CET 11:19:44 - 21/03/2010

صحافة نت

المصري اليوم

حوار: شارل فؤاد المصرى
كعادتنا كل عام نلتقى مع الكاتب الصحفى والناشط الحقوقى الدكتور وليم ويصا، المقيم فى باريس، والذى كان مؤخرا فى زيارة للقاهرة الآن. ولعل أحداث نجع حمادى والتى أوجعتنا جميعا، تستوجب أن نتوقف معه عندها نحاول استكشاف رؤيته كخبير إعلامى أولا لكيفية تعامل الصحافة خاصة القومية مع جريمة نجع حمادى، ثم كوطنى مصرى يحمل هموم الوطن بأكمله وليس هموم الملف القبطى فقط فى ترحاله وتجواله. الناشط الحقوقى الدكتور وليم ويصا: العهد الحالى أكثر العهود سواداً فى تاريخ الأقباط
نحاول التعرف على رؤيته وتقييمه لأحداث أخرى ابتداء من الإنشاءات التى تقيمها مصر على حدودها مرورا ببعض جوانب الملف القبطى وحتى الاستفتاء السويسرى لأن الدكتور ويصا على الرغم من إقامته وعمله فى باريس، إلا أنه يتابع عن قرب شديد كل قضايا الوطن، وعلى دراية دقيقة بجميع جوانب الملف القبطى، وهو الذى سلط الضوء على جريمة الكشح فى كتابه «الكشح: الحقيقة الغائبة» الذى استعرض فيه جميع جوانب هذه الجريمة بعد بحث استغرق أربع سنوات.

■ بوصفك خبيرا إعلاميا عملت فى أكبر أجهزة الإعلام الفرنسية والأوروبية.. ما رأيك فى موقف الإعلام المصرى من جريمة نجع حمادى الأخيرة؟
- عودنا ما يسمى بالإعلام القومى، وهو فى حقيقته أداة دعاية للنظام، على انتهاك أبسط قواعد العمل المهنى الصحفى فى مجال التغطية الإخبارية للجرائم التى يتعرض لها الأقباط على وجه الخصوص. ففى اليوم الأول صدرت جميع الصحف القومية بنغمة واحدة تتحدث عن حادث فردى، ثم حاولت، فى شكل من أشكال التخبط المهنى، أن تصف الجريمة فى اليوم التالى على أنها حادث جنائى قام به مسجل خطر، على الرغم من توافر كل مكونات العمل الإرهابى من حيث استهداف الأقباط، ومن حيث المكان: تجمعات الأقباط بالقرب من «المطرانية والكنائس»، ثم من حيث التوقيت: عيد الميلاد، وفى وقت ذكرت فيه جميع برقيات وكالات الأنباء التى تصل إلى هذه الصحف، الطبيعة الإرهابية والطائفية للجريمة منذ الساعات الأولى.

كما أنها تعاملت، فى الوقت نفسه، بمكيالين مع هذه المذبحة وجريمة مقتل جندى مصرى على الحدود مع غزة، حيث أفردت مانشيتات الصفحة الأولى لجريمة مقتل الجندى ووصفته بالشهيد، بينما تناولت جريمة اغتيال سبعة من المواطنين المصريين معظمهم من الأقباط على أيدى الإرهاب على أنه حادث مؤسف.
ونلاحظ أيضا التفرقة فى التعامل مع هذه الجريمة وجريمة اغتيال السيدة مروة الشربينى التى اعتبرتها جميع أجهزة الإعلام فى مصر جريمة إرهابية احتلت مانشيتات الصحف فى هيستيريا استمرت لأسابيع، واتهامات لألمانيا بأنها دولة عنصرية، واتهامات للغرب بالكراهية للعرب والمسلمين، واتهام للقضاء الألمانى، ومظاهرات حاشدة تتحدث عن العنصرية والتعصب الدينى فى ألمانيا. أما فيما يتعلق بجريمة نجع حمادى التى اغتيل فيها مواطنون مصريون فى وطنهم وليس فى الغربة، تعاملت معها أجهزة الإعلام المصرية، خاصة القومية منها، فى الأيام الأولى كما تتعامل مع حادث سقوط أتوبيس فى ترعة.
وعلى الرغم من تخبطها فى الأيام الأولى فإننى لاحظت تغيرا نوعيا فى أجهزة الإعلام الخاصة التى بدأت تشعر بفداحة هذه الجريمة. ولكنى بشكل عام أعتبر الإعلام المصرى مشاركا فى مناخ الكراهية السائد ضد الأقباط منذ عقود فى وطنهم بسبب أسلوب التعمية فى تناوله لجوانب الملف القبطى.

■ ما تعليقك على بيان وزارة الداخلية وأجهزة الإعلام منذ الوهلة بالربط بين ما حدث فى فرشوط وما حدث فى نجع حمادى؟
- لقد استند الجميع فيما يبدو إلى بيان الداخلية الذى ربط بين موضوع اغتصاب فتاة فى فرشوط ومذبحة نجع حمادى. ولو أن منظمة إرهابية أعلنت مسؤوليتها عن الحادث فلن تقول أكثر مما قاله بيان وزارة الداخلية فيما يتعلق بالربط بين فرشوط ونجع حمادى، أى أنه جاء انتقاما مما حدث فى فرشوط، وهو ما يعد تبريرا لهذه الجريمة البشعة.
وقد أصبت بالذهول الشديد أيضا من قيام النائب العام عند وصوله إلى نجع حمادى بالتصريح لإحدى القنوات الخاصة بالقول «إنه قد يكون هناك رابط بين ما حدث فى فرشوط وما حدث فى نجع حمادى»، وذلك قبل بدء التحقيقات، هذا فضلا عن أن طبيعة منصبه تفرض عليه التحفظ الشديد.
وهذا أمر غير مفهوم إذا ما استندنا إلى المبدأ القانونى من كون المتهم، الذى كانت ستبدأ محاكمته خلال أيام وقتها «فى قضية فرشوط»، بريئا حتى تثبت إدانته.

■ ما رأيك فيما تردد عن التقصير الأمنى؟
- إن الأمر فى رأيى يتجاوز التقصير الأمنى إلى جريمة نظام دمر كل مقومات الدولة فى مصر، وجرائم الاعتداء على الأقباط منذ الخانكة وحتى مرسى مطروح، هى جرائم تتواطأ فيه جميع الأجهزة فى كل الأمور المتعلقة بالملف القبطى. وما حدث هو أكبر من أن يخطط له مسجل خطر وبلطجى كما وصفته أجهزة الإعلام وبيانات الداخلية من كونه بلا نشاط سياسى أو دينى.
وإذا ما عدنا إلى الوراء عشر سنوات فسنرى السيناريو نفسه قد تحقق فى مذبحة الكشح التى كانت أبشع من جريمة نجع حمادى من حيث عدد القتلى، ٢١ قتيلا، وقبلها جريمة أبوقرقاص عام ١٩٩٧ التى أطلق الإرهاب فيها رصاصاته داخل الكنيسة وقتل ١٣ من المصلين ولم تصدر أحكام ضد القتلة، إن المسألة ليست تقصيرا أمنيا فقط ولكن تقصير دولة بأكملها فى مواجهة هذه الاعتداءات.

وقد عودنا الأمن فى الاعتداءات عليهم أن يصل إلى مواقع الجريمة بعد أن يكون الجناة قد أتموا جريمتهم، كما أننا نجد تحريضا من بعض أعضاء مجلس الشعب التابعين للحزب الوطنى مثل الهجوم على الأقباط الذين أرادوا أن يصلوا فى أحد المنازل كما حدث فى عين شمس ومناطق أخرى، ومثل جريمة نجع حمادى التى تدخّل فيها عضو مجلس الشعب للإفراج عن الجانى قبل الجريمة بوقت قصير، وعندما حاولت السيدة جورجيت قللينى أن تقول كلاما مختلفا عن جريمة نجع حمادى داخل المجلس حاولوا منعها من الحديث، ووصل الأمر بأحد أعضاء مجلس الشعب بأن يصفها بـ«المجرمة».
لكل هذا أقول إنها جرائم دولة وليست مجرد تقصير أمنى، ولو حدث ذلك فى دولة ديمقراطية لسقط النظام بأكمله.

■ لوحظ أن الأقباط فى نجع حمادى تظاهروا فى شوارع المدينة عقب تشييع الجنازات وقاموا بتدمير واجهات بعض المحال، كما تظاهر خمسة آلاف منهم فى الكاتدرائية، هل تعتبر ذلك ظاهرة جديدة يمكن أن تؤدى إلى بعض المخاطر؟
- إن المظاهرة التى قام بها حوالى ثلاثة آلاف قبطى فى نجع حمادى بعد المذبحة وللمرة الأولى، وكذلك المظاهرة التى قام بها حوالى خمسة آلاف بعد اللقاء الأسبوعى لقداسة البابا، تكشفان أن الشباب القبطى فى الداخل بدأ يتململ أمام فشل الدولة فى حماية الأقباط فى وطنهم، وأمام هروب الجناة من العدالة فى جلسات الصلح العرفية التى تفرضها أجهزة الأمن والأجهزة الشعبية على الضحايا. وهى فى حقيقتها شكل من أشكال القهر للأقباط، ولم يعد ممكنا استمرار الحال على ما هو عليه.
وكل ما أتمناه ألا تأخذ هذه الثورة طابع العنف للرد على العنف بالعنف، وأطالب الشباب القبطى بأن يقف فى منحنى سياسى وأن يستخدم الوسائل التى يتيحها القانون والدستور، وأن يرفع شعارات سياسية وليست دينية، ترتكز على المطالبة بالمساواة وعلى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، بل وأن تمتد يده لإشراك أشقائه المصريين من جميع الأديان فى معرض مطالبته باحترام حقوق الإنسان للجميع.

■ ما رأيك فيما يتردد عن توجه القيادة فى مصر لاتخاذ بعض الخطوات فى صالح الأقباط؟
- أخشى أن يكون الوقت قد أصبح متأخرا جدا بعد أن استفحل التطرف لدى قطاعات عريضة من الشعب. إن الثمن الذى يدفعه الأقباط فى تعدد الاعتداءات وتواليها غال وفادح. هذا النظام أثبت منذ وقت طويل أنه عاجز عن تقديم الحل ليس فقط لمشاكل الأقباط ولكن لمشاكل المصريين جميعا. ولا أفهم سر صمت الرئيس مبارك الرسمى بعد كل هذه الاعتداءات حيث عودنا على عدم توجيه أى إشارة للأقباط رغم معاناتهم وآلامهم المتراكمة، واقتصاره فقط على الاتصالات غير المعلنة مع قيادة الكنيسة أو «تصدير» الأمن بعد كل انفجار واعتداء
وفى أول حديث علنى له بعد الجريمة تحدث عن الضريبة العقارية، وقال كلاما عاما عن الوحدة الوطنية، ولكنه عندما وقعت جريمة الأقصر ضد رعايا أجانب ذهب بنفسه إلى المدينة وأقال وزير الداخلية والقيادات الأمنية فى اليوم نفسه، أما فيما يتعلق بضحايا العمليات الإرهابية التى يتعرض لها مواطنوه المصريون، فإنه يرسل وزير الأوقاف، أو وزير التنمية الإدارية كما فعل بعد جريمة الكشح.
لقد وصل الأمر لدرجة من الخطورة تكشف أن الأمر قد أفلت من يد النظام تماما. ودعنى أتساءل: أليس هناك عاقل يفهم ويدبر ويقرر فى هذا الوطن؟ أنت لا تستطيع أن تحكم وطنا بغياب الرؤية السياسية والتأنى المزعوم أمام الحرائق، لا تستطيع أن تحكم وطنا بإلغاء كل المؤسسات والاعتماد على الأمن فقط، ولا تستطيع أن تحكم وطنا بالتدخل فى عمل القضاء. لقد أجهز النظام الحالى على مؤسسات ومقومات الدولة وأصبح الفساد والفوضى هما القاعدة.

■ قال الدكتور مصطفى الفقى، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشعب، أكثر من مرة إن العهد الحالى هو العهد الذهبى للأقباط.. ما رأيك؟
- كنا من قبل، وفى العصر «الذهبى السابق» فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، نستمع إلى تكفير الأقباط فى المساجد، وكان الجميع يصمتون أمام هذه الظاهرة دون حراك، أما فى «العهد الذهبى» الحالى للأقباط، فلم يعد بعض الأئمة يكتفون باستخدام الميكروفونات للتكفير، ولكنهم يذهبون إلى تحريض المصلين على الخروج لمهاجمة كنائس تحت قيادتهم، مثلما حدث فى بنى والمس، وكما حدث فى عين شمس، وفى قرية دفش التابعة لسمالوط بالمنيا، أو لمهاجمة بيوت يصلى فيها الأقباط لمنعهم من الصلاة فيها. وهم عادة ما يكبرون فى «العهد السعيد» وكأنهم فى معركة مع عدو.
 ويمكننى أن أعدد الكثير من هذا النوع من الاعتداءات التى وقعت خلال السنوات الأخيرة وبعد صلاة الجمعة بالتحديد. وقد أرسلت الكنيسة أسطوانة مضغوطة للرئيس مبارك عن أحداث بنى والمس، حتى يرى بنفسه، وبعيدا عن التقارير الأمنية الملتوية والمغلوطة، كيف كان أحد شيوخ الجامع القريب يقود من أحرقوا الكنيسة وأسقطوا الصليب والجرس من منارتها بعد أن ربطوهما بحبال غليظة.

ولم يقتصر الأمر على بعض المواطنين «العاديين»، بل امتد الأمر إلى بعض كبار المسؤولين فى الدولة فى هذا «العصر الذهبى!»، مثل المحافظين الذين يتخذون قرارات بهدم مبانى خدمات تابعة للكنيسة القبطية، كما حدث فى شبرا الخيمة عندما هدم محافظ القليوبية مبنى للخدمات، ومثلما قام محافظ الإسكندرية بهدم بيت للمسنين المسيحيين فى كينج مريوط.
وحتى مع افتراض أن هذه المبانى مخالفة، فإن هؤلاء المحافظين يتركون كل المبانى العشوائية المخالفة المحيطة ويختارون مبانى الخدمات المسيحية المخالفة فقط للهدم، أى أن التفرقة وصلت « فى هذا العصر الذهبى!» إلى الحجر والمبانى.
ثم بدأنا نشهد ظاهرة لم تكن موجودة فى العصور «الذهبية السابقة»، إذ عندما يحدث شجار بين مسيحى ومسلم، يقوم بعض الجيران المسلمين بتحطيم منازل المسيحيين الذين لا علاقة لهم بالشجار، كما حدث فى إسنا، وكما حدث فى قرية النزلة بالفيوم، وكما حدث فى فرشوط بعد اتهام قبطى باغتصاب فتاة.
وفى «العهد الذهبى الحالى!» بدأنا نرى ظاهرة استقالة القضاء من إنصاف الأقباط فى حوادث الاعتداءات، وأتحدى الدكتور الفقى أن يقدم لنا حكما واحدا فى أى حادث من حوادث الاعتداء على الأقباط فى هذا «العصر السعيد!».

لقد تركت العدالة الساحة خالية أمام جلسات الصلح العرفى البدوية التى وردت لنا فى «هذا العصر الذهبى» من صحراء فكرية قاحلة، لم تعرف الحضارة، كما عرفتها مصر منذ سبعة آلاف عام.
والدكتور الفقى لا يقبل أن يكون القبطى رئيسا للجمهورية، وحاول تبرير ذلك بأنه لا يمكن أن يكون يهودى رئيسا لأمريكا، أى أنه يستخدم الدين كمعيار لرؤيته، وهنا أود أن أسأله: هل أصبحت تعتنق مبدأ أنه «لا ولاية لغير مسلم على مسلم»؟
وأقدم له مثلا واحدا لدولة غالبيتها من المسلمين اختارت مسيحيا رئيسا لها، وهى دولة أفريقية كان أبناؤها يأتون منذ عقود لنهل المعرفة من مصر، وهى السنغال. رئيسها بعد الاستقلال ولفترتين متتاليتين هو ليوبولد سيدار سنجور، الشاعر العظيم، وكان مسيحيا قاد حركة الاستقلال، وكان الرئيس الأفريقى الوحيد الذى رفض أن يتولى أكثر من ولايتين رغم مطالب الشعب، وترك الرئاسة فى عملية تبديل ديمقراطى للسلطة لا تعرفها مصر فى «العصر الذهبى الثانى». واختار السنغاليون سلفه المسلم عبده ضيوف ثم الرئيس عبدالله واد.

■ فى رأيك لماذا تأخر إصدار قانون دور العبادة الموحد حتى الآن؟
- أعتقد أن الدولة خائفة، كما هو الحال فى جميع جوانب الملف القبطى من القفز إلى الحل. ودعنى أتساءل: لماذا تتردد الدولة بعد الانتهاء من إعداد عدة مشروعات فى هذا الصدد منذ عدة سنوات؟ هل تخشى من رد فعل التيار الدينى المتطرف؟
الحل فى رأيى ليس فى التأخير ولكن فى الجسارة على إصدار القانون، وتوظيف كل الأجهزة المعنية وكل مؤسسات الدولة بما فيها جهازها الإعلامى لتوعية جميع الأطراف.
وأقول لك إننى أشعر بهاجس وهو أن يتضمن مشروع القانون بعضا من الشروط الواردة فى الخط الهمايونى، عندئذ لن يكون الأمر بمثابة حل، ولكن تعقيد أكثر للأمور مثلما حدث عند تفويض المحافظين بالتصريح بالترميم والتعلية والتجديد، حيث لايزال رئيس الجمهورية يحتفظ بحق إصدار الترخيص ببناء الكنائس.

■ ما مستقبل المنظمات القبطية فى المهجر بعد رحيل المهندس عدلى أبادير؟
- لقد أحدث المرحوم عدلى أبادير نقلة نوعية فى الحركة القبطية فى الخارج بعد رحيل الدكتور شوقى كراس، أبرز مؤسسى الحركة القبطية، حيث كان أول من قام بتجميع المنظمات القبطية فى عدد من المؤتمرات المتوالية. ولكن هذه النقلة النوعية لم يصحبها للأسف تكوين اتحاد عالمى يجمع جميع المنظمات القبطية فى كيان واحد يستطيع أن يكون مؤثرا فى الداخل والخارج.
وأعتقد أن تعاظم الاعتداءات ضد الأقباط وفشل النظام الحالى فى تقديم الحلول سوف يؤدى بالضرورة إلى توحد الحركة القبطية ليس فى الخارج فقط ولكنها سوف تتلاحم مع الداخل بعد أن بدأنا نشهد تململاً فى أوساط بعض الشباب القبطى. ولقد رأيت إرهاصات فى الداخل تتجاوز قدرات النشطاء فى الخارج. ويكفينا هنا المطالبة على موقع الإنترنت بالإضراب الشامل بمناسبة رأس السنة القبطية. وعلى الرغم من عدم إمكانية قياس مدى نجاح هذه المحاولة نظرا لتصادفها مع يوم جمعة فإنها أحدثت هزة وردود أفعال فى أجهزة الإعلام المصرية تعكس خشية الدولة من هذه المبادرات.

■ بعد إصدار مجلس الشعب قانون «الكوتة» للمرأة يطالب البعض بتخصيص «كوتة» للأقباط.. هل توافق على تخصيص «كوتة» للأقباط؟
- كلمة «الكوتة» تعنى تحديد حصة أو عدد من المقاعد لفئة معينة، وقد أقر الدستور المصرى هذا المبدأ عندما خصص «كوتة» أو نسبة خمسين فى المائة من المقاعد للعمال والفلاحين بصرف النظر عن مدى كفاءتهم لتولى هذه المهمة النيابية. وقد خصص الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر حصة عشرة مقاعد للأقباط، تقلصت مع مرور الزمن حتى أصبحت حصة للرئيس مبارك وليس للأقباط يعين فى إطارها اثنين أو ثلاثة منهم فقط وتحولت عن هدفها الأصلى.
والمشكلة تكمن فى الزمن الردىء والمناخ السياسى والثقافى الذى نعيشه، والذى لا يقوم فيه الاختيار فى العملية الانتخابية دائما على معايير ديمقراطية تضع فى اعتبارها كفاءة المرشح وبرنامجه الانتخابى، ولكن كثيرا ما يقوم على اعتبارات دينية إذا ما رشح قبطى نفسه. وقد رأينا تيارات سياسية، وليست دينية فقط، ترفع شعارات دينية أثناء الانتخابات، بل وصل الأمر فى بعضها إلى قيام بعض المرشحين برفع شعار «من انتخب قبطيا، فقد انتخب كافرا». المشكلة تكمن إذاً فى غياب الوعى السياسى لدى قطاعات عريضة من الجماهير مما دفع الأقباط إلى العزوف عن المشاركة فى الانتخابات.

واقتراح «الكوتة» يستهدف إصلاح خلل مزمن وهو عدم وجود تمثيل حقيقى للأقباط ليس فقط فى مجلس الشعب، ولهذا يمكن أن نتبنى هذا الطرح بشكل مرحلى مؤقت، وهو ما يسمى بالتمييز الإيجابى فى بعض الديمقراطيات لتمثيل الأقليات، ولو خصصت كوتة عشرة فى المائة للأقباط وفقا لنسبتهم العددية الشائعة فسيكون لهم فى المجلس أكثر من خمسين نائبا، وهو الأمر الذى يعكس حجم التمييز الواقع على الأقباط فى هذا المجال.
أنا شخصيا، أفضل نظاما مزدوجا يجمع بين القائمة النسبية التى تقدمها الأحزاب، والنظام الفردى الذى يفوز فيه من يحصل على الأغلبية، وهو نظام يسمح بتمثيل الأقليات ويعطى الفرصة أيضا للمستقلين.

■ ما رأيك فى نتيجة الاستفتاء السويسرى الذى يمنع بناء مآذن للمساجد؟
- أود أن أقول مقدما فيما يتعلق بمسألة الاستفتاء السويسرى إنه لا مجال للمقارنة بين الحرية الدينية التى يعيشها جميع المهاجرين والمقيمين فى سويسرا بالحرية الدينية فى مصر، فعلى الرغم من أن نتيجة الاستفتاء الأخيرة فى سويسرا مؤسفة ولا يسعنا سوى رفضها، إلا أن المسلمين المهاجرين يمارسون حريتهم الدينية فى سويسرا ولا يمنعهم أحد من الصلاة أو إقامة المساجد، وهو الأمر الذى لم يعد يتمتع به الكثير من المواطنين الأقباط فى وطنهم، ذلك أن الحرية الدينية فى مصر أصبحت منقوصة ولم تعد كما كانت عليه منذ عدة عقود، حيث لم يعد بإمكان الكثير من الأقباط ممارسة شعائرهم الدينية، بعد أن تكررت مؤخرا ظاهرة قيام الغوغاء والرعاع بمهاجمة أى مكان يتجمع فيه الأقباط للصلاة لمنعهم من الصلاة وليس لإقامة منارة كنيسة، وذلك دون موقف رسمى معلن من أجهزة الدولة والمؤسسات الدينية وأجهزة الإعلام لإدانة هذا الاعتداء على حرية الأقباط فى ممارسة شعائرهم الدينية.

وأتساءل: لو تم هذا الاستفتاء فى مصر ماذا ستكون النتيجة؟ إن أى عاقل يتصور أن الأغلبية الساحقة من المصريين، وليس ٥٧ فى المائة فقط كما فى الاستفتاء السويسرى، سوف تصوت، ليس ضد بناء منارات الكنائس، ولكن ضد بناء الكنائس نفسها، مع ملاحظة أن الاستفتاء السويسرى لم يتعلق ببناء الجوامع ولكن ببناء المآذن فقط. وبالطبع نحن لا نتحدث هنا عن السعودية التى تحرم بناء الكنائس وأى دور عبادة أخرى.
ثم لماذا نذهب بعيدا، ألم يجر النص فى جلسة الصلح البدوية حول الاعتداءات التى تمت فى العياط على أن تكون «الكنيسة بلا قبة ولا صليب» وذلك بسبب محاولة الأقباط تركيب صليب وترميم القبة؟ وذلك قبل وقت طويل من الاستفتاء السويسرى!

■ ما رأيك فى الإنشاءات التى تقيمها مصر على حدودها؟
- من حق مصر أن تتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أراضيها إذا ما صدقت الأقوال الخاصة بتهريب الأسلحة والمخدرات إلى داخل مصر.

■ كيف ترى ما أعلنه الدكتور محمد البرادعى عن شروط لترشيح نفسه للرئاسة؟
- الدكتور البرادعى شخصية دولية تحظى باحترام كبير فى الأوساط الدولية، وإن سمحت الظروف والأوضاع منذ الآن وحتى الانتخابات الرئاسية المقبلة بتقدمه لهذه الانتخابات فسوف يكون ذلك أمرا طيبا بوصفه رجلا يعرف المستويات الدولية فيما يتعلق بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع