بقلم: منير بشاي
النظام المصري يُحرِّم ويُجرِّم أي محاولة للتبشير بالدين المسيحي بينما يطلق عنان الحرية للدعوة بالإسلام.. هذا مع أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدستور المصري يكفلان الحرية الدينية للجميع التي تتضمن حق اختيار العقيدة وحق الإعلان عنها بالطرق المشروعة.
منذ أجيال والوضع القائم في مصر يعتبر التبشير بالمسيحية تهمة لجريمة يمكن أن تزج بأصحابها في السجون.. ورجال الدين الذين كانوا يشتبه في أنهم يعمدون المسلمين ممن يرغبون في اعتناق المسيحية، كانوا يلاحقون ويستدعون للتحقيق من قِبل الأجهزة المعنية، وإذا ثبت تورطهم يكون مصيرهم السجن، إلا إذا تدخلت وساطات واقترحت استبعادهم من البلاد.. ومن أمثلة ذلك، ما حدث مؤخرًا إثر ادعاء نشر في جريدة "صوت الأمة" أن القس كيرلس صمويل جرجس، راعي كنيسة السيدة العذراء بالجبل الأصفر، يقوم بتنصير المسلمات، والذي أدى إلى أن يقوم المستشار محمود الحفناوي، رئيس نيابة شمال الجيزة، بالأمر بالقبض عليه والتحقيق معه.. وقد أخلت النيابة سبيله بعد التحقيق لعدم ثبوت التهمة ضده.
وأمام هذا التعنت ورغبة في السلام والابتعاد عن ما يؤدي إلى الاحتقان الطائفي، اضطر المسيحيون في مصر إلى إهمال ركن هام من الإيمان المسيحي، وهو الإعلان عن سبب الرجاء الذي فيهم، واكتفوا بالوعظ والرعاية بين أفراد الطائفة من الذين ولدوا في أسر تنتمي للمسيحية.
المسيحية دون كرازة وتبشير تعتبر ناقصة لأنها لا تلتزم بتعاليم السيد المسيح كما أعلنها في إرساليته العظمى لتلاميذه حين قال لهم "اذهبوا إلى العالم أجمع وإكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص ومن لا يؤمن يدن" (مرقس ۱٦:۱٥و۱٦)، وقد أخذ التلاميذ هذه الوصية المقدسة وقاموا بتنفيذها حرفيًا بكل إخلاص وأمانة، كما نقرأ في سفر أعمال الرسل.. وفي الإصحاح الرابع يذكر أنه بينما كان التلاميذ يبشرون الشعب، أقبل عليهم قادة اليهود وهم متضجرون من تعليمهم للشعب وندائهم بقيامة يسوع من الأموات.. وألقوا عليهم الأيادي ووضعوهم في حبس.. وفى اليوم التالي، اجتمعوا مع رئيس الكهنة ليقرروا ماذا يفعلون بهم، فأحضروا بطرس ويوحنا وهددوهما أن لا يكلما أحدًا من الناس فيما بعد بهذا الإسم، أما بطرس ويوحنا، فكان جوابهما واضحًا وحازمًا لا يقبل التأويل أو المراوغة أوالدبلوماسية "إن كان حقا أمام الله أن نسمع لكم أكثر من الله فاحكموا لأننا لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا" (أعمال ٤:۱٩ ،۲۰).
هذاالموقف الشجاع من التلاميذ نفتقر له كمسيحيين في مصر في هذه الأيام لأننا في غالبيتنا لسنا في المستوى الروحي الذي كانت عليه الكنيسة الأولى.. وإن كان هناك البعض الذين يمتلكون الشجاعة والغيرة ويقومون بالكرازة متحدين المخاطر ومثل التلاميذ كانوا يضربون عرض الحائط بالتهديد.. إن المسيحي الحقيقي هو الذي يتحدى بحياته وشهادته هذا العالم، ونتيجة لذلك يواجه العقبات.. وقد تساءل أحدهم: "إذا كان هناك قانون في البلاد يُحرَّم المسيحية، فهل سيكون هناك أدلة كافية على إدانتك؟ هذا هو المحك لصدق مسيحيتك. ولكن إذا قال جميع الناس فينا حسنا، فالويل لنا، لأن هذا معناه أننا نساوم على الحق".
ونحن كما ننادي بحرية التبشير بالدين المسيحي لا نمانع إطلاقا في حرية الدعوة بالدين الإسلامي.. ولكن كل ما نطالب به أن تكون الدعوة بأسلوب مشروع طبقا لما يقوله القرآن "إدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" (سورة النحل ۱۲٥) وأيضًا "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن (العنكبوت ٤٦).
نحن لا نطالب بأكثر من الحوار بالتي هي أحسن. هذا نلتزم به ونطالب الطرف الآخر أن يلتزم به أيضًا.. وهذا معناه أنه لا يجب أن يكون هناك أي وسائل للإرغام بل الحرية المطلقة للقبول أو الرفض. والمسئولية في النهاية تقع على الإنسان أمام الله.
ولكن للأسف لا نستطيع أن نقول إن الأساليب المتبعة حاليًا في نشر الدين الإسلامي تلتزم دائمًا بهذه الأسلوب. فهناك على سبيل المثال أساليب مثل:
• الإجبار: عندما تمارس الطرق التي لا تتماشى مع الاختيار الحر لإرغام الناس على الإسلام.
• التغرير: عندما تخطف الفتيات القاصرات ويغرر بهن ويُجبرن على الإسلام فيقبلن لدرء الفضيحة.
• الإغراء: عندما تقدم المساعدات المالية والمعنوية السخية لجذب الناس للإسلام مثل توفير الزواج والسكن والوظيفة.
• التهديد: عندما يهدد المسيحي في رزقه وأمنه وأسرته إن لم يسلم.
• التزوير: عندما يتم تغيير السجلات بوضع بيانات كاذبة في بطاقة الشخص الشخصية تقول إنه مسلم.. أو إثبات ديانة الأبناء على أنهم مسلمون على غير إراداتهم لمجرد أن الأب كان قد أسلم في حياته ثم عاد للمسيحية والأبناء لا يعلمون عن هذا ويجبرون على قبول دين لا رغبة لهم فيه.
خلاصة القول إنه من العبث لي ذراع أي إنسان في محاولة لتغيير دينه لأن الله لا يقبل الإنسان إلا إذا كان راغبًا في اتباعه عن طيب خاطر. إن كثرة العدد لا تدل على شئ إنما العبرة هي بما يكمن في القلب.
أطلقوا حرية التعبير عن الأديان بالتساوي لأن الدين الحقيقي الواثق من نفسه لا يخشى المنافسة |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|