CET 00:00:00 - 21/03/2010

مساحة رأي

بقلم : محمد عبده
كيف يشعر المختلف الوحيد الضائع في وطن كبير بأن له كينونة وحياة ويمتن للأرض والهواء ( الجغرافيا ) ويمتن للبشر من حوله ( التاريخ ) ويحب العالم ( الإنسانية ), كيف يشعر إن لم يكن يمتلك هذا الذي يجعله منتمٍ لحضارة سابقة وتاريخ حديث, ففي هذا الانتماء لمحيطه وناسه القوة الدافعة ليرفع من شأن نفسه والوطن والناس من أجل رسالة يعتقد أنه مع الآخرين كلفوا أنفسهم بإنجازها، لتقدم للبشرية شمعة إضافية إلي جانب شموع الشرق والغرب والشمال والجنوب, ويا لها من شمعة في وسط العالم.

إن المواطنة هي باختصار المساواة المطلقة بين الأفراد، والعدل بين الجماعات والفئات والاحترام المطلق لخصوصيتي الفردية الدينية والعرقية والثقافية، وضمان تحققها مع أقراني في مجتمع تتساوى فيه فرص الترقي الثقافي والإنساني قبل الترقي في السلم الاجتماعي، بكفالة حرية التفكير والاعتقاد وإعلاء قيم العدل والحق والعقلانية دون تفاخر أو كبرياء مزيف, دون ممارسة التعبير عن الذات ( الهوية ) والسير في اتجاه المصالح النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والقانونية.

فالمواطنة بهذا المفهوم هي الانتماء بالدرجة الأولى،  لأني لا أنتمي إلي كيان فيه جزء هو السبب في اضطهادي أو استعبادي أو تعذيبي أو إذدرائي, أو كان سبباً لإشكاليتي مع الحياة، وإنما أنتمي لكيان مفرداته تقدرني لذاتي وتحبني وتمتن لوجودي بكل ما أحمله بين ضلوعي وعقلي من انتماءات فكرية أو دينية أو ثقافية أو عرقية, ففي هذا الحب والامتنان من مكونات الوطن بناء للانتماء.

والمواطنة حالة وقيمة إنسانية، أما الوطنية فهي صفة والحالة أعم لأن فيها من الصفات الكثير فهي كما تتضمن الإخلاص والتفاني في العمل وحب الوطن والعدل والحرية تتضمن صفة الوطنية من حيث إنها صفة إيجابية, وترتيب البشر حسب وطنيتهم دائمًا لأسباب وأهداف إيديولوجية والشواهد التاريخية تكثر عن الحصر.

أما المواطنة في أدنى درجاتها فهي وطنية من الدرجة الأولي, ودليلي أن من يحبوننا بصدق كامل هم أطفالنا الذين لا يتكلمون ولا يزعقون ولا يملكون حججًا لحبهم وفي نفس الوقت هم المتسامحون العظام, والمحبون العظام, ومعنى ذلك أننا حين نكون مواطنون سنصير وطنيون على قدم المساواة، لأننا في الأصل ننتمي لمنظومة الأرض / الشعب / العالم / الكون , ويكون هذا الانتماء بالتعلم والاكتساب وليس بالجينات, فهل يمكن أن تؤمن بمساواتي بك مسيحيًا أو شيعيًا أو بهائيًا أو نوبيًا أو بدويًا , صعيدي أو بحيري , هل من الممكن أن تؤمن بالمساواة معي ولا تحبني ؟ وتنكر علي ديني واعتقادي السياسي أو وجودي الجهوري أو حتى العرقي أو أني رجل أو امرأة !! تكرهني يامواطن !! هذا خلل , فالإنسانية لا تفصل بين المفاهيم.

أنا المواطن المسلم المنتمي لبلدي، أحب المسيحي والبهائي والنوبي والشيعي، الرجال منهم والنساء والأطفال، حبي لهم هو حبي للحرية لأني أنتمي لهم جميعًا، وفي انتمائي تحققي والوصول إلي غاياتي في الحياة معهم " أنا بيكم راح أبقي , ومن غيركم أموت " كما قال محمد سيف.

إن أكثر ما يصيب الانتماء في مقتل كراهية الآخرين, إذ كيف أنتمي لكيان أمارس كراهيتي لجزء منه, وأدعي أني أحب هذا الكيان وأفخر به كيف ؟
لا تطالبني بقطع فمي أو نسفه حتى تستطيع أن تقترب مني لأن رائحتي تضايقك, حسنًا !! سأزيل رائحة فمي بالفرشاة كل يوم, على أن ترحمني من رائحة عرقك النتن بالاستحمام كل يوم !!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق

الكاتب

محمد عبده

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

جدل الانتماء بين الوطنية والمواطنة

جديد الموقع