم لا اساس له من الصحه ، فالمواجهه هنا مع المتطرفين الذين يقتلون الابرياء ، كما انها ليس مواجهه بالسلاح المادي وانما بالسلاح الروحي ، اي كلمة الله والاتكال عليه والثقه في ان كل الامور بيده ، وانه وحده القادر علي حماية اولاده من كل شر ، واود هنا ان اذكر بالموقف الوطني الرائع للبابا بطرس السابع البطريرك 109 عندما عرض عليه الامير الروسي ان يتم وضع الاقباط تحت حماية قيصر روسيا :- فسأله البابا في بساطة: "هل ملككم يحيا إلى الأبد؟" أجابه الأمير: "لا يا سيدي الأب، بل يموت كما يموت سائر البشر". عندئذ قال البابا: "إذن أنتم تعيشون تحت رعاية ملك يموت، وأما نحن فنعيش تحت رعاية ملك لا يموت وهو الله". لم يعرف بماذا يجيب الأمير سوى أن ينحني أمام البابا يطلب بركته. وقد تأثر جدًا به حتى عندما سأله محمد علي باشا عن رأيه في مصر، قال: "لم تدهشني عظمة الأهرام ولا ارتفاع المسلات وكتابتها، ولم يهزني كل ما في هذا القطر من العجائب، بل أثر في نفسي زيارتي للرجل التقي بطريرك الأقباط". روى الأمير لمحمد علي باشا الحوار الذي دار بينه وبين البابا، فانطلق محمد علي باشا إلى البابا بفرح يشكره على وطنيته العميقة، قائلاً له: "لقد رفعت اليوم شأنك وشأن بلادك، فليكن لكم مقام محمد علي بمصر". أما هو فأجابه انه لا شكر لمن قام بواجب يلتزم به نحو بلاده.
فهذه ليست الا صوره رمزيه لتعرض المسيحيين لعمليات ارهابيه ، ورغم تعرضهم للقتل لم يحملوا سلاحاً ،بل سلاحهم الانجيل وكلمة الله وهذا واضح من الايه المذكوره والتي وردت في سفر صموئيل الاول 17 : 45 وقد قالها داود لجليات الجبار الذي كان يعير شعب اسرائيل اعتماداً علي قوته ، وقد كان داود فتي صغير لدرجة انه لم يستطع ان يرتدي الزي الحربي نظراً لثقله مقارنة بضعف جسمه ، وهذا الموقف يبين ان الله يدافع عن اولاده ولا يرضي بالظلم ، وقد انتصر داود الذي اتكل علي الله ولم يتكل علي قوته الجسميه .
4- ليس عيباً ان يخرج الاقباط الي الشارع بطريقه سلميه حضاريه غايه في الرقي محاولة منهم في توصيل صوتهم الي القياده السياسيه حتي تدرك القياده السياسيه كم المعاناه والظلم والتمييز الذي يتعرض له الاقباط ، فالاحتجاج والتظاهر السلمي حق يكفله الدستور والقانون ، ولاينكر احد ان تلك الوقفات الاحتجاجيه بالشموع او التسابيح كانت غايه في الرقي والسمو والتحضر ولم يحدث بها مايعكر صفو الامن او اي اعمال عنف او تخريب - ولن يحدث.
5- ذكر التحقيق بين طياته هذه العباره التحريضيه ( وصف مفكرون أقباط هذه الجماعات القبطية بالميليشيات التي قد تحول مصر إلي لبنان آخر مؤكدين علي ضرورة مواجهتهم والتصدي لهم بالقانون باعتبارها جماعات محظورة).
كيف يحدث هذا بينما لايحمل هؤلاء الا سلاح الصلاه والصوم والتسبيح والدموع والاتكال علي الله ضابط الكل !! لماذا هذا الخلط العجيب والتضليل والتحريض ضد المظلوم ومحاولة حرمانه من ابسط الحقوق وهو حق الاحتجاج السلمي............... واكرر السلمي !!
6- كما ذكر التحقيق عباره تحريضيه اخري علي لسان جمال اسعد وهي ( إن إصرار البابا شنودة علي التدخل في السياسة أتاح وشجع هؤلاء الشباب علي ما يعتنقونه من أفكار لأن الأمور أصبحت رخوة ومائعة وخطيرة، وما يحدث مسئولية الدولة والنظام ويجب مواجهتهم بالقانون لأن خطرهم مثل عبده الشيطان )
لماذا الاصرار علي التحريض ضد قداسة البابا شنوده والزج باسمه في كل كبيره وصغيره ومحاولة تحميله كل مايحدث ضد الاقباط !! وما وجه الشبه بين هؤلاء الشباب الذين يطالبون بحقوقهم بطريقه سلميه غايه في الرقي والتحضر .... كما يحدث في اكثر دول العالم تحضراً .... وبين عبدة الشيطان ؟ الا يعد هذا تحريضاً ضدهم من جانب الصحيفه؟ الا يمكن ان يتدخل الشباب المسلم المتحمس ويقوم بالاعتداء علي هؤلاء اثناء الوقفات الاحتجاجيه باعتبارهم ( كفره وعبدة شيطان؟)
ايتها الصحافه الصفراء لصالح من هذا التحريض ؟ من يريد ان تصبح مصر مثل لبنان ؟ هل الشباب المثقف الواعي الذي يطالب بحقوق الاقباط بطريقه سلميه ؟ ام الاعلام المضلل ، المحرض ، المثير للفتنه ؟ والذي يضع المكاسب الماديه وجذب القراء ونسبة التوزيع امام عينيه ؟ بينما لاينظر اطلاقأ الي مصلحة الوطن ! مصلحة الوطن تتحقق بالعداله ، بالمساواه ، بالاعتراف بالاخر بالتماسك والتكاتف والحب ، فالله محبه. |