CET 00:00:00 - 27/03/2010

مساحة رأي

 بقلم : لطيف شاكر
في موقع الاوان  قرأت للسيد حمدي ابوجليل  نقدا متزنا لكتاب اللاهوت العربي قائلا: اللاهوت العربي" ليوسف زيدان يكرر أزمة "عزازيل": مرة ثانية يُناقَش التراث اليهودي المسيحي بمنطق إسلامي!
  وبدلا من البحث عن جذور التواصل بينها وبين المسيحية والاسلام – جاءت الفصول الثاني والثالث والرابع من «اللاهوت العربي» والتي يمكن اعتبارها متنه وحاملة فكرته الاساسية وبالطبع نبوءته غير المسبوقة «اللاهوت العربي»، وفيها يستعرض تاريخ الديانة المسيحية من اول ظهور المسيح حتى ظهور الاسلام، ويركز على تاريخ كنيسة الاسكندرية القبطية الارثوذكسية باعتبارها معقلا للتشدد بل العنف والارهاب الديني منذ القرن الاول الميلادي حتى ظهور الاسلام وربما حتى اليوم، وبالطبع ينتقدها والديانة المسيحية عموما، ويفند شرائعها ومقدساتها وينسبها  ابتداء من «الثالوث المقدس» الديانات الفرعونية وثالوث (إيزيس وحور وأوزيريس).

وفي هذا السياق يشكك المؤلف في اعز مقدسات كنيسة الاسكندرية القبطية الارثوذكسية والديانة المسيحية عبر اسلوب الأسئلة او التساؤلات الاستنكارية «المفحمة» مثل هذا الهامش الوارد في الصفحة 71 من الكتاب «هناك إشكال عقائدي في الديانة المسيحية: إذا كان المسيح هو الرب فمن كان يدبر العالم خلال أيام موته الثلاثة؟ فإذا أجيب بأن (الآب) كان هو المدبر، جاء السؤال آخر: ما دام الآب هو المدبر في الأيام الثلاثة فلماذا لا يكون هو المدبر دائما؟ وجاء سؤال آخر ما دام المسيح قد انفصل عن الآب بالموت، وعاد بعد ثلاثة أيام فهما إذن ليسا من طبيعة واحدة لأن  الانفصال بينهما وقع، فكيف يقال انهما من روح القدس: إله واحد؟»!!

وعندما قرأت النقد  للسيد حمدي تذكرت حوار حدث  السنة الماضية مع حفيدي في مثل هذه الايام حيث تحتفل الكنائس المسيحية التقليدية ( الرسولية) بيوم الجمعة العظيمة فتستحدث الكنائس ذكري صلب وموت السيد المسيح علي الصليب قبل ان تحتفل بقيامته فجر الاحد ...فسألني حفيدي بعد حضور الصلوات الذي يغلب عليها تسابيح وصلوات حزينة لكنها جميلة للغاية تجذب النفس الي حضرة الله وتشعره بحزنه علي خطاياه ومعاصيه وقد انتهت الصلوات  حوالي الساعة السابعة مساءا فاذ بي عند عودتي ان بادرني حفيدي في السيارة التي تقلنا نفس الاسئلة التي طرحها د.زيدان كيف الله يموت  ومن يحكم العالم اثناء موته فرددت عليه تعاليم الكنيسة وهو:

الله ياحبيبي لايموت فهو الذي يميت ويحي وفي يده كل مقادير العالم ان الله لايحد بمكان او زمان فنحن بعقلنا المحدود لانفهم معني موت المسيح الكفاري من اجلنا ان الله  حل في شخص المسيح بالتجسد ولله يملأ الوجود  وغير محدود فقط بجسد السيد المسيح المسيح مات بالجسد والنفس وروحه فارقته كأي انسان اما الروح القدس التي حلت في السيد المسيح لم تمت وهو جزء من اللاهوت الكلي  لله ووجود الروح القدس في الانسان المسيح لها رسالة محددة وهو تقديم الخلاص للبشرية كذبيحة حية الهية متجسدة ان المسيح لم يتأله بل الله هو الذي تأنس في شخص المسيح (كلمة من اله وروحه) في الحقيقة بعد ان اجيبت علي حفيدي واقتنع بعد اصغائه باهتمام ووجدت بشاشة علي وجهه علامة الرضي الناتج عن الفهم والاقناع وعندما اثير  اخيراهذا الموضوع في كتاب اللاهوت العربي استبشرت خيرا بمستقبل  حفيدي انه سيحصل يوما ما علي لقب الدكتوراه او الدال قبل اسمه ... ربما يكون في  نفس مجال دكتورنا  النابغة والذي وضعنا في سؤال محير ربما نفكر ان نترك ايماننا ونكفر بمسيحيتنا بعد ان اكتشف زيف ايماننا بعد 14 قرنا من الزمان والعالم كله في غيبة من هذه الاسئلة العبقرية  ( العبيطة) وهو لايعلم ان هذه الاسئلة رددها العوام قبله الذين كرروا نفس الاسئلة دون تشغيل العقل او البحث في كتب التفاسير او تفعيل الفكر ولو قليلا, اي انه لم يكن له  السبق في اكتشاف هذه الترهات فقد  سبقه العوام ..
 
يقول في هذا الصدد الراحل العظيم الانبا اغريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى -- دكتوراه الآداب والدراسات القبطية  من جامعةMANCHESTER  COPTOLOGY  إنجلترا --   في  موسوعته (الف 90 كتاب اضافة الي 42 كتاب دراسي )التي  نشرت باسمه بعد نياحته  :
ان تزول المسيح له المجد من السماء كان بتجسده الالهي من مريم العذراء ومع ذلك لم بخل السماء من وجوده . ففيما كان علي الارض كان في نفس الوقت ساكنا في السملء ويملأ بلاهوته الكون كله . وفي ذلك يقول له المجد "ما من أحد صعد الي السماء إلا الذي نزل من السماء , ابن الانسان الذي هو في السماء "يوحنا 13:3..اي انه فيما كان علي الارض ماشيا او جالسا كان أيضا بلاهوته في السماء علي العرش وفي كل الوجود وفي كل الكون .
ويضيف قائلا: واذا قلنا أن المسيح نزل من السماء فليس نزوله من قبيل نزول الانسان من الطابق الاعلي في بيته الي الطابق الأسفل فالانسان محدود ولايمكن أن يوجد في مكانين في وقت واحد . فإذا نزل من الطابق الأعلي الي الطابق الاسفل فقد أخلي الطابق الأعلي من وجوده . وليس كذلك الله , فان الله لايحل في مكان لم يكن كائنا فيه من قبل .فانه حال بلاهوته في كل مكان , ولايخلو منه مكان .إنما نزول المسيح من السماء . وحلوله علي الارض معناه انه وهو في جلاله ساكن السموات , تنازل واتخذ له جسدا . وصار له علي الارض كيان منظور في جسد انسان . فان كان المسيح قد نزل  بالنسبة للناس , إذ صار له علي الارض كيان منظور . أما في لاهوته فلم ينزل , لأنه كان ومازال كائنا في السماء وعلي الأرض ..... مثل وجوده علي الأرض مثل النور في المصباح, إنه في المصباح وخارج المصباح في آن واحد , ويملأ بدوره المكان . ولا يحصره ولا يحده المكان , في المصباح أو خارج المصباح . إن المسيح كان في الأرض  بتجسده , ولكن كان في السماء , وفي كل الكون . ولم يحجب ناسوته لاهوته إلا بالنسبة للبشر علي الأرض , حتي يعيشوا ولايموتوا   .
انه تجسد من أجلنا لكي يراه الناس ومن غير التجسد ماكان أن يراه أحد ويعيش .... ولقد تجسد لكي يحمل طبيعتنا فيطهرها ويقدسها ثم يصعد بها الي  السماء عند صعوده وعودته الي السماء التي نزل منها .

اما من ناحية انتظار مجيئه علي الارض اسوق لكم ولكل القراء الاتي :
  حينما احتدم الخلاف بين البشر , فلما تناقش الناس وتعارضوا وانقسموا واختلفوا قال  قال سقراط (470-399 ق.م) أحد كبار الفلاسفة في العصور القديمة : لاسبيل الي معرفة الحقيقة إلا اذا ظهر رب الحقيقة وأعلن ذاته للبشر .
تنبأ الشاعر الروماني فرجيل (71 -19 ق.م)  وهو أعظم شعراء روما ومؤلف ملحمة الالياذة وقال : العذراء عائدة الآن ....وينزل جسد انساني جديد من علا السماوات . وهذا يتحقق بميلاد طفل به ينتهي عصر الانسانية الحديدي, وبه يبدأ عصرها الذهبي .
وقد خاطب فرجيل هذا الطفل: قائلا من أجلك أيها الطفل تأتي الأرض بعطاياها طواعية , ومن دون حرث , ومن عهدك تنيعث الزهور المزمنة الحانية أما الحية فسوف تموت  .

وكان زرادشت (توفي عام 583 ق.م) وهونبي الفرس القديم وهو زعيم المجوسية في القرن السابق قبل الميلاد قد أخبر ذويه بظهور (المسيح الملك) وأمرهم بأن يحملوا  اليه قرابينهم عند ظهوره . وأنبأهم بأنه في آخر الزمان يكون أن بكرا تحبل بجنين من غير أن يمسها رجل . وعند ميلاده يظهر بالنهار كوكب , تري في وسطه صورة صبية عذراء , وأنت ياأولادي ستحسون بظهوره قبل جميع الامم . فاذا شاهدتم هذا الكوكب , فإذهبوا معه إلي حيث يقودكم , واسجدوا لذلك المولود , وقربوا إليه قرابينكم , فهو الكلمة مقيم في السماء .
ويعوزنا الوقت ونحتاج الي مساحات لنتكلم علي كل من تنبأ بمجئ السيد المسيح وماذكر فقط علي سبيل المثال وليس الحصر .. وناهيك علي نبوات العهد القديم  راجع دانيال  الاصحاح الثان ,سفر العدد اصحاح 24 ...... وفي العهد الجديد اعمال الرسل اصحاح 17 ,لوقا اصحاح2 , غلاطية 4 .......والكلام يطول
 
ولو بحث د. زيدان  في المخوطات القديمة بعين حيادية    وهو المتخصص في المخطوطات   وقرأ كتب التفاسير المسيحية القديمة والحديثة لاستراح  واراحنا وتصححت مفاهيمه الخاطئة  الذي لاتناسب علمه وثقافته المتسعتين ولا يكرر مايقوله    العوام  الجهلة الذين يحاولون التصيد ...فقد حدد  زيدان الله في حيز معين من خياله وحده .

ارجو ان تعرف  ان أقانيم اللاهوت الثلاثة متحدون في الجوهر واللاهوت، ولكل أقنوم كامل صفات اللاهوت، أي أزلي وأبدي وغير محدود كلي القدرة والعلم والسلطان والقداسة. ولكن الأقانيم متميـزون، أي أن لكل أقنوم بعـض أعمال خاصة لا نستطيـع أن ننسبها إلى الأقنومين الآخرين. فهناك تميز واتحاد ولكن ليس هناك امتزاج أي لا نستطيع أن نقول أن الابن هو الآب ولا الآب هو الابن، مع أن الابن والآب  جوهرواحد.
   وواضح جداً   أن أقنوم الابن هو الذي جاء إلى العالم متجسداً مرسلاً من الآب ليتم عمل الفداء بموته الكفاري على الصليب، فمكتوب "فِي هَذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا"(1يوحنا4: 10). و "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأبديةُ" (يوحنا 3: 16). "وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ  مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ" (غلاطية 4: 4). والابن يقول "خَرَجْـتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إلى الْعَالَمِ وَأيضاً أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إلى الآبِ" (يوحنا 16: 28). فالآب هو الذي أرسل الابن، وهو الذي بذله لأجلنا وهو الذي قدمه كفارة عن خطايانا. والابن هو الذي خرج من عند الآب، وهـو الذي جاء إلى هذا العالـم مولودا من عذراء، وهو الذي مات على الصليب حاملا قصاص خطايانا. ولا نستطيع أن ننسب إلى الابن ما اختص به الآب.   الذي تجسد هو أقنوم الابن(الكلمة) فقط. ولا يجوز أن نقع في هذا الخلط في الكلام أو في الصلاة، ولو عن طريق السهو. 

   والروح القدس جاء إلى العالم في يوم الخمسين مرسلاً من الآب والابن، جاء بلاهوته غير متجسد ليشهد للابن وليسكن في جميع المؤمنين بعد أن ولدهم ولادة ثانية في كل الأجيال وفي كل مكان في العالم وهذا دليل على لاهوته غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان.
  ومن اختصاص الابن أيضاً أن يدين الأشرار، الأحياء والأموات لأنه هو الذي أكمل الفداء على الصليب. ومما يبين هذا التميز بوضوح قول الوحي "الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن لكي يكرم الجمـيع الابن كما يكرمـون الآب"(يوحنا 5: 22).
   ومن سخف القول أن هذا التميز يعني انقساماً أو تجزيئاً في اللاهوت   لأن اللاهوت واحد غير محدود لا يدرك ولا ينقسم لأنه لا تركيب فيه. ولكن التميز هو في الأقانيم أو تعينات الله المتحدة في الجوهر بغير انقسام أو امتزاج. 

   ومن سخف القول أيضاً أنه إذا كان الله قد تجسد ونزل من السماء إلى هذا  او صلب ومات هل كانت السماء خالية في مدة التجسداو مدة الموت ثلاثة ايامومن الذي كان يدير الكون في تلك المدة؟ والخطأ كله يرجع إلى تطبيق ما للكائنات المحدودة التي تقع تحت حِسِّنا وبصرنا على الله غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان من الأزل وإلى الأبد، وبتطبيق أقيسة المحدود على الله غير المحدود.
فلو تساءل المسلم عن كيفية تعدد الصفات والأسماء في الذات الإلهية أو كيفية جلوس الرحمن على العرش حيث يؤكد الشيخ " ابن العثيمين" قائلا أما التعمق في الصفات وطلب ما لا يمكن العلم به فإن هذا من التكلف والبدعة ولهذا لما قال رجلٌ للإمام مالك يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى وكان هذا سؤالاً عظيماً وقع موقعه في الإمام مالك رحمه الله فأطرق برأسه وجعل يتصبب عرقاً ثم رفع رأسه وقال يا هذا الاستواء غير مجهول والكيف غير معلوم والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ...

السؤال عن الكيفية بدعة لماذا لأن الصحابة وهم أحرص منا على معرفة الله وأحرص منا على العلم وإذا سألوا. سألوا من هو أعلم منا بالإجابة لم يسألوا النبي  لم يقولوا يا رسول الله كيف استوى مع أنهم يسألون عن أشياء أدق من هذا لكنهم يعرفون رضي الله عنهم أن مثل هذه الأمور لا يمكن العلم بها ومثله الشيخ عبد الرحمن السحيم يقول مستشهدا بالسلف :
"وروى أيضا عن الوليد بن مسلم قال : سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات ، فقالوا : أمروها كما جاءت ، وفي رواية ، فقالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف . وكذاك قال الشافعي حكاه عنه البيهقي ." ولكن الكثير من المسلمين  ومنهم يوسف زيدان يعانون من بعض الأزمات الأخلاقية التي تجعلهم وفي معرض الهجوم على أديان أخرى يستحلون ما هو محرم في دينهم

  لايجدون أي حرج في الهجوم علي قضية الفداء والتجسد وعن كيفية التجسد المسيحي ويملأون الجو من السخرية مع أننا نملك ردا إسلامويا سهلا بأن"التجسد معلوم والكيف غير معلوم والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة"فما أسهل هذه الإجابة المالكية السريعة التي لا تغني ولا تشبع لكنها الطريقة الإسلامية في بلع كل شئ دون مضغه ، أوإخراجه دون هضمهويقول زيدان :... وفيها يستعرض تاريخ الديانة المسيحية من اول ظهور المسيح حتى ظهورالاسلام، ويركز على تاريخ كنيسة الاسكندرية القبطية الارثوذكسية باعتبارها معقلا للتشدد بل العنف والارهاب الديني منذ القرن الاول الميلادي حتى ظهور الاسلام وربما حتى اليوم،
تقول الحكمة :لا تكن مستكبرا بافكار قلبك لئلا تسلب نفسك فتاكل اوراقك وتتلف اثمارك وتترك نفسك كالخشب اليابس والي مقال آخر عن مدلول اللاهوت العربي

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ١٧ تعليق