بقلم: عزت عزيز - خاص الأقباط متحدون وهنا كان لي موقف، فرددت عليه: "يا أخ، إنت عايز تولع العربية ولا إيه، كفاية وخلي عندك احترام، ودي ضيفة ولم تمسك بسوء، وفجأة تحرك أحد الشباب المسلم - يتضح من جبهته - وقال له: "إنت حاج بذمتك؟.. إنت وأمثالك سبب خراب البلد!! وعيب عليك، دي ضيفة ولازم نحترمها، وأمسَك به، وكاد يلقيه في محطة السيدة زينب، عندما توقف القطار وهاج الجميع وأنزلوه من القطار حتى وصلت الفتاة لمحطتها التي تقصدها.. وهدأ الموقف بنزول الطرفين ولكن هناك حقائق ظهرت لنا من خلال هذا الموقف، أذكر منها.. - التزمت من بعض الرجال عند رؤيتهم لسيدة ليست محجبة أو منقبة، فنجد مثلاً يقف الجالس منهم لكي يريح سيدة أو فتاة منقبة أو محجبة ولا يحدث هذا عندما يرى فتاة سافرة - غير محجبة - وهذا لاحظته بعين الناقد والمتابع والفاحص.. وكنت قد طالبت أن يكون هناك عربات للرجال كما هو معمول به للسيدات وطلبي هذا جاء بناء على ملاحظتي في أغلبيية الأحيان أن عربات الرجال- أو المختلطة - مكتظة برجال ونساء هذا في الوقت الذي نجد فيه أن العربات المخصصة للنساء الكثير من كراسيها قد خلت من شاغليها، ولما سألت إحدى السيدات عندما كانت تنزل من عربة مختلطة وفي محطة سعد زغلول عن سبب وجودها في هذه العربة، ولم تستقل تلك المخصصة للسيدات؟ قالت لي: "هناك أفعال تحدث بتلك العربات جعلتني أخاف من أن أستقلها!!.. فقلت لها زي إيه؟ فردت عليَّ بعد أن اطمئنت لي وقالت: "إنت ما سمعتش عن السيدة اللي كانت راكبة عربة السيدات وسقطت علي ظهرها وعند رفعها وجدوا أنه قد قامت إحدي السيدات بتشريح ظهرها بموس؟ فقلت لها نعم سمعت.. فردت قائلة هذا ما جعلني أخاف من هناك وأطمئن أن أركب مع رجال أفضل!!".. فتركت تلك السيدة ولتقيت بفتاة أخرى وسألتها أيهما تفضلين من عربات المترو؟، فردت عربات السيدات طبعًا.. لأنها أكثر اطمئنانًا من تحرشات بعض المرضى بالهوس الجنسي.. فسألتها هل تعرضتِ لمثل هذه التحرشات من قبل؟ فَضَحِكَت وقالت: "دة الواحدة بيحدث معها تحرشات في الشارع، منتظر حضرتك ما يحصلش في زحمة المترو، وبالأخص وقت الذروة؟".. أما تشغيل الموبايلات كأجهزة إذاعة للعظات الدينية أو القرآن أو الترانيم، فهو أمر أخطر بكثير مما هو متصور، وقد يسبب الكثير من المشاكل التي نحن في غنى عنها، ويذكرني هذا بموقف مماثل مررت به في نفس اليوم عندما استقليت قطار986 في تمام الساعة الواحدة ظهرًا من محطة رمسيس والمتجه للصعيد وفي المقعد رقم 33 من العربة السادسة كان موقعي، وبعد قليل من قيام القطار وصل لأذني صوت عالٍ من الألحان والتراني المسيحية، بل والقداسات ومن الكرسي الذي جاء خلفي بعدة أمتار، ولما كانت العربة يستقلها المسيحي والمسلم على حد سواء، صممت على أن أقوم لأصل لصاحب هذا الموبايل والذي يتحفنا بآلحانه وقداساته غصبًا عنا وقلت له: "ممكن لو سمحت تسمع لوحدك أو تضع سماعة الأذن حتى تستمتع بما تسمع ولا تجبر غيرك أن يسمع ما تسمع؟".. فرد قائلاً: "محدش اشتكى يا أستاذ!!".. فقلت له: "إديني أنا اشتكيت يا باشا.. فتعجب عندما لاحظ وبسرعة علامة الصليب التي على يدي وأنا لاحظت أن عينيه اتجهت ناحية معصمي ليري هل أنا مسيحي أم لا.. فقلت له: "أيوة يا سيدي.. أنا مسيحي ولذلك جئت لأطلب من حضرتك ولم أنتظر أن يأتي أخ مسلم ليطلب منك ذلك، وربما يتطور هذا إلى ما لا يحمد عُقباه" .. وللأسف لم يسمع هذا الجاهل لطلبي وكنت أنتظر حتى يمر رئيس القطار لأشكيه، ولكن وصلت لبلدتي قبل أن أشفي غليلي منه. والأغرب من هذا؛ موقف مررت به عند عودتي من القاهرة أيضًا، واستقليت القطار، وبعد قليل "اشتغلت" الموبايلات ونغماتها من ترانيم وقرآن وآذان وأغانٍ هابطة وغير هابطة ورنات وردود وألوهات، ولكن ما أثار كل من في العربة هو وجود أحد المُقدمين على الزواج والذي حضر للقاهرة لعمل كروت الدعاوي، الخاصة بفرحه، والذي قام بكتابة أسماء المدعوين وهو بالقطار، وطبعًا استعان بأقربائه هاتفيًا ليخبروه بأسماء باقي العائلة والأصدقاء، وبسبب ذلك قام بطلب قريب له ليشحن له رصيد موبايله، ولثلاث مرات، وكل مرة بخمسين جنيهًا، واتصل بمئات المدعوين هاتفيًا، وطبعًا أملى على كل واحد صيغة موحدة، بأن الفرح يوم الخميس الساعة خمسه مساءًا والعشاء إجباري.. وطبعًا كرر هذه الصيغة مئات المرات، حتى أن بعض الركاب في عربة القطار حفظوا الصيغة فعندما يطلب أحد المدعوين ويقول له أيوه يا فلان أنا أحمد أبو علي باقولك... وهنا يبدأ الركاب بتلاوة باقي الصيغة أو الدعوة كما حفظوها عبر مئات الاتصالات التي أجراها من قبل !!!.. وما أدهش كل من بالعربة أن هذا الشخص قام بكتابة دعاوي الفرح ووضع لكل بلد مجموعة من الدعاوي ولتقليل مصروفاته واختصارًا للوقت اتصل بفرد من كل بلد يمر عليها القطار ليعطيه الدعاوى الخاصة ببلدته والشيء الأكثر عجبًا هنا أن القطار هذا لا يقف بكل المراكز، فتتصوروا عمل إيه الأخ العريس؟ قام بربط مجموعة الدعاوي وألقاها على رصيف القطار، وهو يسير بسرعة فائقة بعد أن اتفق مع قريبه الذي يقف منتظرًا بالمحطة التي لن يقف عليها قطارنا، وكرر هذا في أكثر من محطة!!!.. يعني كانت عبارة عن مسرحية بطلها هذا العريس، واشترك في بطولتها هاتفه المحمول، وقام بالتمثيل معه أقرباؤه الذين اتصل بهم ومنهم من انتظره على محطات القطار المختلفة، اما المتفرجون فهم نحن ركاب هذه العربة الموبوئة بهذا المزعج حتى ولو كان عريسًا!!.. شيء مُضحك ومُبكٍ في نفس الوقت، فهناك التجار والأطباء والمحامون المتعبون الذين يودون الراحة لمدة الساعات الستة أو الثمانية، حسب محطة وصولهم، ولكن جاء هذا العريس المنتظر ليعكنن عليهم متعة الراحة التي ينشدونها.. أما ما يحدث في سيارات الأجرة والميكروباصات فهو قمة المهازل حيث يجبرك السائق على سماع ما يحلو له من أي مادة مسموعة، أيًا كان نوعها وبطريقة استفزازية دون أدنى مراعاة لمشاعر الركاب ولا يستطع أي فرد الاعتراض واللي مش عاجبه ينزل يشوف له مواصلة تانية!!!.. هذه المواقف وغيره آلمتني كثيرًا، فمتى يكون الالتزام والاحترام للآخر أيًا كان جنسه أو لونه أو عقيدته؟ ومتى نحترم راحة وحرية الآخر في أن لا تفرض عليه شيئًا قد يزعجه؟.. طبعًا الكثير من القراء يقولون إن ما أنادي به هو من المثاليات التي قد تندر في مجتمعنا على الاقل، ولكن هذه المثاليات ليست صعبة التطبيق أو التنفيذ والمشكلة في العقول المتحجرة التي فقدت أبسط قيم حقوق الإنسان وهي سبب بلائنا وتخلفنا وبُعدنا عن كل ما هو قد يأخذ بنا للسمو والرقي وسقوطنا في هوة الاستهتار بحق الغير وحريته أيًا كانت العواقب فمتى نفيق من انحدارنا الخُلقي هذا؟.. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٩ صوت | عدد التعليقات: ٨ تعليق |